المراقب العام للإخوان المسلمين بالسودان “عوض الله حسن سيد أحمد” في حوار مع (المجهر السياسي) (2-2)
لا يعقل أن يكون "القراي" مسؤولاً عن المناهج وهو على الفكر الباطل
في مراجعات تنظيم الإخوان المسلمين بالسودان اتفق أن لا صلة لنا بالتنظيم الدولي
الماسونية خطر داهم وهي متمثلة في بعض رجال الأعمال الذين لا يريدون خيراً للسودان
تسريبات قناة العربية كشفت أن هنالك شخصيات دموية سعت لإهلاك الحرث والنسل
الشعب السوداني يفرق ما بين شريعة الإنقاذ وشريعة الإسلام السمحة
الخطأ الكارثي لـ”الترابي” استعجاله السلطة عبر الانقلاب مما قاد لفتنة السلطة والمال
حوار – عبد الرازق الحارث
في الجزء الثاني من حواره مع (المجهر السياسي) قال الدكتور “عوض الله حسن” المراقب العام للإخوان المسلمين بالسودان، إن الخطأ الكارثي الذي وقع فيه الدكتور “حسن الترابي” وجماعته استعجالهم الوصول للسلطة عبر الانقلاب، ما قاد لفتنة السلطة والمال، وأشار إلى أن تنظيم الإخوان المسلمين بالسودان في إطار المراجعات الفكرية اتفقوا على أنهم جماعة سودانية ينتمون لتراب السودان ولا علاقة لهم بالتنظيم الدولي العابر للقارات، وتحدث حول مجمل قضايا الساعة، فإلى تفاصيل الجزء الثاني والأخير من الحوار.
كيف جاء اختيارك مراقباً عاماً للإخوان المسلمين؟
نحن الإخوان المسلمين نعقد مؤتمر كل (4) سنوات والمؤتمر ينتخب مجلس الشورى (40-60) عضواً، ومجلس الشورى هو الذي يختار المراقب العام، وهذا هو الذي تم لشيخ “صادق”، وهو الذي تم لـ”أبوناروا” من قبل و”الحبر يوسف نور الدائم” وشيخنا “علي جاويش”.
وتم اختياري مراقباً عاماً للإخوان المسلمين في ديسمبر 2017م، وكانت نقلة من جيل الشيوخ إلى جيل الشباب.
{ دكتور “حسن الترابي” أحدث نقلة كبيرة في مسار الحركة الإسلامية وأثار كتابه “التفسير التوحيدي” جدلاً كبيراً؟
– شيخ “حسن الترابي” رحمه الله، لا أحد ينكر قدراته في التنظيم والترتيب، لكن في الفكر هنالك العديد من الملاحظات على فكره، نحن كإخوان تربينا على أيدي مشايخنا “جعفر شيخ إدريس”، يتكلمون عن بعض التجاوزات لشيخ “الترابي”، هنالك كلام عن عدالة الصحابة، وبعض الاجتهادات الفقهية التي خالف فيها إجماع العديد من علماء المسلمين
{ “جعفر شيخ” الخصم التاريخي لـ”الترابي”، هاجمه “المحبوب عبد السلام” في مقال شهير بعنوان (عودة طائر البطريق)؟
– شيخ “جعفر محمد إدريس” من العلماء الثقاة وله دور كبير.. ونحن تعلمنا من الإخوان الأدب مع العلماء، وهذه الكلمة طائر البطريق أو غيرها لا تليق بالشيخ “جعفر شيخ إدريس”، والحديث أن هنالك أشياء شخصية بينه وبين شيخ “حسن الترابي” أيضاً هذا يحتاج إلى دليل.. ولا أظن أن هنالك شيئاً شخصياً بين هذا وذاك، وهذا صراع حقب تاريخية نترك للمؤرخين أن يكتبوا عنها، ولكن يظل شيخ “جعفر شيخ إدريس” قامة من القامات الكبيرة، أنشأ كلية في أمريكا للفلسفة وله مقالات قوية في الرد على العلمانيين والعلمانية من موقف تأهيلي ومنهج سليم لا غبار عليه، بل هو المنهج الذي ينبغي أن يأخذ به الناس.
{ إعدام “محمود محمد طه” ما بين السياسة والشريعة، ما هي الرؤية الصحيحة؟
– “محمود محمد طه” حكمت بردته عدد من المجامع الفقهية ليس في السودان فقط، الأزهر الشريف له رأي وهيئة العلماء في المملكة العربية السعودية، والمنهج الذي قاله “محمود محمد طه” أكثر من عالم من العلماء حكم عليه بالردة، ولعل كتابه الرسالة الثانية قال كلاماً لا يحمل منه إلا أنه خروج على الدين وثوابت الشريعة وما هو معلوم من الدين بالضرورة.. هذه ناحية، أما من ناحية الحكم عليه بالردة وإعدامه عام 1985م، الأمر لا يخلو أيضاً من هوى سياسي، لأن الكلام الذي قاله “محمود محمد طه” قريب منه قد يكون قال به الشيخ “حسن الترابي” مع اختلاف التفاصيل. في ظني أن الحكم عليه بالإعدام كان حكماً سياسياً ولم يكن حكماً شرعياً
{ زيارة “حمدوك” وجلوسه على عنقريب الأستاذ “محمود محمد طه”؟
– كنت أتمنى أن يزور “حمدوك” مساجد المسلمين وأن يُرى في أماكن العبادة التي يتعبد فيها الناس، لكن أن يرى الناس “حمدوك” في بيت وعنقريب “محمود محمد طه” يعني ذلك فيه نوع من التكسب السياسي وإظهار نحن مع الأقليات
.
كتابات “سيد قطب” هل جاءت بالتطرف؟
– إذا رجعنا لتاريخ الإخوان المسلمين في مصر.. السجون والتعذيب والتقتيل، بعض الناس قد لا يصبر على هذا التعذيب ويقولون إن الذي يفعل مثل هذا التعذيب ليس بمسلم، مثلاً عندما يتكلمون عن الأستاذ “أحمد الخير” الواحد يقول إن الذي يدخل خابوراً في دبر الأستاذ هذا لا يمكن أن تقول عليه مسلم، قد يأتيك تفكير بهذا المعنى.. هذا الأمر عندما يشاع ويكون في غالب الناس، قد يتبع مجموعة أفراد تفكر هذا التفكير.. بأن هؤلاء كفار ويطلق عليهم أحكام الكافرين.. وهذا نوع من التطرف، والتطرف دائماً ما يأتي من تطرف مضاد دائماً لكل فعل رد فعل.. لكن الكيس الفطن ينبغي أن يوطن نفسه إن أحسن الناس أن يحسن وأن أساءوا أن يتجنب إساءتهم وأن لا يتعامل بردود الأفعال ويصبح متطرفاً.
{ هنالك اتهام للإخوان المسلمين بأنهم (ماسونيون)؟
– هذه فرية.. ما هي الماسونية، الإخوان المسلمون عبر التاريخ هم الذين قاتلوا اليهود في فلسطين، وهم الذين يقفون حجر عثرة دون تمدد الصهيونية وهم الذين قدموا الشهداء.. الماسونية تدعو إلى الدين اليهودي على غيره من الأديان، ونحن دعوتنا إسلامية صميمة، هذه اتهامات يقولها أعداء الإخوان لكنها لا تقوم على ساق.
{ من هو الذي أسس التنظيم السري للإخوان؟
– التنظيم السري في مصر لا علاقة لي به وأنا مسؤول عن الإخوان المسلمين في السودان
{ هل بالسودان ماسونية خطيرة؟
– ليست لديّ معلومات، وأحسب أن الماسونية متغلغلة في كثير من البلدان وكثير من المؤسسات وتظهر في حين تختفي أحياناً، لكن ما يهمنا إقامة المنهج السليم وأن نقدم للناس الفهم الصحيح.
{ أين يقف الإخوان المسلمون بالسودان مع المحاور السعودية أم إيران؟
– نحن كإخوان مسلمين ندعو للابتعاد عن سياسات المحاور.. نحن جماعة سودانية منحازون لهذا الوطن وللتراب السوداني، ونقول إن السودان بلد تحتاجه كل هذه المحاور.
{ هل يعني أن إخوان السودان لا علاقة لهم بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين؟
– نحن كإخوان في السودان وفي مراجعاتنا قلنا إن الإخوان المسلمين جماعة سودانية ليست لها أي ارتباطات خارجية، وأيضاً ندعو الأحزاب الأخرى لذلك
{ زيارة “حمدوك” لواشنطن؟
زيارة “حمدوك” أمريكا والاتحاد الأوروبي مطلوبة وأن يحصل نوع من المعالجات للمشاكل مع العالم الخارجي{ اختيار امرأة وزيرة للخارجية؟
– المرأة إذا كانت كفاءة فلا بأس من ذلك، أن تكون وزيرة.. لكن إشكالنا الرئيسي هل هي كفاءة؟.. هل هنالك من هو أنسب منها في هذا الباب؟.. هل سنوات عمرها تساعدها على أداء مهام عملها.. في كل الدنيا هنالك معايير لاختيار المناصب وينبغي أن ننضبط بهذه المعايير، نحن عندما قلنا حكومة كفاءات، نريد أن نطبق هذه المعايير.. مثلاً وزير الإرشاد ما هي المعايير، وزير الصحة ما هي المعايير، وزيرة الخارجية ما هي المعايير.. وعلى ذلك فإننا ليست لدينا إشكالية أن تكون وزيرة الخارجية امرأة أو غيرها.
{ ما هو تعليقك حول دعوة وزير الإرشاد لعودة اليهود للسودان؟
– أنا التقيت بالوزير “مفرح” وسألته عن هذا السؤال بصورة مباشرة، فقال إن الإعلام زاد هذه القضية، وقال وزير الإرشاد في حديثه إنه مهتم بأنه أراد أن يرسل رسالة كوزير للشؤون الدينية، إن هذا الدين يشمل دين اليهود والنصارى وغيره من الديانات.. والأمر خرج من سياقه، وتكلمنا معه حول هذا الباب وقلنا له ينبغي أن يركز على ما يجمع الناس، لأن الشعب السوداني غالبيته مسلمون، ولا بأس أن يعطي النصارى حقهم واليهود حقهم.. ولكن لا يوجد في السودان يهود يريدون شيئاً، ولا ندخل أنفسنا في مثل ذلك.
{ هنالك صراع ما بين الرافضين لشريعة “الترابي” والمطالبين بعلمانية الدولة والقائلين الشريعة خط أحمر؟
– هذه القضايا المتعلقة بالشريعة والعلمانية والدستور وغيرها ينبغي أن تخضع لنقاش كبير جداً حتى نصل فيها لتفاهمات وتوافقات ولا تكون رأي أقلية بأي حال من الأحوال.. وينبغي أن لا تخضع للمزايدات أيضاً، الشريعة ليست قضية مزايدة قبولاً أو رفضاً، والعلمانية كذلك.. نحن نريد استفتاء الشعب السوداني كيف يريد أن يحكم، وما يراه الشعب السوداني مناسباً هذا الذي ينبغي أن نحتكم إليه، أما أن يفرض عليه عبر حامل السلاح أو نظام أو فكرة، هذا انتقاص في حق الأمة في الاختيار.
{ الإخوان المسلمون شاركوا في حكومة الإنقاذ د.”عصام البشير” وزيراً للأوقاف و”سامي عبد الدائم” وزيراً بالدولة و”الحبر” بالبرلمان؟
– الإخوان المسلمون كجماعة تهتم بالعمل السياسي تبتعد أو تقترب.. ونحن أول من قدمت لنا الدعوة للمشاركة في نظام الإنقاذ بأن الانقلاب قام به إسلاميون.. ولكن قيادة الجماعة ومجلس الشورى قررا في ذلك التاريخ أول سنوات الإنقاذ، أننا كإخوان لن نشارك كمقررين في حكم الإنقاذ، وعندما سألونا لماذا، قلنا (إن الإخوان المسلمين لديهم قناعة أن السودان لا يمكن لجماعة أن تنفرد بالحكم فيه، وكانت دعوتنا للوفاق الوطني.. وعندما اقتنعت حكومة الإنقاذ بالوفاق الوطني وأدخلت حزبي الاتحادي الديمقراطي وحزب الأمة، شاركنا في حكومة الوفاق الأولى عبر مشاركة برلمانية، وكان لدينا صوتنا في البرلمان ومشاركتنا ونطرح أفكارنا وآراءنا.. وتقييمنا الشخصي أن المشاركة كانت خصماً على الإخوان المسلمين.. لم تكن ذات فائدة، ولم يستفد منها الشعب السوداني، ولم نستطع التقليل من غلواء الفساد والاستبداد، وأخيراً عندما وصلنا إلى قناعة بعدم جدوى الحوار، خرجنا من الحوار الوطني وشاركنا في انتفاضة الشعب السوداني من 19 ديسمبر حتى سقوط النظام.
{ الهجوم على “عبد الحي يوسف” من وراءه؟
– “عبد الحي يوسف” شيخ مبجل ومحترم وصاحب رؤية ورسالة وفكر، لكن أحسب أنه تمت شيطنته إلى حد كبير، وهو لا يخلو من أخطاء.. ونحن اختلفنا معه حول قضية نصرة الشريعة وقلنا له إن هذا الوقت ليس مناسباً أن يصطف الناس في مجالين اثنين، وهنالك الكثير من الاتهامات تطارده والناس بشر يخطئون ويصيبون والمحاكم بين الناس.. ولكن أن يتم الهجوم بتركيز على شيخ “عبد الحي يوسف” ويترك آخرون، وهو ما كان حجمه في النظام السابق، وهنالك ناس كانوا موجودين في صلب النظام واستفادوا منه وأفسدوا وظلوا موجودين ولم يتكلم عنهم الناس.. لكن “عبد الحي” لأنه كان أعلى صوتاً ناله نصيب كبير من الهجوم، ومع ذلك نقول إن لشيخ “عبد الحي” مثل غيره أخطاء في التقييم السياسي والدعوة.. ونحن كإخوان نقول يجب أن يبتعد الناس عن شيطنة الآخرين أينما كانوا رساليين أو يمين، علماء أو دعاة أو غيرهم، هذا الوطن لا يبنى بالكراهية وإنما يتم بناء الوطن بالحب.
{ الانتخابات قادمة ماذا أعددتم لها؟
– الانتخابات صارت الوسيلة الوحيدة للإدلاء بآراء الناس، إذا أراد الناس الحزب القومي السوداني فليقدم نفسه، وإذا أرادوا الحزب الشيوعي فليقدم نفسه أو حزب الأمة فليقدم نفسه، نحن ندعو صراحة أن يتقارب الناس.. حكاية أن السودان به أكثر من (100) حزب هذا يشتت الأصوات، ينبغي للأفكار المشتركة والهموم المشتركة أن تلتقي في تجمعات كبيرة ويتجمع العلمانيون وأهل اليسار في حزب واحد، والإسلاميون كذلك والقوميون وتحدث تفاهمات تكون مصلحتها وفقاً لمصلحة الشعب السوداني.. أن يتنافس الإسلاميون والعلمانيون والقوميون لخدمة الشعب السوداني.
{ مستقبل العلمانية في السودان؟
– العلمانية إذا لم تغير من خطابها وتحترم الوجدان السوداني وتدين السودانيين لن تستطيع أن يكون لها مستقبل في السودان.
“البشير” لماذا انتهى نظامه ودخل السجن؟
– “البشير” رفض النصح ولم يرضَ الخروج بصورة مشرفة وهذه سنة الله في الناس، “البشير” رأى نهايات “القذافي” و”حسني مبارك” و”عبد الله صالح” فلم يتعظ.. ونصحه الناس لكنه أبى إلا أن تكون هذه نهايته (ينزع الملك ممن يشاء).