نائب رئيس البرلمان "هجو قسم السيد" في حوار استثنائي مع (المجهر):
محاور عدة، قضايا ملحة، وأسئلة ساخنة وضعناها على طاولة نائب رئيس المجلس الوطني الأستاذ “هجو قسم السيد” في حوار استثنائي على رأسها الدور الرقابي للبرلمان والدستور المرتقب، ووجهة نظر المجلس حول مستقبل العلاقات الخارجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وترتيبات البرلمان الداخلية بشأن المقاعد الشاغرة، ودوره في حملة محاربة الفساد وغيرها من الموضوعات.. فإلي مضابط الحوار..
{ أستاذ “هجو” ما هو دور البرلمان في المفاوضات التي تجري الآن مع دولة الجنوب؟
– المجلس الوطني حريص على السلام وإيقاف أي عمل مضاد مع دولة الجنوب، وتنفيذ الترتيبات الأمنية خاصة فك الارتباط بالفرقتين (التاسعة) و(العاشرة) بولايتي (جنوب كردفان) و(النيل الأبيض) وإيقاف تسليحه لحركات التمرد بدارفور بجانب إقامة علاقات إقليمية بين البلدين.
{ لكن ثمة اتهامات تلاحقكم بأنكم تسجلون غياباً تاماً عن المفاوضات؟
– البرلمان، لا يفاوض لكنه يجيز السياسات العامة للدولة، ويرسل الضوء للجهاز التنفيذي للحوار مع الجنوب.
{ ألا يوجد دور عملي ومباشر؟
– دورنا قمنا به من خلال إجازة اتفاقات التعاون بين البلدين وعلى رأسها الاتفاق الأمني والحدود والتجارة والنفط، ولا زلنا في انتظار التنفيذ، لكن يبدو أن حكومة الجنوب والحركة الشعبية تواجهان ضغوطاً من جهات متعددة كأبناء (أبيي) بالحركة الشعبية والمتنفذين من قيادات الحركة، فهؤلاء يماطلون في التنفيذ، ولعل فشل القمتين بين الرئيسين المشير “عمر البشير” و”سلفاكير” دليل على ذلك برغم تصريحات “سلفاكير” الإيجابية في بعض الأحيان، لكن على أرض الواقع لا يوجد تنفيذ.
{ إذن ما جدوى الاستمرار في المفاوضات في ظل التعنت والوضع الحالي؟
– نحن نعطي الفرصة للدولة للتفاوض مع حكومة الجنوب، فإن رأت الدولة إيقاف الأمر، ستناقش ذلك حسب المسببات والمعطيات التي تتماشى مع مصلحة البلاد.
{ هل كنتم تتوقعون الابقاء على الملف بطرف “أمبيكي” والوساطة الافريقية؟
– في تقديري أن حكومة الجنوب كانت واثقة من إحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي، حيث تجد هنالك السند من أمريكا و”سوزان رايس” كي يتمكنون من التدخل في (أبيي) ضد السودان، وبالتأكيد فإن القرار فيه شيء من الوسطية الإيجابية، بأن يحال إلى لجنة الوساطة الأفريقية مرة أخرى، وأعتقد ليس من مصلحة الجنوب الانتظار ستة أشهر أخرى دون التوصل لحل أمني أو لتمرير النفط، لأن وضعه الاقتصادي سيء للغاية ولن يتحمل أكثر، وهذا رأي عدد كبير من القيادات الجنوبية المعتدلة، فلدي اتصالات بعدد منهم وهم يؤكدون هذا الرأي، لكن يبدو أن قيادات الحركة متعنتة، وقد ظهر في الأخبار ما يؤكد وصول كمية من الأسلحة من الجنوب لقطاع الشمال.
{ ألا تعتقد أن هذه الخطوة دليل على عدم إلتزام الجنوب بالاتفاقات الموقعة بين الطرفين؟
– نعم، فهو إخلال كبير لما تم من اتفاق على وقف العدائيات، ومعناه أن يستعد السودان لحرب واسعة النطاق بالولايتين وحتى دارفور مع قطاع الشمال والجبهة الثورية، لذا كان الحوار مع حكومة الجنوب ينبني على فصل قطاع الشمال عنهم حتى يكونوا مواطنين سودانيين، ويمكن بعد ذلك التفاوض معهم كما حدث مع متمردي دارفور.
{ لكن كنتم قد أغلقتم باب الحوار معهم؟
– نعم، باعتبارها مرتبطة بدولة أخرى، لكن إذا تم الفصل يمكن للدولة أن تتحاور معهم.
{ بعد كل ذلك.. هل تتوقعون التوصل لاتفاق قبل انتهاء مدة الستة أشهر التي حددها مجلس السلم الافريقي؟
– الكوب ملئ حتى المنتصف، والمتفائل يرى الجزء المليان والمتشائم يرى الفارغ، لكن رغم ذلك أؤكد عدم وجود إرادة سياسية حقيقية، فإن لم تتوفر تلك الإرادة ستمر الستة أشهر كسابقاتها، وإن توفرت سنصل لاتفاق في أقل من شهر.
