مسألة مستعجلة

ليس بالإجراءات الأمنية تحل المشكلة!

نجل الدين ادم


عندما أدلى الخبير الاقتصادي ووزير المالية الأسبق د. “عبد الرحيم حمدي” قبل سنوات بتصريحات للصحيفة بأنه يتوقع أن يصل سعر صرف الدولار إلى (100) جنيه، اعتبرنا حديث الرجل محبطاً، وأنه ناقمٌ على نظام الإنقاذ، و”حمدي” عندما قال حديثه لم يطلقه على عواهنه، وإنما قال لو لم تكن معالجات حقيقية، سوف يمضي سعر صرف الجنيه في ارتفاع يمكن أن يصل إلى (100) جنيه، هكذا أطلقها وآثرنا عدم نشرها في حينها للمفارقة الكبيرة، ووقتها كان سعر الصرف لم يتجاوز الثلاثين جنيهاً، وعندما نشرناه بعد أيام وجدت الإفادات سخط الشارع والكثير من المتابعين.
بالأمس تحققت نبوءة “حمدي” على علتها، والجنيه يبلغ مدى لم يكن يتوقعه أحد، ولو في الخيال، اقترب سعر صرف الجنيه مقابل الدولار لـ(100) جنيه، وهو ذات السعر الذي توقعه “حمدي”، والمخاوف ما تزال موجودة، وهذا يؤكد أن النظام السابق والحكومة الانتقالية الحالية فشلتا في إدارة هذا الملف، وربما نلحظ تسارع خطوات الانهيار للجنيه خلال الفترة الانتقالية، مما يعني أن الحكومة الانتقالية زادت الطين بلة.
خلال الأيام الماضية قامت السلطات بحملات ملاحقة واسعة لتجار العملة والسماسرة في محاولة لخفض سعر صرف الجنيه، ولكنها ارتدت سلباً، فكان أن ارتفع سعر الصرف إلى أرقام فلكية، وهنا يجب على الحكومة أن تعي جيداً أنه ليس بالإجراءات والتدابير الأمنية وحدها تُحل الأزمات الاقتصادية، ملف سعر الصرف يلزمه معالجات اقتصادية، وليست هذه المعالجات الهشة التي ترتد سلباً على الواقع في كثير من الأحيان، وما هو مؤسف حقاً أن معادلة الصرف هذه لا تخضع لأي معادلة اقتصادية، وإنما لأهواء السماسرة والمضاربين، وإلا لما كان للخبر الذي نشرته إحدى الصحف وتم نفيه عن اتفاق بين الحكومة وقوى الحرية والتغيير على رفع الدولار الجمركي الى (55) جنيهاً، أثر سالب لبلوغ سعر صف الجنيه إلى هذا الرقم الخيالي، ومن هنا يتضح أن هناك من يستخدم الشائعات وغيرها من الأساليب كأدوات للقفز بسعر صرف الجنيه، لذلك من الواجب على الحكومة أن تعتمد سياسات اقتصادية ومالية حقيقية حتى لا تدع المجال واسعاً لاقتصاديات السوق الوهمي للتحكم في مصائر سعر الصرف، عليكم بروشتات علاج شافية، تحمل الوصفة الحقيقية للعلاج من الخبراء والعارفين بالاقتصاد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية