{ ما زالت الأزمات المتلاحقة التي تجعل البلاد تعاني أوضاعاً اقتصادية متأزمة ومؤلمة جداً لم تنفع معها كل الحِزم والسياسات الإصلاحية التي قام بها (منظراتية) العهد البائد، ليجد السواد الأعظم من المواطنين أنفسهم في مواجهة نيران الارتفاع الجنوني لأسعار السلع خاصة الضرورية، حيث لم تعد هناك تسعيرة تحكم التجار كباراً وصغاراً، بل الفوضى أصابتهم بجنون البحث عن الثراء السريع، ونهش جيوب المواطنين مستغلين غياب الرقابة، فباتوا يتحكمون في السلع بالاحتكار، ووضع أسعار جديدة بالليل ومضاعفتها بالنهار، وظل الوضع هكذا إلى أن وجد المواطن البسيط ليس أمامه خيار غير مسايرة حياته عبر اتباع توليفة المعيشة الجديدة، ألا وهي عيشة (المسكول)، وهي طريقة شرائية كما ذكرنا من قبل تشبه إلى حد كبير سياسة (قدر ظروفك) التي ظل يتبعها بعض من الفقراء، والآن يبدو أن دائرة الفقر توسعت وشملت غالبية فئات المجمتع وبات جميع الذين (تحسبهم أغنياء من التعفف) يشترون احتياجاتهم اليومية بـ(المسكول).
{ (مسكول لحمة) (نص ربع أو ربع ربع الكيلو من اللحمة) و(مسكول سلطة).
{ هكذا دخل الكثير من السودانيين محطة تمشية الأحوال المعيشية بـ(المسكول) وظلوا يشترون اللحمة والخضار والزيت والبصل والبهارات والفحم وحتى (الكبريتة) أصبحت تباع وتشترى بـ(قشة.. قشة).
{ وعند تفجر الثورة توقع الشعب السوداني إصلاحات اقتصادية سريعة تجعلهم يحصلون على قوت يومهم العادي بكل سهولة ويسر، بالإضافة إلى رقابة ومتابعة ومحاسبة تعيد التجار إلى رشدهم وترجع السوق إلى توازنه الطبيعي وتنخفض أسعار السلع الضرورية، وتصبح في متناول اليد، ولكن للأسف الشديد مضت أيام الثورة، وانطوت صفحات شعاراتها، ودخلنا في عهد الحكومة المدنية وأولوياتها وحتى الآن لا جديد يذكر ولا قديم يُعاد، الأوضاع الاقتصادية تفاقمت أكثر فأكثر وأسعار السلع والمنتجات وصلت إلى أعلى درجات الحرارة الحارقة لجيوب وقلوب المواطنين البسطاء.
{ المؤسف حقاً أن حكومة “حمدوك” المدنية التي طال انتظارها انحرفت عن مسار الأولويات فتجاهلت (معاش الناس) وشغلت نفسها وشغلت الناس بمواجهة شبح الدولة العميقة وخوتتنا بضجة التفكيك، كما شغلت الناس بالكثير من القضايا الثانوية والتخريمات الوهمية.
{ ليبقى حال الشعب السوداني على ما هو عليه جيعان وفلسان وهلكان وضهبان فاقد للحيلة وفاقد للرغيف ومصلوب ليل نهار على الرصيف.
{ هل هذه هي الحكومة المدنية التي ضحى من أجلها شهداء الثورة؟ .!!
{ يا “حمدوك” كدي أصحى وروق.