رأي

أكثر من حكومة.. وأكثر من وجه

أمل أبو القاسم

تتصاعد الأحداث والقرارات في البلاد بصورة متسارعة، وكلما قلنا إن هذا القرار ربما يحل المشكل ينسفه، وفي تضارب واضح قرار كان يُعول على الجهة التي أصدرته، فضلاً عن تضارب أخريات في ما بينها.
لتفسير حديثي مثلاً ظننا أن الخطوة المفاجئة التي اتخذها “البرهان” في لقاء (عنتبي) ورغم ردود الأفعال حولها، لكن الغلبة لتأييد الكثيرين لها حتى ممن كان لهم رأي مغاير، بحسبان أن الأوضاع تغيرت، والظروف التي نعيشها تستدعي التنازل. وكان حديث رئيس المجلس السيادي الفريق أول “عبد الفتاح البرهان” إنه جلس بمعزل عن رئيس وزراء إسرائيل “بنيامين نتنياهو” لأربع ساعات حتى يأخذ ضمانات كافية من الأطراف بما فيهم أمريكا. كان هذا الحديث يشي بأن هناك ثمة ضمانات من أمريكا، وربما وعود بأنه وحال التطبيع فسيرفع الحظر والعقوبات الاقتصادية على السودان، أو كما تبادر لنا، لكن ما تم تداوله من قرار أمريكا بتمديد ولاية (فريق الخبراء) المعني بالعقوبات الدولية على السودان، يدفع إلينا باليأس والإحباط مجدداً، كما يدفع بعدد من علامات الاستفهام. وما إن كان له علاقة بتسليم “البشير” كونه مرتبطاً بإقليم دارفور واستخدامه كوسيلة ضغط مجدداً؟ وفي هذه الحال إذن فأمريكا لا أمان لها، وستظل تمارس الابتزاز عبر الملفات واحداً تلو الآخر.
لكن ماذا ستقول أمريكا، وما هو رأيها وآخرون في ما أورده موقع (الأناضول) وفقاً لتقرير أممي أن مسلحين من دارفور يقاتلون في صفوف مليشيات اللواء المتقاعد “خليفة حفتر” بليبيا كمرتزقة تهدف لتقوية نفسها عن طريق كسب المال والأسلحة والمعدات؟ ما هو رأيها وآخرون أنها وفي مخالفة واضحة تتقاطع مع رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ضالعة أيضاً في توفير الحماية والمرور الآمن لتجار المهاجرين، واختطاف المهاجرين للحصول على فدية، وتهريب أسلحة ومخدرات وسيارات، للحد الذي يضطر تجار السيارات السودانيين لدفع أموال للمجموعات المسلحة في ليبيا نظير تأمينهم. أي فوضى هذه؟ وعلام التفاوض وتقديم التنازلات في ملف يعمل أهله وبعض قادة الثورية على خرقه بعدم ضبط مقاتليهم والنأي بهم عن صراعات مضرة للأمن القومي السوداني في المقام الأول؟
ملفات السودان الأمنية والسياسية والاقتصادية الداخلية والخارجية باتت تضرب فيها الفوضى بأطنابها، وتسودها (الهرجلة) وعدم الانضباط، وما ذلك إلا لتشتت الرؤى والشراكات السياسية المتشرذمة، وللسودان أكثر من حكومة وأكثر من وجه.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية