في الوقت الذي تتبارى فيه قياداتنا للمساعدة في ترتيب الأوضاع السياسية في دولة جنوب السودان، عبر تقريب الشقة بين الحكومة والمعارضة، ومن ثم النجاح في ذلك حتى إعلان تشكيل حكومة (سلفا – مشار).. تختنق المواقف في أكثر قضايانا الملحة الآن خطورة على الوضع الأمني والسياسي بالبلاد .. لا نقول ذلك بما يشبه الرفض من جانبنا لمد يد العون لأشقائنا في الجنوب، ونحن الذين لا زلنا غير معترفين أصلاً بأننا قد أصبحنا في الجنوب والشمال شعبين في دولتين منفصلتين عن بعضهما بعضاً، بل لا زلنا ننظر لإخوتنا في الجنوب كأشقاء لن تفلح الفواصل السياسية التي اختارتها النخب السياسية لمصيرنا الذي خططت له القوى الاستعمارية، وتلك العميلة التي لا زالت خادمة لمراكز الشر في العالم في أن تفصلنا ذلك الفصل الأبدي الذي لا رجعة عنه.. كلا لن يستمر ذلك، ولو طال الزمن، وسنعود ومن جديد يوماً لنقول إن وطننا يمتد من “نمولي” إلى “حلفا” رغم أنف من فعلوا بِنَا هذا .. ولكن فلنعد لاختناق قضايانا بمواقفها المتأزمة الآن فكيف نعجز ومع هذا الجهد الرائع في إحلال السلام في دولة جنوب السودان، أن نفشل في الوصول لحلول نهائية مع الحركات المسلحة، ومن ثم الشروع في إكمال هياكل الحكم الانتقالي، خاصة في تعيين المجلس النيابي الانتقالي (حتى بكل ما يشوبه من انتقادات في أهليته، بل وشرعيته في ما يراد له من مهام واختصاصات) وتعيين ولاة الولايات؟ .. هذا التأخير يبدو مريباً للغاية قياساً على ما تم من تفاهمات سابقة، ولأن الأمر عاد ليكون غامضاً، وفي حجرات مظلمة، لا نرى ما فيها، فحتماً ستنتابنا الظنون وتعصف بِنَا الشكوك من وجود ما يتم ( طبخه الآن) .. فما الذي يحدث؟ .. لماذا لم يتم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه مسبقاً؟.. الذي كان ينتظره الناس هو أن يكتمل الاتفاق مع هذه الحركات سريعاً ودون تأخير لتبدأ تلك الخطوات التكميلية.
ولكن ما يحدث الآن يشير إلى أن جميع الأطراف بدأ كل منها يحاول طبخ (طبخته) منفرداً، وهو ما يجعلنا في انتظار من ستنضج (حلته) أولاً، وكل ما نخشاه أن (تحرق) كل هذه (الحلل) وتحرقنا معاها .. والله يستر عليك يا وطن.