تغريدة تنضح بالأصالة تدين دعوة معطونة في الزبالة!!
في تغريدة له على تويتر، قال السيد رئيس الوزراء الانتقالي دكتور “حمدوك” في أغسطس الماضي، إنه (لا بد أن يقتنع كل السودانيين من كل الأطياف، بأن السودان دولة قادرة على بناء نفسها تدريجياً بنفسها وأبنائها.. ولا تحتاج لأي هبات أو صدقات تجلب لنا المذلة وتعطي الغريب الحق (للتدخل في السيادة) أو ليمارس دور (الوصاية)!!
إنه حديث يشعرك بالفخر والعزة الوطنية.. حديث يذكرنا بما قاله عام ١٩٨٥م سعادة اللواء الركن “عثمان عبد الله” وزير دفاع حكومة الانتفاضة.. والذي غرد يومها قائلاً: (إنه من الأكرم لشعبنا أن يموت جوعاً باختياره، على أن يعيش متخماً بقرار الآخرين).. كلام يوزن بميزان الذهب (أب كفة راجحة) صفق له طويلاً الشاعر الدبلوماسي الكبير “صلاح أحمد إبراهيم” – رحمه الله – وقال إنه كلام يذكر بمقولات الأحرار والزعماء الكبار مثل “نكروما” و”نهرو” و”عبد الناصر” الذي قال ذات يوم (إن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة).. مثل “نكروما” الذي اعتبر تمرد (الأنانيا ون) صنيعة استعمارية يتعين على الأفارقة قمعها في مهدها..
لكن مياهاً كثيرة مرت تحت الجسر منذ غرد “حمدوك” في أغسطس تغريدته التي كانت ستعجب “صلاح أحمد إبراهيم” لو كان حياً.
فقد دفع وزير مالية “حمدوك” خلال هذه الفترة بميزانية وصفوها بأنها الأسوأ في تاريخ السودان.. موازنة تعتمد بالكامل على الهبات والصدقات (التي تجلب المذلة) كما قال “حمدوك”..
غير أن “حمدوك” ذات نفسه انقلب (١٨٠) درجة، وكتب نهاية الشهر الماضي – وحبر تغريدته الشهيرة على تويتر لم يجف بعد – كتاباً للأمين العام للأمم المتحدة يدعوه فيه للتدخل في السودان لإنشاء (عملية سياسية) من شأنها كما فسرها الخبراء وعلماء القانون الدولي، دعوة (تعطي الغريب الحق للتدخل في السيادة الوطنية أو ليمارس الوصاية).. كما غرد “حمدوك”.
إنها دعوة صريحة لتعليق السيادة، وإعطاء الغريب الحق في ممارسة دور الوصاية.. لأن الأمم المتحدة يا صاحب المعالي دولة رئيس الوزراء، ليست قبيلة سودانية في دار كردفان الغرا أم خير جوه.. وبره.. وليست عشيرة من الرزيقات، ولا بطناً من بطون المساليت، لها حاكورة في دارفور ولا مضارب في ريف الجنينة.. ولا مرعى في بادية الضعين.. ولا تعرف حتى على الخارطة موقع الدبيبات مسقط رأس “حمدوك”.
إن إدانة كاملة يسجلها السيد “حمدوك” على نفسه.. فما بين تغريدة له تنضح بالأصالة ودعوة له معطونة في الزبالة.. ينهض ألف سؤال لقادة السيادي والوزاري إن كان في القلب إيمان وسودان.
كيف تتركون خطأ فاحشاً.. ومنكراً وطنياً، يمر هكذا مرور الكرام دون سؤال مر وجواب.. وحساب وعقاب.. كيف؟