رأي

ظلم الإنسان لأخيه الإنسان

أمل أبو القاسم 

حدثوني بالله كيف لا ينتكس وضعنا المعيشي ويسوق المواطن إلى حد الكفاف إذا كان المواطن نفسه جزءاً أصيلاً من الأزمة التي تعيشها البلاد، والمتمثلة في الخبز والمواصلات وأخريات؟ واستغلال الإنسان لصنوه الإنسان ليس بالأمر الجديد، وقد ضلع في عدد من القضايا ذات الصلة كالتهريب الذي يضر بالاقتصاد، وتجارة المخدرات التي تضر بالمجتمع، لكن أن يبلغ الاستغلال المتاجرة في الدقيق والخبز الذي يقف على قمة هرم المشكلات الآن، فهذا لعمري قمة الانحطاط وانعدام الضمير والإنسانية، فإن كانت الحكومة الفائتة والحكومة الانتقالية ظلمتا المواطن بسياستهما الهوجاء والعقيمة الفقيرة، وإن كانت البيوت وفي تفانٍ وتجرد فقدت فلذات أكبادها من أجل إنسان السودان عامة، كيف لكم أن تأتوا أنتم وتساهموا في هذا الفعل القبيح من أجل تكسب رخيص على حساب إنسانيتكم وإنسان مناطقكم وأحيائكم، 
وأعني بحديثي الضبطيات التي ظلت تضبطها قوات الدعم السريع والشرطة ولجان المقاومة والأخبار تتحفنا يوميا بضبط دقيق في طريقه للتهريب، أو مخابز تبيع حصتها من الدقيق، أو خبز يباع (تحت التربيزة) لأفراد كي ما يبيعوه بالسوق الأسود في الأسواق أو الأسواق المجاورة أو المدن والمناطق التي اختلفت أسعار وإعداد الرغيف للعشرة جنيهات مثلاً حيث بلغ سعر أربع رغيفات عشرة جنيهات في بعض المدن. كل هذا تحت سمع وبصر الولاة وحكومة المركز. 
بيد أن الأدهى والأمر ما أورده الزميل “ياسر العطار” في زيارته لمدينته القضارف، وكيف أن الأطفال امتنع بعضهم عن الذهاب للمدرسة أو الخروج باكراً قبيل نهاية اليوم الدراسي ليلحقوا الوقوف بصف المخابز ومن ثم يتوجهون للسوق لبيع الرغيف سوق أسود، وحيث إن الكثيرين ليس لهم متسع من الوقت أو غيره من الظروف للوقوف في الصفوف المتطاولة فإنهم يشترونه صاغرون من هؤلاء الصغار بأي سعر كان، ترى هل يعلم السادة الولاة، ووزير التربية والتعليم العام بذلك؟ 
المعلوم للجميع بل الثابت أن الانقلاب على الحكومة السابقة لم يكن لأجل تغيير المناصب والكراسي، ولا تمكين بتمكين أسوأ، ولا المحاصصة بأخرى أكثر محاباة؟ بل من أجل لقمة العيش وانعدام المواصلات والخبز وشحهما حيث بدأت شرارته من مدن الولايات وتمددت حتى بلغت العاصمة التي تبنت القضية حتى أسقطت الحكومة، ودفعت لقاء ذلك أثماناً باهظة ثم وبعد عام من ذلك لم تبارح المشكلات مكانها بل ازدادت تعقيداً. ويبدو أن المناظر ستتكرر مجدداً لا أدري كيف سيكون السيناريو القادم، فقبيل أيام جابت مسيرات منددة تشكو الحال بشمال كردفان مدينة الفولة، وسرعان ما الصقت التهمة لفلول النظام السابق، وإنهم وراء ذلك واتخذت حيال الأمر إجراءات أمنية، لكن ها هي مدينة بورتسودان وليومين متتاليين يخرج طلابها مطالبين حكومة الفترة الانتقالية بوضع حد لارتفاع الأسعار دون وضع حد لذلك، فضلاً عن عدم حصولهم على وجبة الإفطار، حيث بلغ ساندويتش الطعمية ثلاثون جنيهاً وارتفاع تعرفة المواصلات عشرة جنيهات لطالب الثانوي، 
و(لسه) الجاي أسوأ والقطاع الاقتصادي بحكومة (الهنا) يقول بتعديل السعر الرسمي للجنيه مقابل الدولار من (45) إلى (60) جنيهاً وتحريك الدولار الجمركي من (18) إلى (55)جنيه في مارس المقبل غير آبهين بالدولار الذي يقف على تخوم المائة، وحتى ذاك الوقت قطعاً سيتجاوزه، وبلا خجل يهدد وزير المالية بتقديم استقالته، ياخ الله معاك الباب يفوت (جمل).

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية