حوارات

رئيس التيار العام بحزب الأمة د.”آدم موسى مادبو” لــ(المجهر)

لا أمل لفوز حزب الأمة بذات أغلبية انتخابات عام (86)

الهتافات ضد “الصادق” حملت مفردات تؤكد أنه فقد شعبيته في دارفور
لدينا أربعة مقترحات مطروحة لمستقبل التيار العام منها تأسيس حزب جديد
التفاوض مع الإسلاميين عملية إعادة تربيط وترميم للنظام البائد
جيل الشباب يتعامل مع “الصادق” ككادر حزب سياسي وليس العقائدي
استمرار أسرة “المهدي” في رئاسة الحزب غير واردة في المرحلة الحالية
حوار – الطيب محمد خير
قال رئيس التيار العام بحزب الأمة القومي د.”آدم موسى مادبو” إنهم سيعلنون عن حزب جديد باسم حزب الأمة التيار العام، مبيناً أنه الخيار الغالب بين عدة خيارات مطروحة لمستقبلهم السياسي في التيار، وأكد أنهم لازالوا على موقفهم الرافض للعودة للحزب دون تحقيق مطالبهم .
وأشار “مادبو” خلال هذا الحوار إلى أن الاحتجاجات التي شهدتها زيارة “الصادق” الأخيرة لدارفور والأصوات التي ارتفعت بالهتافات المعارضة تؤكد أنه فقد شعبيته هناك خاصة وسط الشباب ما يحتم على “الصادق” أن يعيد النظر في مواقفه وتوقعاته التي بنى عليها دعوته للانتخابات المبكرة ، وانتقد “مادبو” المقابلات التي تمت بين “حمدوك” وقيادات الإسلاميين من حزب الإصلاح الآن والمؤتمر الشعبي” ووصفها بغير المقبولة ، وطالب الشباب باتخاذ موقف أكثر صرامة في مراقبة تحقيق أهداف الثورة … هذا وغيره من الإفادات .
= كيف تقيم زيارة السيد “الصادق” لولاية دارفور ؟
“الصادق” قوبل بهتافات مزعجة من قبل الجماهير التي اتهمته صراحة في هتافها بالكذب في نيالا ، وذات الشيء حدث في الجنينة بل طالبته جماهيرها بالرجوع وعدم رغبتها في استقباله .
= هناك من يبرر بأن هذه الهتافات صدرت من بعض منسوبي الحركات وليس جماهير الحزب؟
نعم كان في موقع ثلاث مجموعات منها من هو ليس مؤيد لحزب الأمة وهناك مجموعة تابعة للحركات المسلحة ، وهناك مجموعة شباب حزب الأمة في عمر مابين (20 – 40) سنة غير راضين من موقف “الصادق” مما يجري في الساحة السياسية ويرون أنه أقل مما كان منتظراً منه كزعيم لحزبهم.
= هل يعني أن السيد “الصادق” فقد الشعبية والقدسية التي كان يتمتع بها في معقل حزبه بدارفور؟
هذا الاحتمال صحيح لدرجة كبيرة لأن الأحزاب التي انبثقت عن حزب الأمة في السنوات الأخيرة كانت خصماً من رصيده الجماهيري هذا من جهة ، وهناك الموقف الساخر الذي اتخذه “الصادق” نفسه من الحراك الثوري للشباب في بداياته، وواضح أنه لم يقرأه جيداً بأن سينتهي بالإطاحة “بالبشير” حيث ووردت عبارات سخرية على لسان “الصادق” في أجهزة الإعلام كانت صادمة وغير منتظر أن تصدر من زعيم في قامته ، ما أثار غضب هؤلاء الشباب عليه ، أضف لذلك وجود الحركات المسلحة في دارفور التي لها مؤيدون من الشباب بنسبة كبيرة في كل دارفور، كل هذه مؤشرات على إن لم يكن قد فقد شعبيته، مؤكداً أنها تراجعت بدرجة كبيرة خاصة وسط الشباب.
= إلى أي مدى فقدُ “الصادق” لشعبيته كزعيم ستكون انعكاساتها على الحزب الذي تمثل دارفور مركز ثقل جماهيري له ؟
بالتأكيد هذا مؤشر أن كليهما فقدا دارفور كسند شعبي وثقل جماهيري ، لكن “الصادق” فقد الكثير من قاعدته الجماهيرية لعدة أسباب، ويرون أن فشل إدارة التجارب الديمقراطية وما حدث مسؤولية السيد “الصادق” بفشله مرتين في إدارة البلاد كرئيس وزراء، وفي المرتين سلم الحكم للعساكر (نميري والبشير) إضافة لموقفه من الحرب التي دارت رحاها في دارفور ودفع ثمنها قطاع واسع من أنصاره، ونتيجة ذلك الموقف ظهرت كثير من جماهير الحزب وهي تستقبله بهذه الجفوة خاصة الشباب، وهذا نتاج طبيعي لأخطاء متراكمة أصبحت تؤخذ على “الصادق” نفسه وعبر عنها في هذه الهتافات المضادة والرافضة له ، أما الحزب ففقد سنده الجماهيري كما ذكرت بسبب الانقسامات التي طالته وخصمت من رصيده الجماهيري ولم يعد بذات قوته في آخر انتخابات جرت عام (86) ونال فيها (30) دائرة من أصل (35) دائرة في دارفور ، وما أظنها ستكرر بدليل أن رئيس الحزب لم يجد حسن الاستقبال من الجماهير التي هتفت ضده ووصفته بالكذاب وطالبته بالرجوع.
= يعني “الصادق” والطائفية فقدا شعبيتهما في دارفور؟
قبل الزيارة لم نكن نعلم ما يجري على أرض الواقع لكن ما شهدناه ومن المفردات التي استخدمت في الهتافات ، تبين أن أهل دارفور ما دايرين “الصادق” ،أما الطائفية كانت واقعاً موجوداً وسط أهل دارفور لكن مع تعاقب الأجيال بمرور الزمن فقدت مكانتها وهي في طريقها للتلاشي خاصة وسط الشباب الذين أصبحوا لا يؤمنون بالطائفة وتبعيتها بقدسية ويعتبرون أنفسهم كوادر حزب سياسي وليس عقائدياً ولا علاقة لهم بطائفة الأنصار.
= ما دافع الحركات المسلحة لإفشال زيارة “الصادق” رغم أنه متحالف معها في نداء السودان؟
ما حدث أمر تلقائي محض، نعم الحركات المسلحة متحالفة سياسياً مع حزب الأمة لكن الناس الموجودين في دارفور ليست لهم علاقة بهذا التحالف هم ناس عندهم مظالم لحقت بهم وحدثت فظائع وهناك قضايا معقدة وهم يريدون الحل الجذري لها ولا يهتمون بالجانب السياسي.
= ما المطلوب ليستعيد الحزب مكانته التي بدأت تتناقص؟
أن يتم لم شمل حقيقي بأسس تُرضي كل المجموعات التي خرجت وكونت أحزاباً خصمت من جماهير الحزب ، الأمر الثاني أن يكون للحزب و”الصادق” تحديداً طرح وموقف واضح من القضايا المطروحة مثل قضية علمانية الدولة بدلاً من مطالبته بانتظار المؤتمر الدستوري لحسمها، عليه أن يجهر برأيه ليبين للناس موقفه بدل أن يتركه محل شكوك وتكهنات ، في حين أن قطاعاً كبيراً في حزب الأمة رؤيتهم أن تكون الدولة علمانية (مدنية) .
= إلى أي مدى حزب الأمة يمكن أن يفوز بالأغلبية التي نالها في أخر انتخابات ؟
ليس هناك أمل ولا عشم إن جرت انتخابات أن يفوز حزب الأمة بذات الأغلبية التي نالها عام (86) وما حدث في استقبال رئيسه دليل على أنه فقد أرضيته في أكبر معاقله ، بجانب أن الحركات المسلحة والأحزاب التي خرجت منها ستكون خصماً من جماهيره خاصة وسط الشباب ، بجانب أن هناك مناطق أخرى كانت مغلقة لحزب الأمة ، أبناؤها زهدوا فيه وعليه إن لم تتم إعادة بناء ولم شمل كما قلت بأسس يتراضى عليها كل الناس من غير ذلك سيكون مستقبل الحزب مظلماً .
= بماذا تفسر إعلان “الصادق” موافقته على تسليم “البشير” للجنائية لأول مرة في حشد جماهيري خلافاً لمقولته الشهيرة أمام الجماهير “البشير جلدنا وما بنجر فوق الشوك”؟
ما صرح به “الصادق” في البداية خطأ لأن “البشير” ما فعله طوال فترة حكومته لم يراع فيه للناس (إلا ولا ذمة) ، والحديث الآن عن تسليم “البشير” للجنائية غير ذي جدوى لأن هذه المحكمة لن تحكم عليه بالإعدام، وكذلك لا تمثل الجزاء الأوفى لجرائمه لذلك هناك أناس كثيرون رؤيتهم أن يتم تسليمه للجنائية بعد أن يحاكم في السودان وينال عقوبته ، و”الصادق” يعلم أنه إذا سُلم “البشير” للجنائية فإن العقوبة لن تكون بذات الجزاء الذي سيناله في محاكم السودان وكذلك السجون في الخارج عبارة عن فنادق خمسة نجوم ولا مقارنة بينها وبين كوبر أو أي سجن داخل السودان.
= هل تعتقد أن “الصادق المهدي” جاد في إعلانه التنحي واعتزال السياسة وسبق أن أعلن ذلك وتراجع عنه ؟
لا اعتقد أن “الصادق” جاد في التنازل عن رئاسة الحزب وزعامة الطائفة بقدر ما هو يريد اختبار شعبيته وسط الجماهير، وقد قضى (50) عاماً في المنصب وطبيعي تجد من يهتف رافضاً مقترح التنحي وهذا ما أراده ليقول طالما الجماهير رافضه الفكرة سأستمر ، وهذه ليست الطريقة المثلى للاعتزال أن تفاجئ الناس، مؤكد سيكون هناك رفض.
= يعني الحزب غير جاهز لإيجاد بديل ؟
بالتأكيد لابد أن تكون هناك ترتيبات تسبق هذا الإعلان بوقت كافٍ بتحضير شخصيات بديلة معروفة ، وهذا واضح عندما استقالت “سارة” واختار الحزب “الواثق البرير” أميناً عاماً، كثير من الناس تساءلت من هو خاصة في دارفور لأنه شخصية غير معروفة .
= كيف تقرأ تلويح “الصادق” المتكرر بالانتخابات المبكرة؟
“الصادق” عندما لوح بالانتخابات المبكرة كان غير مدرك لواقع حزبه وأنه جاهز وأن الناس ستقف معه، لكن في زيارته لدارفور وقف على الحقيقة بنفسه وثبت له عكس ما كان يتوقع أن الجماهير هناك غير راغبة في استمراره كزعيم ولن تسانده ، مؤكد سيغير رأيه وينزل راية الانتخابات المبكرة التي ظل يلوح بها في وجه الآخرين ، وظناً منه أن حزبه أكثر جاهزية ويتمتع بتأييد جماهير كبير استناداً على انتخابات 86 ، وبالتالي أتوقع سيعيد النظر في كثير من حساباته التي كان يبني عليها مواقفه ، وعليه أن يراجع عملية استمراره كزعيم للحزب ويقيمها هل ستضيف للحزب أم ستخصم منه بناء على رسالة (مادايرنك) التي قالتها الجماهير صراحةً لا تلميحاً ، فإن هو اقتنع بالتنحي مؤكد الحزب سيكسب ويكون أفضل، لكن إن أصرَّ ودخل المؤتمر العام وعاد مرة أخرى، وهذا مؤكد، يكون خسر الحزب الواسع القطاع من الجماهير الرافضة لاستمرار “الصادق” خاصة الشباب.
= إلى أي مدى العقلية الأنصارية مهيأة لقبول زعيم للحزب من خارج أسرة “المهدي”؟
كثير من الناس ليست لديهم الرؤية المنطقية والشجاعة التي يرفضون بها “الصادق” أو أسرة “،المهدي” في منصب رئاسة الحزب، وفي ذات الوقت كل الشواهد تؤكد أن فكرة استمرار أسرة “المهدي” في الزعامة لتكون مسؤولة من حزب الأمة غير موجودة في المستقبل القريب .
= ما موقفكم في التيار العام من انتخاب “الواثق البرير” أميناً عاماً؟
نحن في التيار العام لا نعترف بشرعية الهيئة المركزية التي اختارته بالتالي نعتبره اختياراً غير صحيح من ناحية دستورية، نعم هو شاب وله مقدرات لكنه غير معروف لعدد كبير من جماهير حزب الأمة.
= في أي مربع يقف الآن د.”مادبو”؟
نحن خارج الحزب منذ عشر سنوات، تاريخ اختيار الهيئة المركزية التي رفضناها لعدم الشرعية ولازلنا نقف في مربع التيار العام، لكنا لم ننشق لنكون حزباً.
= هل ستعودون للحزب أم نتوقع أن تؤسسوا حزباً جديداً ؟
هناك أربعة مقترحات لمستقبل التيار العام مطروحة لكن لم نفصل فيها والآن النقاش دائر فهناك من يرى العودة للحزب ومنهم من يقول بمغادرة الحزب وتأسيس حزب جديد، وهناك من ينادي بالانضمام لأحد أحزاب الأمة الموجودة في الساحة، وهناك من يقول بتجميد نشاطنا، لكن الرأي الغالب وسط المجموعة مقتنع باستحالة العودة ووجوب الشروع في تأسيس حزب جديد وسيحسم الأمر في القريب إن شاء الله بتأسيس حزب جديد باسم التيار العام لحزب الأمة وقواعده هي جماهير حزب الأمة.
= كيف تنظر لمفاوضات السلام في جوبا وإمكانية تحقيق سلام خاصة في دارفور؟
الأهم في المفاوضات كل الأطراف راغبة في تحقيق السلام وبقناعة كاملة، وهذه القناعة تتطلب إسنادها بتنازلات من الأطراف الموجودة على طاولة المفاوضات خاصة فيما يلي الخلافات الجوهرية الكبيرة مثل علاقة الدين بالدولة وتقرير المصير.
= لكن هناك من يرى أن هذه القضايا محلها المؤتمر الدستوري؟
من ناحية إجرائية نعم المؤتمر الدستور مهم لكن من ناحية عملية غالبية أطراف المؤتمر موجودة على طاولة التفاوض لذلك من الأفضل الخروج باتفاق مقنع لجميع الأطراف بتنازلات مرضية لتسهيل مهمة المؤتمر الدستوري إن كان ضرورة ، بغير ذلك لن يتحقق سلام وتكون ذات القضايا الخلافية مرحلة إلى المؤتمر الدستوري.
= كيف تنظر للقاءات “حمدوك” مع “غازي” وقيادات المؤتمر الشعبي؟
طبعاً رؤية الشباب الذين قادوا هذه الثورة خاصة والشعب السوداني عامة يتحمل الإسلاميون مسؤولية الدمار والفشل الذي أصاب الدولة السودانية طيلة الـ(30) سنة الماضية بالتالي أي تقارب مع هذه المجموعة غير مقبول في هذه المرحلة بدليل أنه تم في الخفاء ولماذا لم يعلن عن هذه اللقاءات بالتأكيد لأنها ضد أهداف الثورة، والسؤال ما الذي سيضيفه الإسلاميون وهم فاشلون وإن كان الحاكمون يرون أنهم عاجزون عن تحقيق أهداف الثورة عليهم أن يتنحوا ويأتي غيرهم لا حرج في ذلك.
= هل يعني ذلك فشل “حمدوك” والقوى التي تسنده ؟
“نعم هذا الفشل بعينه” لا يمكن لثورة لم تكمل عامها أن تأتي وتفاوض من أطاح بهم هذا أمر غريب يتعارض مع أهداف الثورة التي من بينها تغيير كل الوجوه ومحاكمة من أجرم ، والآن يجري الحديث عن تفكيك النظام، والشعب يرى ذات الوجوه التي تسببت في ما يعانيه من ضائقة موجودين في أماكنهم فقط قياداتهم محتفظ بها في كوبر دون محاكمات .
يعني التفكيك غير كافٍ ؟
ما يحدث الآن عملية إعادة تربيط وترميم للنظام بالتفاوض والاتصالات السرية، هذا عمل الواحد يتوارى خجلاً أمام الشعب من سماعه دعك من القيام به سواء سراً أو جهراً لتعارضه الكبير مع الثورة التي فيها تضحيات كبيرة من الشباب بأرواحهم.
= إذن ما المطلوب لتصحيح المسار؟
على الشباب الذين فجروا الثورة وليس الحرية والتغيير التي تمثل الأحزاب التي ركبت الثورة ، على هؤلاء الشباب أهل الثورة الحقيقيين أن يتخذوا موقف أكثر حزماً وصرامةً في مراقبة الثورة حتى إن دعا الأمر لأن يكونوا أحزاباً سياسية جديدة تحمل أهداف الثورة ويتجاوزوا هذه القديمة بكل سلبياتها .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية