. عندما وقف الرئيس “البشير” وفي آخر خطاب له أمام مؤيديه في الساحة الخضراء وهتف فيهم: (إن هنالك من يريدنا أن نركع ونذل له وأنتو عارفين ديل منو .. الجماعة ديل عايزننا نتنازل عن خطنا الرافض وموقفنا الواضح من قضية الدين ومن علاقتنا بدول الاستبداد والظلم ونحن يا جماعة قلنا ليهم لأ .. ما حنعمل كده وما حنوطئ رأسنا ده ليكم ابداً .. انتو يا جماعة عايزني أعمل كده؟.. قولوا لو عايزين اعمل كده؟.. الجماعة منتظرين كلمة واحدة مننا.. عايزننا نركع ليهم وبعدها زي ما قالوا يحلوا لينا كل مشاكلنا .. أها رأيكم شنو .. نمشي معاهم؟..).. علت الهتافات حينها من أنصار الرئيس السابق “البشير” تطالبه بعدم الركوع وعدم الاستسلام.. حينها قلنا جميعنا إن “البشير” يكرر علينا عباراته القديمة التي تتحدث عن دولة الإسلام التي ترفض الركوع للعدو الإسرائيلي وترفض أن تسقط ذليلة للأمريكان وأعداء الدين والوطن.. قال الجميع ذلك وهم لا يزالون ينظرون للرجل على اعتبار أنه في موقف قوي وصلد بحكومته القوية وحزبه الكبير ومؤيديه الذين يملأون الشوارع والميادين في لحظة إذا ما تم حشدهم .. لم بدر بخاطر أحد لحظتها أن هذا الخطاب سيكون آخر خطابات هذا الرجل وآخر مشاهد هذا العهد لذلك لم يعط أحد حينها حديث “البشير” هذا عن هذه الضغوط ومن يريدون ركوعه وركوع السودان أي اهتمام بل ونظر الجميع لذلك باعتباره مزايدة متكررة بعباراتها وكلماتها.. وبين لحظة وأخرى أصبح الرجل الآن وراء القطبان.. وجاء آخرون من بعده وبعد ثلاثة أشهر فقط أعلنوا تطبيع علاقاتهم بإسرائيل بالرغم من أنهم يمثلون فقط أجهزة مرحلة انتقالية وحكومة غير منتخبة من الشعب الذي أتى بهم عبر ثورة سكب فيها الشباب النضر دماءهم وضحوا فيها بأرواحهم .. شباب يمثلون تيارات سياسية وفكرية رافضة عبر تاريخ ممارستها السياسية لمسار التطبيع مع دولة إسرائيل باعتبارها دولة عنصرية قامت على أراضي عربية – إسلامية مقدسة عبر طريق الاغتصاب والغدر والسرقة وقتلت في طريقها لتعزيز وجودها الظالم الآلاف من أبناء المسلمين وشردت منهم الآلاف بل واحتلت أراضي الجولان السورية ولا زالت ترفع عليها علم دولتها غير الشرعية.. هذا غير ما مارسته ولا زالت تمارسه من غدر سياسي وخبث دبلوماسي أخرت به نهضة الأمة الإسلامية وحاربت عقيدتها بشتى الطرق والوسائل حتى جعلتها أمة ضعيفة عاجزة منقسمة على نفسها ومقطعة الأوصال .. من خطط لضرب العراق وإنهاء الطموح العربي في امتلاك القوة التقنية والعلمية والعسكرية عبر تدمير هذا البلد الذي بلغ مبلغاً كبيراً من التقدم هدد عبره الوجود الإسرائيلي فكان لابد من هدمه وتمزيقه وقتل قائده وذبحه في يوم عيد الفداء الأكبر نكاية في المسلمين .. من خطط لتدمير دول الربيع العربي في سوريا وليبيا ومن هيأ لحريق اليمن ووضع البحر الأحمر في يد الخونة المتعاملين والمنفذين للسياسة والأطماع الإسرائيلية .. من يخطط الآن لخنق مصر العروبة وخط المواجهة الأول عبر تقسيم السودان لخمس دول ضعيفة واهنة لا حول لها ولا قوة وسينتهي بها المطاف للصراعات والحروب فيما بينها حول حدود جديدة زائفة مثل ما صنع الاستعمار البغيض منذ أكثر من نصف القرن حين ترك حدود الدول التي خرج منها ملتهبة إلى الآن عبر حيلة خبيثة مرت على ضعاف الأمة العربية والإسلامية.. والآن تمر بأرض السودان طائرة إسرائيلية خاصة، عبرت أجواء عاصمة اللاءات الثلاث، من دولة الكونغو وقائدها ومن على ارتفاع غير الشاهق يلقي بقاذورات طاقم طائرته النجس على النيل الذين يحلمون به حدوداً لدولتهم إلى الفرات.. وهاهي صحيفة (يديعوت أحرنوت) الإسرائيلية تنقل المشهد وفيه هذا “النتن ياهو” يسخر بقوله لجماهيره: (الآن.. تعبر طائرتنا فوق أرض اللاءات الثلاث).. ولا يكتفي هذا “النتن ياهو” بهذه الكلمات الساحرات بل يطلق ضحكة مستهزئة أرادها أن تحرق قلب “المحجوب والأزهري وعبد الناصر والملك فيصل بن عبد العزيز وعبد الرحمن عارف والشيخ صباح السالم الصباح” وكل القادة العرب الذين صاغوا بيان قمة الخرطوم في يوم 29 /أغسطس/ 1967م وكتبوا على صدر الخرطوم عاصمة الصمود العبارة التاريخية: (لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الإسرائيلي).. لك الحق أيها “النتن ياهو” لتسخر منا فلم يضحَ الزمان زمان القوة والجسارة ولا الشجاعة والصمود بل ولم تضحَ العهود عهوداً ولا الرجال رجالاً.
اشترك بالنشرة البريدية ليصلك كل جديد
مقالات ذات صلة
اللهم أحفظ السودان .. !!
2021-06-12
شاهد أيضاً
إغلاق
-
اللهم أحفظ السودان .. !!2021-06-12