بعد انقطاع دام (35) عاماً ألمانيا تبعث برئيسها إلى الخرطوم .. تفاصيل الزيارة
انحنى أمام علم السودان
“فرانك فالتر” ناشد المجتمع الدولي مساعدة السودان والوقوف بجانبه
“البرهان”: زيارة “شتاينمار” بداية حقيقية لعودة السودان إلى حظيرة المجتمع الدولي
“حمدوك”: السودان بلد غني لا يحتاج للهبات والعطايا وإنما نطمح مع الألمان لبناء شراكات فاعلة
الخرطوم ـ محمد علي كدابة
بعد قطيعة استمرت ثلاثة عقود ــ أي ما يقارب الـ(35) عاماً ــ من تدهور العلاقات السودانية الألمانية توقف بموجبها التعاون والتبادل الاقتصادي وصل البلاد أمس، رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية “فرانك فالتر شتاينمار” إلى مطار الخرطوم، وكان في استقباله رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن “عبد الفتاح البرهان”، ويعتبر “فرانك” أول رئيس أوربي يزور البلاد بعد سقوط النظام السابق، وبرفقته وفد رفيع المستوى التقى خلال زيارته الرسمية التي تستغرق يومين رئيسي مجلسي السيادة والوزراء، وبحث معهما القضايا الوطنية المهمة، وسبل تعزيز العلاقات المشتركة بين البلدين.
الرئيس الألماني ينحني أمام علم السودان
وانحنى رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية “فرانك فالتر شتاينماير” أمام العلم السوداني خلال مراسم وصوله مطار الخرطوم الدولي صباح (الخميس).
ووصل “فرانك” على رأس وفد رفيع المستوى، في زيارة تستغرق يومين، التقى خلالها رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن “عبد الفتاح البرهان”، ورئيس الوزراء “عبد الله حمدوك”، وكان في استقباله بمطار الخرطوم رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن “عبد الفتاح البرهان” وعدد من الوزراء والمسؤولين بالدولة. وترأس الرئيسان الفريق “البرهان” و”فرانك فالتر” بالقصر الجمهوري جلسة مشتركة، ناقشت العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها خلال الفترة المقبلة.
انفتاح في العلاقات
وتعد زيارة الرئيس الألماني للبلاد انفتاحاً كبيراً في العلاقات بين السودان وألمانيا، وتتويجا للتعاطي الألماني مع السودان في فترة ما بعد ثورة ديسمبر المجيدة.
اهتمام عالمي
حظيت زيارة الرئيس الألماني للسودان باهتمام عالمي كبير حيث إنها تعتبر الحدث الأبرز بعد التحول الذي حدث في العلاقات الخارجية مع الاتحاد الأوروبي والسودان، ومن بينها ألمانيا. وتأتي الزيارة عقب قرار رفع الحظر الاقتصادي بعد أن صوت البرلمان الأوروبي برفع الحظر الاقتصادي، وأعقب ذلك زيارة لوزيري الخارجية والتعاون التنموي .
مشاهدات
الساعة الواحدة قبل الظهر كان موعد وصول الرئيس الألماني “شتاينمار”، وحطت طائرته رحالها في مطار الخرطوم قادماً من دولة كينيا، ويعتبر السودان المحطة الثانية في زيارته الحاليه لدول شرق أفريقيا التي تستمر فترة (5) أيام، وعند وصوله استقبله “البرهان”، وقبل التحية انحنى للعلم السوداني ووجد هذا تداولاً واسعاً في سائط التواصل الاجتماعي، واحتفل بها العديد من النشطاء، واعتبروه نوعاً من الوفاء للعهد الذي قطعته ألمانيا بتعزيز العلاقات بين البلدين، ولم يقتصر الاحتفال بزيارة “شتاينمار” إلى الجهات الرسمية، وإنما شكل بعضاً من شباب السودان لوحة زاهية نالت إعجاب الكثيرين، بعد أن جمعوا عدداً من السيارات ماركة (الفلكسواجن) الألمانية بعد أن وضع عليها العلم الألماني وجابوا بها أثناء تحرك موكب الرئيس الألماني عندما شاهد سيارات (الفلكسواجن) كسر البروتكول والتقط صوراً من أمام هذه السيارات مع شباب المبادرة، وأثارت هذا السيارات ردود أفعال واسعة تأكيداً لجودة الصناعة الألمانية، وأهميتها في السودان، وأملاً في التعاون الاقتصادي لتطوير البلاد.
مسار العلاقات الثنائية
وكان أول لقاء لـ”شتاينمار” مع رئيس مجلس السيادة الفريق أول “عبد الفتاح البرهان” بالقصر الرئاسي، وعقد جلسة مباحثات مشتركة ناقش من خلالها مسار العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل دعمها وتطويرها في الفترة المقبلة، كما بحث مع رئيس الوزراء د.”عبد الله حمدوك”، العلاقات المشتركة وسبل تطويرها.
وتعد زيارة الرئيس الألماني إلى البلاد انفتاحاً كبيراً في العلاقات بين السودان وألمانيا، وتتويجاً للتعاطي الألماني مع السودان في فترة ما بعد ثورة ديسمبر 2018م.
دعم التحول السياسي
الرئيس الألماني “فرانك فالتر شتاينماير” أكد استعداد برلين لدعم التحول السياسي في السودان. وقال خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس مجلس السيادة ، واستعداد بلاده لدعم عملية التحول السياسي في السودان.
وقال “شتاينماير” إننا ندعم عملية التغييرات السياسية، إننا على وعي بصعوباتها، ونأمل في نجاح كبير لهذه التغييرات.
وناشد الرئيس الألماني المجتمع الدولي مساعدة السودان، وقال: (يجب أن يعترف العالم بأنه يتعين عليه الوقوف إلى جانب السودان).
وفي حديثه في المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس مجلس الوزراء “عبد الله حمدوك” أكد استعداد بلاده لدعم عملية السلام في السودان ومتابعة تنفذها في المستقبل بكل ما يمكن وعبر الشركاء.
معالجة السلم الداخلي
وقال إن هناك تحديات اقتصادية وسياسية تواجه السودان يجب التغلب عليها، وشدد على أهمية معالجة موضوع السلم الداخلي والمجتمعي، مشيراً إلى أنه تحدث خلال الزيارة عن محادثات السلام، معرباً عن أمله في أن يتم التوصل إلى سلام دائم. وقال الرئيس الألماني إنه متفائل رقم التحديات الهائلة بتجاوز السودان لها، واتخاذ خطوات نحو الديمقراطية، ممتدحاً شجاعة السودانين في تحدي الصعاب ورفض الظلم والاطاحة بالنظام السابق
“البرهان” يطلب المساندة
رئيس مجلس السيادة “البرهان” اعتبر الزيارة بمثابة البداية الحقيقة لعودة السودان إلى حظيرة المجتمع الدولي. وقال إنه تباحث مع الرئيس الألماني في كثير من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك والتعاون المستقبلي والدعم الألماني المطلوب للسودان، بجانب المساندة الألمانية لإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، والمساعدة في تحقيق السلام في السودان. ووصف “البرهان” زيارة “شتاينماير” بأنها “إشارة قوية”. وأكد قائلاً: (إننا نسعى أن نكون شركاء مع ألمانيا ومع الاتحاد الأوروبي). وطلب الدعم كي يتم حذف بلاده من قائمة الولايات المتحدة للدول التي ترعى الإرهاب .
لقاء مجلس الوزراء
كما عقد الرئيس الالماني لقاءً آخر مع رئيس مجلس الوزراء أعقبه مؤتمر صحفي مشترك، قال من خلاله رئيس الوزراء د.”عبد الله حمدوك” إن زيارة الرئيس الألماني للسودان تعد تتويجاً للعلاقات السودانية الألمانية الراسخة التي امتدت منذ خمسينيات القرن الماضي، إبان حقبة الاستقلال. وأوضح “حمدوك” في المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس الألماني بمجلس الوزراء أمس، أن السودان ينظر بكثير من التقدير لمستوى التعاون بين البلدين، مشيراً للزيارات المتبادلة بين المسؤولين في البلدين، منوهاً إلى زيارة وزير الخارجية الألماني للسودان، وكذلك زيارة وزيرة التعاون التنموي الألمانية، بجانب زيارته لألمانيا التي التقى خلالها المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” على هامش مشاركته في مؤتمر ميونخ للأمن. وقال رئيس الوزراء إن المانيا قدمت الكثير من المساعدات للسودان، حيث افتتحت أول مركز في مجال التدريب المهني في العام ١٩٥٧م وقامت بدعم التلفزيون السوداني في العام ١٩٦٢.
“حمدوك”: الزيارة تؤسس لعلاقة متينة
وأبان “حمدوك” أن زيارة الرئيس الألماني تؤسس لعلاقات متينة بين الشعبين، منوهاً إلى دعم ألمانيا لعملية التغيير التي تمت في السودان، وذلك لبناء نظام ديمقراطي راسخ يحقق الرشد للممارسة السياسية.
خياران للتغيير
وعن التغيير في السودان قال “حمدوك” إن التغيير الذي حدث في السودان تغيير جذري وعميق، باعتبار أنه شمل كل أنحاء السودان. وأوضح “حمدوك” أنه اتسم بالعمق والثراء والاستمرارية، لذلك ليس هناك خوف على الثورة السودانية، مؤكداً أنها محروسة بالقوى الحية من أبناء الشعب السوداني. وأضاف قائلاً: (أمامنا خياران خلال هذه المرحلة الانتقالية، إما العبور بنجاح أو العبور بنجاح). وقال إن التغيير الذي حدث خلق مناخ وأمل لدى الشعب السوداني وللإقليم حيث إنه جاء في أجواء مضطربة ومليئة بالتحديات.
النموذج السوداني
وأبان رئيس الوزراء أنه (يحق لنا أن نتحدث عن النموذج السوداني في التغيير الذي يقوم على الشراكة بين المدنيين والعسكريين، وذلك لوضع لبنات أساسية لبناء نظام ديمقراطي قوي في السودان).
وأضاف “حمدوك” أن السودان بلد غني لا يحتاج للهبات والعطايا، وإنما يطمح لبناء شراكات فاعلة مع كل الدول ومن بينها ألمانيا، مبيناً أن الشراكة السودانية الألمانية تقوم على العمل المشترك خاصة في القطاع الخاص.
وأشار إلى أن السودان في حاجة لقطاع خاص جاد يدفع بمسيرة التنمية الاقتصادية في البلاد من خلال الاستفادة من الموارد الاقتصادية التي يتمتع بها السودان، مبيناً أن الاستثمار في القطاع الخاص هو الذي سيخرج السودان من التحدي الاقتصادي الماثل، مشيراً الى الإمكانيات الضخمة التي تزخر بها البلاد في القطاع الزراعي والحيواني والقطاعات الحيوية الأخرى. وأضاف: (منذ الاستقلال لم نتمكن من استثمار مواردنا الزراعية)، داعياً إلى ضرورة ارتباط التصنيع بالقطاع الزراعي حتى يتم تحقيق فوائد اقتصادية تعود بالمنفعة على الاقتصاد الوطني).
وأبان “حمدوك” أن السودان وألمانيا اتفقا على العمل في مجالات الطاقة والكهرباء، والتدريب المهني، وبعض المجالات الأخرى، فضلاً عن بعض المشروعات الكبرى التي كانت محل نقاشٍ بين البلدين.
هيكلة الجيش والأمن .
وفي رده على سؤال أحد الإعلاميين الألمان عن هيكلة الجيش والمؤسسات الأمنية، قال إن هيكلة الجيش والمؤسسات الأمنية ضرورية وأساسية، وهي واحدة من أجندة الانتقال المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية التي تحكم مؤسسات الحكم الانتقالي.
وأوضح “حمدوك” أن المساعي الجارية حالياً لتحقيق السلام في جوبا تقتضي هذا العمل، باعتبار أن الحوار في جوبا يستصحب محور الترتيبات الأمنية الذي يعالج وضع قوات حركات الكفاح المسلح، مبيناً أن ذلك يتيح الفرصة لمعالجة الإصلاحات الهيكلية في المؤسسات الأمنية والعسكرية في البلاد التي تضم الجيش، وجهاز المخابرات، والدعم السريع والشرطة.
حق التظاهر السلمي
وأبان رئيس الوزراء في رده على أسئلة الصحفيين أن حق التظاهر السلمي حق مشروع ومنصوص عليه في الوثيقة الدستورية، معرباً عن أمله في أن يتكاتف الجميع من أجل بناء السودان. وأضاف: (مكاتبنا مفتوحة أمام الكل ونتقبل كل أشكال التعبير)، معرباً عن أمله في المحافظة على السلمية التي اتسمت بها ثورة ١٩ ديسمبر المجيدة التي أدهشت العالم بتماسكها وسلميتها.
آفاق التعاون
وأشار إلى أن اللقاء مع الرئيس الألماني تطرق لآفاق التعاون بين السودان وألمانيا وسبل دفعها وتطويرها لخدمة المصالح المشتركة لشعبي البلدين، بجانب الأوضاع الاقتصادية ومحادثات السلام. وأكد أنه تناول أيضاً مسألة إعفاء ديون السودان الخارجية، مؤكداً أن هذه القضية تقف أمامها العقوبات الأمريكية المفروضة على السودان التي تحد من أي تقدم في قضية الديون، مبيناً أن هذه العقوبات هي تركة (٣٠) عاماً خلفها النظام البائد. وقال رئيس الوزراء إن الدور الرائد الذي تلعبه ألمانيا في القارة الأوروبية وعلاقاتها الوطيدة مع المجتمع الدولي سيساعد السودان في معالجة هذه القضية.