تقارير

ثلاث أولويات أمام المؤتمر: مؤتمر المانحين.. فرصة أخيرة لإعمار دارفور!!

زهاء العامين أو ينقصان قليلاً مرا على توقيع اتفاق الدوحة لسلام دارفور في الرابع عشر من يوليو (2011) بين الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة بقيادة “التيجاني سيسي”، لكن عملية السلام في دارفور تسير ببطء متناهٍ، وعمليات إعادة الإعمار وما دمرته الحرب التي دارت رحاها في الإقليم، والعودة الطوعية للأهالي بعد فرارهم بأعداد مهولة ولجوئهم إلى معسكرات النزوح في الداخل والخارج، وعمليات توفير العدالة وتوفير الأمن والمصالحات تمضي بثقل وتكاد أن تكون معدومة في بعض الأحيان، بسبب تلكؤ الحكومة في الإيفاء بالمستحقات المالية لسلام دارفور، خاصة المبلغ القاعدي المحدد بنحو (200) مليون دولار كدفعة أولى، فضلاً عن عدم تحديد السلطة الإقليمية لأولوياتها، ولم يلمس المواطن العادي أي تقدم في الإقليم، وتعوّل الحكومة والسلطة الإقليمية لدارفور بشدة على المؤتمر الدولي للمانحين المقرر عقده في العاصمة القطرية الدوحة يومي (7- 8) من أبريل المقبل لإحداث الإنعاش في دارفور من جديد.
ووفقاً لرئيس السلطة الإقليمية لدارفور “التيجاني سيسي”، الذي تحدث في مؤتمر صحفي في منبر وكالة السودان للانباء أمس، فإن السلطة الإقليمية والحكومة أعدت تحضيراتها لعقد المؤتمر الدولي للمانحين في الدوحة بعد أن تم تشكيل بعثة مشتركة من الطرفين، لتحديد ووضع الاحتياجات اللازمة للمتضررين، وتم تشكيل لجنة وطنية بقرار رئاسي برئاسة “السيسي” وتضم (5) وزراء اتحاديين و(5) وزراء ولائيين، فضلاً عن مشاركة شخصيات أخرى للتحضير الجيد للمؤتمر. وقال إن اللجنة قررت تشكيل لجان فرعية على رأسها لجنة التخطيط والتنسيق برئاسة “تاج الدين بشير نيام”، وتضم إلى جانب الحكومة والسلطة، البنك الدولي، المعونة الأمريكية، المعونة البريطانية لما وراء البحار، البنك الإسلامي للتنمية، الاتحاد الأوربي والبعثة المشتركة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة (يوناميد)، وبدأت اللجنة في عقد ورش في دارفور تخصص لأصحاب المصلحة، وورش أخرى على الحدود قرب تشاد لإشراك اللاجئين، بجانب ورشة أخرى في الخرطوم بغرض تحديد الاحتياجات. 
وحددت السلطة الإقليمية لدارفور- حسب “التيجاني سيسي”- ثلاث أولويات رئيسية ستدفع بها للمؤتمر الدولي للمانحين، عبر إعداد مسودة وثيقة ستقدم أمام المؤتمر تتمثل في إعادة البناء والإعمار، والحوكمة والعدالة والمصالحات، فضلاً عن مشروعات عمليات الإنعاش المبكر. كما تم تقسيم الاحتياجات إلى ثلاثة قطاعات، يمثل القطاع الأول قطاع البناء والإعمار لعودة النازحين واللاجئين إلى قراهم ومساكنهم التي هجروها، ويقول “السيسي” إن من أهم أولويات السلطة الإقليمية عودة النازحين، لكن قبيل العودة لابد من تهيئة الأجواء لعودة هؤلاء النازحين واللاجئين، والعودة لابد أن تكون مشروطة بتوفير الأمن والخدمات المتمثلة في الصحة والمياه والتعليم.. أما القطاع الثاني فهو حكم القانون والإدارة المالية والميزانية وتوفير الأمن.. والثالث هو قطاع الإنعاش الاقتصادي الذي يشمل إدارة الموارد الطبيعية وإشراك القطاع الخاص لتطوير الحياة الريفية. ويشير “السيسي” إلى أن تقديرات الأموال التي ستُرصد خلال المؤتمر قُدرت بنحو (7) مليارات دولار. ويضيف إن اللجنة الوطنية قررت إرسال وفود إلى الخارج للترويج للمؤتمر، وزارت الوفود عدداً من الدول في أوروبا وآسيا ودول الخليج، وهناك وفد سيتوجه إلى أمريكا، وقد قدمت تلك الوفود دعوات غير رسمية لتلك الدول على أن ترسل لها الدعوات الرسمية خلال الأسبوع المقبل. وأعرب “السيسي” عن أمله في أن تفضي التحضيرات التي تمت إلى أن يُحدث المؤتمر نقلة نوعية جديدة في الإقليم خاصة في مجال التنمية الاقتصادية، ويرى أن القضية في دارفور أصبحت قضية تنمية اقتصادية.
وحول كيفية إدارة الأموال المتوقعة من المؤتمر الدولي للمانحين، كشف “السيسي” عن تشكيل آلية من قبل المانحين أنفسهم خلال المؤتمر لضمان متابعة الأموال المتوقعة والمقدرة بنحو (7) مليارات دولار وإنزالها في شكل مشروعات على الأرض، وقد قدمت السلطة والحكومة نموذجاً وآلية لإدارة أموال المانحين، لكن الأمر برمته متروك في النهاية للمانحين أنفسهم، ولن يدفع شخص أو دولة مليماً واحداً دون معرفة أين سيتجه وفي ماذا سيُصرف هذا المبلغ. ويشير إلى أن معظم ما لمسوه من خلال الجولات الخارجية للوفود الحكومية ووفود السلطة التي شرعت في الترويج للمؤتمر، هو قضية مدى التزام الحكومة بما عليها من مبالغ مالية تجاه سلام دارفور، فضلاً عن الأذونات التي ستمنحها الحكومة لدخول المنظمات الدولية لدراسة الأوضاع وتقييمها على الأرض. وقال “السيسي” في رده على سؤال حول إذا عزف المانحون عن الالتزام بالدفع فما مصير اتفاق الدوحة.. هل هو الانهيار والفشل؟ قال: ستلجأ الحكومة والسلطة حال عزوف المانحين عن دفع التزاماتهم المالية إلى الاعتماد على الموارد المحلية لتحقيق التنمية في إقليم دارفور (ما يأخذ وقتاً طويلاً).
ويرى “السيسي” أن هنالك تحديات ما تزال تواجه السلطة وضعها المانحون للإيفاء بالجوانب المالية، ويتعين على الحكومة والسلطة الإيفاء بها، تتمثل في منح الأذونات للمنظمات العاملة في دارفور، بجانب إيفاء الحكومة بما يليها من المبلغ القاعدي المحدد بـ(200) مليون دولار.
وفي الشأن ذاته، يقول وزير الإعمار والبنى التحتية “تاج الدين بشير نيام” إن الحكومة أوفت حتى الآن بالمبلغ القاعدي، وإن مبلغ الـ(200) مليون جنيه حالياً تحت تصرف السلطة الإقليمية، وهو الآن مودع لدى بنك أم درمان الوطني، وهنالك نحو (40) من المنظمات الدولية وشركاء التنمية في دارفور سيشاركون في المؤتمر، وسيكون هناك اجتماع موسع مع النائب الأول في الحادي عشر من الشهر الحالي لتقديم بدائل ومقترحات للمانحين.
ويذهب والي وسط دارفور “يوسف تبن” في نفس اتجاه سابقيه، بأن درافور عانت خلال العشرة أعوام الماضية من ويلات الحرب وآن الوقت ليرتاح مواطنوها، وأعلن عن عودة (43) ألف أسرة نازحة خلال الموسم الزراعي السابق ليتمكنوا من زراعة مليون فدان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية