مؤتمر السراب!
في نهاية العام الماضي، بدت الحكومة السودانية مطمئنة لمؤتمر أصدقاء السودان – المانحين – الذي سيعقد في شهر أبريل من العام 2020، سيسهم في حل الكثير من المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، بل مضت وزارة المالية في حلمها إلى أبعد من ذلك وهي ترسم ملامح موازنتها في بعض البنود على ما سيأتي من دعم من المانحين، الكل ظل في حالة انتظار لزيادة المرتبات ولمعالجة الكثير من الاختلالات الاقتصادية وتجاوز الأزمات التي تطرأ بين الحين والآخر، وعندما اقترب الوقت كانت الآمال المعلقة مجرد سراب، والأصدقاء بكل سهولة يعلنون تأجيل المؤتمر إلى شهر يونيو المقبل، خيبة أمل أحاطت بالشعب السوداني ووزير المالية يعلن ذلك رسمياً خلال مؤتمر صحفي يوم (الأربعاء)، أبلغ الرأي العام بهذا الخبز الشؤم كأن لم يحدث شيء.
واحدة من إشكالات الحكومة الانتقالية أنها بنت ميزانيتها على افتراضات غائبة ليس لها يد فيها، فمؤتمر المانحين الذي حدد له شهر أبريل، كانت الحكومة تتوقع أن يكون في شهر ديسمبر، عندما التأم الاجتماع بالخرطوم، ولكن كانت أول خيبات الأمل في ذلك الوقت عندما أعلن المانحون أن مؤتمر الدعم سيكون في أبريل المقبل، انفض الأصدقاء ولم تتحسب الحكومة السودانية لتأجيل آخر ومضت في اتجاه رسم الآمال على ما سيأتي.
تبين جلياً من خلال هذين التأجيلين أن من يسمون أنفسهم أصدقاء السودان من دول الغرب، لا يريدون أن يدفعوا أموالهم للشعب السوداني ما لم يكن هناك عائد مرجو.
السؤال المحوري الذي ينبغي أن نطرحه على هؤلاء المانحين: متى ستدفعون أو تساعدون السودان إن لم يكن عند محنته الراهنة؟.. والإجابة تبدو واضحة أنهم يريدون للمحنة أن تكبر وتكبر وتتمدد لتكون فروض الطاعة من قبل الحكومة واجبة النفاذ، يدفعون أي فاتورة مهما كان ثمنها، بغية إكمال ما بدأوه من مشوار في الحكومة الانتقالية.
على الحكومة إن كانت جادة وواعية أن تضع حداً لهذا الأمر، وأن لا تنتظر السراب، لأنها لن تجني إلا مزيداً من السراب، افتحوا أبوابكم للاستثمار الخارجي وأعيدوا للزراعة سيرتها الأولى لتكون هي المرتكز الأول لتعبروا بالبلاد إلى الأمام، والله المستعان.