حوارات

القيادي الاتحادي “علي السيد” في حوار الفضاءات الشائكة

لدينا القدرة على إبطال مفعول الاختراقات في حزبنا

السيد “محمد عثمان” سيكون آخر المراغنة في زعامة الاتحاديين إذا لم..
التجمع الاتحادي المعارض (كرباج) كيان الوسط ولا يمثل حركة تجديدية

ملء الفراغ يمثل سانحة “إبراهيم الميرغني” في تحقيق طموحاته المخبوءة

أجرى الحوار – عادل عبده

مقدمة:
لم أتصور أن يكون مستوى الإفادات الملتهبة التي كسرت المسلمات والحواجز من جانب الدكتور “علي السيد” القيادي الاتحادي في هذا الحوار الجريء تصل إلى مستوى منطقة الفضاءات التي تصم الأذان، وتقتحم الحصون، وتتجاوز الأعماق السحيقة، بعد أن وجدنا رغبة صادقة عند الرجل في إطلاق الآراء المذهلة والشفافة التي يرى أنها موجودة في صدور بعض منسوبي الحزب، غير أنه تنقصهم الشجاعة في إطلاقها.. وإذا كان أجمل ما في الطفولة براءتها، فإن أعظم في ما الإفادات الصحفية إزالة غطاء الخوف والنفاق من سطورها.
في هذا الحوار يتحدث الدكتور “السيد” عن مصير السيد “محمد عثمان” في زعامة الاتحاديين خلال المستقبل مشروطاً بالحجة والمنطق، ويتناول أيضاً خلافات الشقيقين “جعفر” و”الحسن” وطموحات “إبراهيم الميرغني” المخبوءة في القيادة والاختراقات في الحزب، فضلاً عن إضاءة المصابيح عن التجمع الاتحادي المعارض.. اللقاء مع الدكتور “علي السيد” كان موجعاً ومفتوحاً على الفضاءات الشائكة، وكانت إجاباته قوية متلبسة ملامح الإصرار وعدم التردد.
{ هل تعتقد أن الاتحادي (الأصل) قد نجح في المحافظة على قواعده العريضة طيلة سنوات الإنقاذ التي حفلت بالمشاركة الحزبية ومرور المياه الكثيرة تحت الجسر في الساحة السودانية؟
– الحزب كان شعلة متوهجة قبل مجيء الإنقاذ، فقد كان مشاركاً في الديمقراطية الثالثة، وزادت مكانته في الشارع عندما تولى السيد “محمد عثمان” قيادة التجمع المعارض، ثم جاءت محطات الحوار مع الإنقاذ والدخول في قطارها.. الشيء الذي أدى إلى ابتعاد البعض، باعتبار أن الخطوة لا تتماشى مع إرث الحزب، في حين ظل أصحاب الانتماء الوجداني في الطريقة الختمية وثلة من الاتحاديين في صفوف الاتحادي (الأصل)، فالمشاركة لم تسحب العضوية الكثيفة، لكنها أدخلت حزبنا في تجربة قاسية، ورغم ذلك فإن الاتحادي (الأصل) مازال صاحب أكبر عضوية في كيان الوسط الكبير، بينما تظل الأجسام الأخرى التي تحمل المسميات الاتحادية مثل البرك المائية المتقطعة.
{ = طيب = هل مازال الاتحادي (الأصل) حزباً جاذباً في المشهد السياسي عطفاً على إفادتكم؟
– حزبنا يمر الآن بمرحلة دقيقة ومنعطف حساس يمشي على الأشواك والزجاج المكسور في ظل عاصفة عاتية وهو حافي القدمين، مما يدل على أن جاذبية الحزب ترقد على الأطلال عندما كان كبيراً ومهاباً وقوته كانت تحسها كل البيوت، لكن الأمل والعشم ما زال يجري في عروقنا من أجل عودة مجدنا التليد وبأسنا الأشم.
{ = دكتور “علي السيد” = تلاحظ ظهور النشاط الواضح في حزبكم عندما يكون السيد “جعفر الميرغني” موجوداً بالداخل وتتلاشى هذه الأشياء بمجرد ذهابه إلى القاهرة؟
– = يجيب بعد تفكير = هذا صحيح.. وقد لا يكون هذا الوضع مقبولاً من الناحية التنظيمية والاعتبارية زائداً تأثيره على هيبة الحزب.. وربما يكون للسيد “جعفر” الظروف التي تحتم عليه الحضور للخرطوم في أيام معدودة والمكوث في القاهرة لفترة زمنية طويلة، ومهما يكن فإن هذا الوضع يجعل الحزب في حالة بيات شتوي، ويكون عاجزاً عن مواكبة دقات الساعة في المسرح السوداني.
{ = مقاطعاً = لكن يقال إن هنالك مقترحاً قدمه القيادي بالحزب “الزين العوض” يقضي بتعيين نائب ثانٍ في الاتحادي (الأصل)، حتى يتسنى انسياب النشاط الحزبي عندما يغيب السيد “جعفر”؟
– يجيب بسرعة = هذا مقترح يحمل مقومات الوجاهة والمنطق نتمنى أن يعبر جميع المطبات الهوائية والعوائق الصلبة.
{ تصادم الشقيقين “جعفر” و”الحسن الميرغني” ما هي أسبابه، وما هو مدى توفر عوامل المصالحة بينهما؟
– الخلاف بين الشقيقين أصلاً موجود منذ فترة طويلة، غير أنه ازدادت وتيرته عندما قرر مولانا السيد “محمد عثمان” تعيين السيد “جعفر” نائباً له، الشيء الذي لم يجد استجابة من السيد “الحسن”.. والواضح ما بين الشقيقين منازلة عاتية على الإرث من يكون زعيم الحزب في المستقبل.. وقد كانت هنالك مبادرة تصالحية بينهما من الدكتور “جعفر أحمد عبد الله” و”هاشم عمر الكوارتي” لكنني لا أستطيع التكهن إلى أين وصلت.
{ هل تعتقد أن تحكُّم آل “الميرغني” في قيادة الاتحادي (الأصل) سوف يندثر أمام الخطوات المبنية على مفاهيم العصر والحداثة؟
– هنالك بعض الشباب في الحزب يعتقدون أن وجود آل “الميرغني” في قيادة الحزب في هذا العصر ربما يشكل معوقاً في انطلاقه إلى الأمام ويضعه في خانة التقوقع والكساح وأن الأبوية في السياسة قد انتهى زمنها، غير أنني لا أريد مجاراة هذه الآراء التي لا تنظر إلى ما وراء فوائد ومزايا آل “الميرغني” في الحزب وبذات القدر أرى أن تواجه هذه الآراء بالحجج والمقارعة المنطقية.
{ = على ذكر هذه الآراء الحادة = هنالك من يرى بأن السيد “محمد عثمان” سيكون آخر المراغنة في زعامة الاتحاديين؟
– يجيب بعد صمت ربما تكون هذه الإجابة لها مدلول، إذا ارتج ميزان القيادة الحكيمة والمسؤولة في المستقبل على أنجاله سيما السيد “جعفر” والسيد “الحسن” وفي حالة انفلات بوصلة الحكمة والهالة السياسية على أبنائه سيكون الطريق أمام زعامة المراغنة في وضع معقد وقد يكون السيد “محمد عثمان” آخر زعماء الحزب في البيت الميرغني بناء على غياب من يستلمون رايته من ناحية الكفاءة السياسية والتماهي مع متطلبات العصر وإعمال الليبرالية والحداثة في الحزب.
{ إذن أنت ربطت استمرار زعامة (البيت الميرغني) للاتحاديين على قدرة أبناء السيد “محمد عثمان” في استلام الراية بشكل مسؤول ومشرف في المستقبل؟
– يقول بثقة = هذه هي التقديرات المنطقية والطبيعية عند القاصي والداني، وأنا لم آتِ بشيء جديد، والكل يعلم أن مسألة توريث أبنائه للقيادة قضية مثبتة مثل وجود الطائر الفرعوني في العلم المصري، حيث إنني اشترطت بقاء المراغنة في قيادة الحزب بقدرة من يحملون الراية من بعده على الاستعداد القوي والقدرة السياسية الهائلة والالتزام بالخط التاريخي لكيان الوسط الكبير، ولم أحاول التنكر والهجوم على (البيت الميرغني) الكريم.. وأضيف: نحن الآن في عالم متغير أصبحت فيه التحولات في عالم السياسة متسارعة على كسر من الثانية، وتحمل قاموساً واقعياً و(براغماتياً) لا يعرف التدليس والانتظار.. ومن يهدر الفرصة سوف يتم تجاوزه في الحال.. وما وجده السيد “محمد عثمان” من قبول وتفهم وتبجيل لن يجده القادمون في هذا العصر.
{ ربما يتفهم البعض بأنك لا تحبذ استمرار (بيت المراغنة) في زعامة الاتحاديين؟
– = يجيب لا وألف لا = هذا فهم بعض الحواريين الذين يدركون ما أقصده ويعرفون حقيقته، لكنهم في العلن لا يقولون ذلك من باب الرياء والانتهازية وهم آفة حزبنا.. أنا أعلم حاجة الحزب للمراغنة كزعامة تاريخية وكاريزمية وحلقة ربط محورية في الحزب.. لكنني أحدق في الأفق البعيد واضعاً تذكرة تحرض الوارثين على تحمل الراية الثقيلة، حتى لا ينقطع الحبل الممدود وستكون مسؤوليتهم أمام التاريخ إذا فرطوا في ذلك، والتاريخ لا يرحم الذين لا يحافظون على صولجانهم الذهبي.
{ = طيب = ما هي أقوى نقطة في السيد “الحسن” وأيضاً ما هي أقوى نقطة في السيد “جعفر”؟
– يقول = أقوى نقطة في “الحسن” أنه رجل تنفيذي خفيف الحركة إذا اقتنع بالفكرة، وأيضاً يتخذ القرارات على جناح السرعة بغض النظر عن النتائج التي تفرزها.. وأما السيد “جعفر” فهو مستمع جيد وصدره واسع ويقبل ما يتم الاتفاق عليه.
{ هل يمكن أن نعرج صوب السيد “إبراهيم الميرغني” الذي يقال إن له طموحات كثيرة مخبوءة في ساحة الاتحادي (الأصل)؟
– يصمت ثم يجيب = السيد “إبراهيم الميرغني” يركز بشكل كثيف على الشرق، ويحمل طموحات جامحة من وراء ظهره، ويتحدث عن إمكانية قيام حزب حديث، ولا ينكر أحد ثقافته العالية، وأعتقد أن حظوظه في قيادة الحزب في المستقبل ترتكز على ملء الفراغ الذي يعرفه السيد “إبراهيم” نفسه.
{ في ساحة الاتحاديين يوجد بشكل ملفت التجمع الاتحادي المعارض.. هل تعتقد بأن هؤلاء يمكن أن يشكلوا خطورة على الاتحادي (الأصل)؟
– يفكر قليلاً ثم يقول = الحركة الاتحادية هي على شاكلة قوس قزح مليئة بالألوان والتصنيفات والمدارس المختلفة، وقد يكون التجمع الاتحادي المعارض يمثل يسار كيان الوسط الكبير، وهم راديكاليون مستنيرون وخيالهم جامح وحركتهم دءوبة وحماسهم منقطع النظير وألسنتهم حادة على الآخرين في الحركة الاتحادية، وقد يمثلون شحنة تعبئة عصرية وحديثة في باحة الاتحاديين، وقد يعبرون عن ظاهرة ربما تنخفض وتيرتها رغم الحاجة إليهم، وأيضاً ربما ينحصر دورهم بشكل ثابت في محاربة المدرسة الاتحادية القديمة، لكنني لا أعتقد أنهم يشكلون خطورة واضحة على الاتحادي (الأصل) رغم كبوته فهو يتسلح برحيق متجذر إلى جانب أنه يمثل كتلة صماء.
{ هل يمكن اعتبار هؤلاء هم حملة التجديد في باحة الاتحاديين العريضة؟
– هم أقرب إلى الكرباج الذي يحارب القوة التقليدية في الوسط الاتحادي الكبير بلا هوادة.
{ د.”علي السيد” أنت محبط و”البخاري الجعلي” يستقيل ثم يعود ثم يغيب، و”حاج ميرغني عبد الرحمن” ينتظر البعث القادم في الحركة الاتحادية، والحكيم “طه علي البشير” قليل المشاركة الحزبية و”محمد إلياس محجوب” يقاطع الاجتماعات الحزبية.. ماذا جرى للاتحادي (الأصل)؟
– يقول = كل هؤلاء لهم أسبابهم المنطقية التي تولد عنها تصرفاتهم.. نحن نعيش في مرحلة المخاض العسير، متمنين أن لا ندخل في نقطة الفوات التاريخي.
{ تدور تسريبات كثيرة في الفضاءات حول وجود من يخترق حزبكم بهدف خدمة أجندة ترتكز على ضرب خصوصيته واستلاب خطه الأيديولوجي في المسرح السوداني؟
– يجيب: الاختراق صار ثمة طبيعية في الأحزاب السياسية خصوصاً في هذا العصر، وقد يكون حزبنا بوصفه بوابة مفتوحة، ووادياً منبسطاً من أكثر الأحزاب والتنظيمات السياسية عرضةً للاختراق والغواصات، وفي تقديري أن هذه البضاعة الرديئة في حزبنا مقدور على إبطال مفعولها وسمومها من ناحية الأشخاص والأجندة، ولدينا عيونٌ لا تتثاءب.
{ هل يمكن أن نبحر أكثر من ناحية الأجندة والشخوص؟
– يجيب بسرعة = قد لا يكون من المقبول الإجابة على هذا السؤال.
{ كيف يمكن أن تصف مجموعة من قيادات الاتحادي (الأصل) وهم يتحركون مع السيد “جعفر” في زياراته على شاكلة (كنفوي) بشر هائل؟
– عقلية الاتحاديين مفتونة بالزعامة، كما قال “الشريف حسين الهندي” وهذه المقولة تزداد واقعية عندما يتحرك هؤلاء في معية السيد “جعفر”.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية