كتم الأنفاس
رئيس الوزراء الدكتور “عبد الله حمدوك” حبس أنفاس الكثير من المواطنين عندما أعُلن على تلفزيون السودان ووسائط التواصل الاجتماعي يوم (الجمعة) عن خطاب مهم للرجل، استمر انتظاره لأكثر من خمس ساعات، وفقد بعدها “حمدوك” أغلب من كان في انتظاره، واختاروا الخلود للنوم، وعندما حل منتصف اليوم التالي، حل رئيس الوزراء، ضيفاً على الفضائية لإلقاء خطابه، والجميع يتساءل ما الذي يود الرجل الحديث عنه بصفته الدستورية، وقبل يوم واحد أصدر مجلس الوزراء الذي يترأسه بياناً عن الأحداث التي صاحبت مليونية رد الجميل يوم (الخميس)، وانتقاده لتعامل الشرطة مع المتظاهرين بالقوى المفرطة على حد ما وصف البيان الذي صاغه الناطق الرسمي باسم الحكومة “فيصل محمد صالح”، قد ذهب البعض أن “حمدوك” سيصدر قراراً يستجيب فيه لمطلب تجمع المهنيين بإقالة وزير الداخلية ومدير عام الشرطة ومدير شرطة ولاية الخرطوم على خلفية الأحداث، ومضى البعض عندما تطاول الوقت في الانتظار أن “حمدوك” سيعلن اعتذاره للشعب السودان ويقدم استقالته، ولكن الأمر تجاوز كل هذه التكهنات، ولم يأتِ البيان الموجه للأمة السودانية بجديد، ربما أعاد ما صدر من بيان في جزئية تشكيل لجنة تحقيق في الأحداث برئاسة النائب العام، خيبة أمل كبيرة كانت حصاد انتظار خطاب رئيس الوزراء، الذي كان مرتبكاً في كثير من تفاصيله، وضاعت كل ساعات المونتاج، الذي ربما سحب منه الكثير، وربما تغيرت المواقف بشأن قرارات كانت قيد الإعلان، خرج حديث الرجل دون فلترة بطريقة تبين أن من كانوا في مسرح التجهيز للبيان ليسوا بجديرين بمهمة الإخراج، وإلا لماذا كان إخراج بيان الرجل بهذه الصورة المشوهة؟.
يبدو أن “حمدوك” حاول جاهداً الاستجابة لضغط الشارع وفي خضم المقاومة لهذه الموجة العالية كانت المواقف مرتبكة.
لم يكن “حمدوك” وصحبه موفقين بالمرة في شأن الخطاب المزعوم وهم يتنادون لإخراجه ويحبسون الشارع للمتابعة، لما هو أتٍ وفي حقيقة الأمر ليس هناك من جديد، وهو ما ينطبق عليه “تمخض الجمل فولد فاره”، وفي رواية أنه عقر ولم يلد، هكذا رسم “حمدوك” ملامح ذلك اليوم العصيب الذي اضطر الكثيرين للانتظار ولا نتائج، كان بالأحرى لرئيس الوزراء أن لا يستعجل النتائج والبحث والتنقيب في ما ليس به جدوى، مزيد من التروي كان كفيلاً بأن يضع الامور في نصابها.. والله المستعان.