بكل الوضوح

وحدة التصوير الفوتوغرافي ونهم (دال) في الاحتكار

عامر باشاب


{ وحدة التصوير الفوتوغرافي من الصروح الإعلامية التوثيقية المهمة، يعود تاريخ تأسيسها إلى العام 1945م، ومنذ ذلك الحين ظلت ترصد بعدسات مصوريها النشاط الرسمي والشعبي في كل أنحاء البلاد، واهتمت هذه الإدارة بتغطية أعمال ومراسم رأس الدولة والجهاز التشريعي والتنفيذي بالداخل والخارج في كل عهود الأنظمة التي تعاقبت على حُكم السودان، ما عدا حكومة الإنقاذ التي ركنت هذه الإدارة وأغلقت عدساتها لتترك أمر الرصد والتوثيق لكل من (هب ودب).
{ وحدة التصوير الفوتوغرافي التي تحولت الآن إلى شيء اقرب إلى المتحف التاريخي، عاشت أفضل أيامها في عهد الرئيس السابق “جعفر نميري”، الذي ظل كما علمت من المصور الفنان “فريعابي محمد أحمد” يوليها اهتماماً خاصاً، وفي عهده تم تأسيس مكتبة ملحقة بهذه الإدارة تعد الآن واحدة من المكتبات العريقة والعتيقة والنادرة الوجود في مجال التوثيق المصور، وهذه المكتبة تضم كماً هائلاً من الصور التي وثقت لأحداث مهمة ومراحل تاريخية مختلفة، منها صور أبيض وأسود وأخرى ملونة وبها صور تعود للقرن قبل الماضي، وهناك صور عن التنمية في المجال الزراعي والصناعي، وصور توثيق لمسيرة التعليم والصحة، وتوجد صور تخص المقابلات الرسمية لقادة الدولة، والمؤتمرات والمناسبات والأعياد والاحتفالات القومية والمهرجانات الثقافية، وصور توثق للأماكن السياحية والأثرية، بجانب الصور الخاصة بالشخصيات السياسية والعسكرية والأدبية وغير ذلك.
{ هذه الوحدة التوثيقية المهمة للأسف ظلت لسنوات معطلة. وسمعنا أن وزارة الثقافة في العهد شرعت للاتفاق مع شركة دال لأرشفة هذه الصور بطريقة متطورة وحديثة (أرشفة الكترونية) ولم يتم التعاقد لأن وكيل الوزارة حينها “كرم الله حامد” تمسك بأن تتم عملية الأرشفة والرقمنة داخل مباني الوزارة، ورفض بشدة طلب شركة (دال) التي أصرت على نقل كل الصور التاريخية إلى مبانيها بكل ما تحتويه من ثروة وثائقية قومية وتاريخية.
للأسف الشديد في عهد الوزير “فيصل محمد صالح” وفي يناير الماضي وقعت وزارة الثقافة والإعلام مذكرة تفاهم مع شركة (دال) تقوم بموجبه الشركة بأرشفة ورقمنة الصور الموجودة بوحدة التصوير الفوتوغرافي والتي يفوق عددها أكثر من (70) مليون صورة، والمعيب في هذا التفاهم الكارثي أن الوزير “فيصل محمد صالح” والوكيل “جراهام” وبدم بارد سمحا لشركة (دال) لكي تقوم بنقل كل هذا الإرث التاريخي إلى مكاتبها بمنطقة الصناعات بحري، لكي تضمها إلى قائمة الاحتكار والتي لم يسلم منها حتى مطربنا العظيم والفنان العملاق “عبد الكريم الكابلي”.
{ نتمنى من رئيس مجلس السيادة، الفريق أول “البرهان” ومن رئيس مجلس الوزراء الدكتور “عبد الله حمدوك” للتدخل لإيقاف هذا التفاهم الكارثي، الذي يجعل كل تاريخنا المصور تحت وصاية مؤسسة تجارية عرفت بحُب السيطرة ونهم الاحتكار.
{ ونتمنى أن تبقى هذه الوحدة التوثيقية في مكانها الطبيعي داخل الوزارة، أو يتم تحويلها إلى دار الوثائق، ويا ريت كمان تشرع الدولة في إعادتها إلى سيرتها الأولى لتكمل مسيرة الرصد والتوثيق عبر الصورة الصادقة والناطقة.


مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية