في انجاز فريد.. معلم سوداني يدرس خمس كليات جامعية في نفس الوقت!!
شغفه بالعلم ومثابرته في العكوف على الكتب وتشجيع والديه، هذه وغيرها مثلت (شفرة) التفوق بالنسبة له. غرابة الحدث وروعة الانجاز وإمكانية تحقيق المستحيل، كانت وراء فكرة هذا الحوار خاصة فيما يتصل بجوانب الإبداع في مجال التعليم وضرورة تشجيع المتفوقين من الشباب في المجالات العلمية كافة، خاصة وأن الأمم كلها تتطور وتتقدم يوماً بعد يوم، لذلك اخترنا أن يكون ضيفنا في المساحة الشاب الأستاذ المهندس “زين العابدين محمد علي”، الذي يعمل بوزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم، وقد حقق انجازاً غير مسبوق، حيث درس خمس كليات جامعية في توقيت واحد وحصل على جميع شهاداتها بنجاح، فكيف تسنى له ذلك، هذا ما سنكشف عنه في التفاصيل.
{ أستاذ “زين العابدين” بداية نرجو أن نتعرف عليك؟
– ولدت في قرية بـ(النيل الأزرق) في منعرج يرسم لوحة بديعة في قلب الجزيرة اسمها (كمر العجب) في محلية الكاملين، حيث أسسها جدي العجب بملامح العز والاعتزاز بالنفس، وكون منها أنموذجاً للبساطة والطيبة، وفيه تشكلت أحلامي وطموحاتي، حيث قضيت طفولتي بين المزارع على (النيل الأزرق) وعلى شاطئه شرقاً وغرباً، وتعلمت السباحة والفلاحة (الزراعة والتيراب ونظافة الحشائش والسقاية)، وكان لـ(مشروع الجزيرة) دور كبير في تشكيلي.
{ مراحلك الدراسية؟
– تلقيت تعليمي الأولي بمدرسة (الشيخ موسى الابتدائية) بالقرية الأم (الحليلة الشيخ موسى)، وهنا لابد أن أتوقف بتحية حب وإجلال لأهل الحليلة الشيخ موسى الطيبين الرائعين، من على مسرح مدرستيها (بنين وبنات) بدأت تبين تطلعاتنا، وبتصفيق أهلها دعمت خطواتنا للأمام، ومن ثم انتقلت إلى مدرسة الكاملين المتوسطة (ب)، وبعدها المرحلة الثانوية بمدرسة الكاملين الثانوية العليا.
{ إذن حدثنا كيف درست خمس كليات جامعية في وقت واحد؟
– بداية شغفي بالعلم وحبي له ومعاقرتي المستمرة للكتب وحبي لجمع ومعرفة العلوم، كانت هي الدافع الأول كي أقرأ وأدرس بقدر ما أستطيع، وانتهز كل ما يسنح لي من فرص، وقد التحقت أولاً بـ(جامعة أم درمان الأهلية) ودرست بها (إدارة أعمال) بكلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، وبدأت آفاقي تتسع باتجاه التعليم الجامعي ومداركي تتوسع، ولأن كان هنالك يومان ليس بهما دراسة، فقد قررت أن أجلس لامتحان الشهادة الثانوية مرة أخرى لأنال حظي من التعليم الحكومي، فعلاً أحرزت نسبة أهلتني لدخول (كلية الهندسة جامعة السودان)، حيث درست بها (ميكانيكا غزل ونسيج)، ومن ثم قررت أن أدرس الإعلام وقد حدث ذلك فعلاً وتم قبولي بـ(جامعة أم درمان الإسلامية)، وفي نفس التوقيت قبلت بـ(كلية الآداب جامعة أم درمان الأهلية) (دبلوم ترجمة) ومن ثم تم تجسير هذا الدبلوم إلى بكالوريوس بـ(جامعة جوبا)، وكذلك التحقت بـ(الجامعة الإسلامية) كلية الشريعة والقانون، وبتوفيق من الله أكملت دراسة الخمس كليات ولم أعد بأية سنة دراسية، وقد كان هذا التوسع الأفقي خلال فترة واحدة.
{ ما سر توفقك في كل هذه الكليات؟
– رغم أنني درستها في وقت واحد، إلا أن توفيق الله سبحانه وتعالى ودعوات والدي كانت وراء هذا النجاح، بل كانت الشفرة التي فكت طلاسم هذا الانجاز الذي كان صعباً وقاسياً في المذاكرة المستمرة والحركة المتواصلة من جامعة إلى أخرى والمصاريف الزائدة، وقد كان كل ذلك خلال أربع سنوات دراسية وكأني أدرس في كلية واحدة، وقد ضحيت كثيراً في سبيل تحقيق ما أصبو إليه، وكنت أحياناً أجلس حوالي الـ (60) امتحاناً خلال فترة زمنية متتالية وأسهر الليالي الطوال من أجل ذلك.
{ ماذا كسبت من كل هذه الدراسات؟
– الكثير، فهي بلا شك كانت تجربة مفيدة وكبيرة، وقد فتحت آفاقي على العديد من العلوم، وساعدتني على أن أكون معلماً ملماً بتفاصيل الكثير من التخصصات العلمية، وقد أتاحت لي هذه الكليات فرصة الطواف على مختلف العلوم منها الاقتصادية والإدارية والاجتماعية والإعلامية والهندسية والقانونية والأدبية، ومكنتني من أداء دوري التربوي والتعليمي بصورة ممتازة وثقة زائدة، كذلك فقد طورت نفسي في مختلف المجالات التي درستها كالترجمة والإعلام والمزج بين الإدارة والترجمة والإعلام والقانون، التأليف والكتابة حيث استقبلت المكتبة السودانية مؤلفي (التعليم الفني في السودان – المشاكل ومقترحات الحلول) منذ فترة، والآن أعد للمرحلة الأخيرة في كتابي (أشواق الغرباء)، وقد كتبت العديد من سيناريوهات البرامج الإذاعية منها برامج أنتجتها إعداداً وتقديماً للإذاعة الطبية كـ(النضم الزين)،(مسارب النور) و(أشعار العشية)، والعديد من الكتابات الصحفية في التعليم والسياسة والصحة والزراعة والأدب والثقافة.
{ ما هو أجمل شيء في الانجازات التي حققتها؟
– الأجمل بل الأروع هو أن خلف هذا الانجاز أروع وأحلى والدين وهما أصحاب الفضل والدي محمد علي (ود العجب) ووالدتي إحسان العجب (بنت العجب)، وبدوري أهديهما حصاد هذا المشوار، وهو ثمرة صبرهما وجهدهما، والأجمل أن المشوار مستمر، وقد نلت قبل فترة الدبلوم العالي في التربية، ونلت الماجستير في الإدارة والتخطيط التربوي، والآن أتأهب للدكتوراه بإذن الله الواحد الأحد.