{ البرلمان لم يوضح رؤيته حول وثيقة (الفجر الجديد)؟
– هو بيان وليس اتفاقاً يراد به تفكيك السودان إلى دويلات لإزالة الحكم وفصل الدين عن الدولة وتفكيك الشرطة والأمن والجيش والمؤسسات المدنية، نجد حتى الأحزاب الكبرى تنصلت عنه وليس (المؤتمر الوطني) وحده من أنكره، فهو بالنسبة لنا (ولد ميتاً) والبعض سماه (الفجر الكاذب) لكنه ميت ولا يستحق حتى أن نناقشه تحت قبة البرلمان، وهذا رأينا كسياسيين وقيادات بـ(المؤتمر الوطني) والبرلمان.
{ لكن طالما أن الوثيقة تتنافى مع الأمن القومي ألا تقتضي تدخلاً قانونياً من الدولة؟
– بالتأكيد، فأي شخص يريد تغويض الدستور والأمن القومي سيتعرض للمحاكمة، وقد تم اعتقال عدد ممن وقعوا على الوثيقة، فمن حق الدولة المحافظة على كيانها وسيادتها، ولابد من محاكمتهم فهو برنامج تم بتمويل خارجي، ولدينا معلومات أمنية تؤكد أن الممولين الاتحاد الأوربي وأمريكا وبمساندة من (يوغندا) التي تحتضن الحركات المتمردة.
{ هل تعتقد أن استدعاء الخارجية للسفير اليوغندي بالسودان رداً كافياً؟
– بالتأكيد لا، فهو أقل مما ينبغي أن يقال لأن عداء يوغندا للسودان معروف لم يبدأ الآن، فكل دول الجوار حسنت علاقاتها بنا عدا يوغندا، لذا يبقى أن يكون رد الحكومة أكبر وأقوى من استدعاء السفير.
{ برأيك.. هل استطاع البرلمان تقريب وجهات النظر بين القوى والأحزاب السياسية داخل وخارج أروقته؟
– لا…!!
{ لماذا؟
– افتكر أن كل حزب متمترس في موقفه ولا يرغب في تغييره، ولكل حزب وجهة نظره في القضايا السياسية والعامة، واعتقد أن ما يتم يجب أن يكون كحوار بين الأحزاب أكثر منه كدور للبرلمان، وقد دعا رئيس الجمهورية الأحزاب للحوار أكثر من مرة في القضايا المختلفة وحول الدستور.
{ على ذكر الدستور.. هل سينفض البرلمان قبل إجازة الدستور الدائم.. وهل ستكون الانتخابات المقبلة وفق الدستور الحالي أم الجديد؟
– سيكون للبرلمان دور كبير في تقريب وجهات النظر بين القوى السياسية ومنظمات المجتمع وتوعية المواطنين حول الدستور فهو دور قومي، وأوكد أن الدستور الدائم ستتم اجازته من قبل البرلمان الحالي قبل أن ينفض، أما الانتخابات المقبلة فستجرى وفقاً للدستور الجديد، فما زال هناك وقت كافٍ قرابة العام ونصف.
{ هناك حديث عن اعادة هيكلة اللجان مرة أخرى وتقليص لنائبي رئيس البرلمان إلى نائب واحد فقط.. وتنحي رئيس البرلمان نفسه عن منصبه من خلال حواركم داخل الحزب.. ما مدى صحة ذلك؟
– بالنسبة للجان وصلت الحد الأدنى، ولن يحدث فيها أي تغيير أو هيكلة جديدة، ولن يتم تخفيض نائبي رئيس المجلس والبرلمان، سيستمر بتشكيلته الحالية دون تغيير حتى نهاية دورته الانتخابية، أما بالنسبة للرئيس، فهذا السؤال يُسأل عنه رئيس البرلمان نفسه، لكن أكرر ما قلته إن البرلمان لن تتغير تشكيلته الحالية حتى نهاية الدورة الانتخابية.
{ في الفترة السابقة طالب النواب بتعديل اللائحة وزيادة مخصصاتهم.. من المعروف أن المخصصات اختصاص رئيس الجمهورية ورئيس المجلس.. هل هناك تحركات بهذا الشأن؟
– من الطبيعي أن يتم تعديل اللائحة أكثر من مرة وهو أمر يخص الحزب والبرلمان معاً، لكن لم يتم حسمه، وأتوقع مناقشته في الدورة المقبلة. أما المخصصات، فنحن ننتظر ما سيسفر عنه قرار الدولة حول أجور العاملين، وبعدها سننظر في مخصصات النواب.
{ يوجد عدد من المقاعد الشاغرة. هل سيتم فيها إجراء؟
– ستعلن المفوضية للأحزاب ملء الشواغر عن كل دائرة جغرافية أو من القائمة الحزبية التي أتى منها النائب.
{ هناك اتهام بأن البرلمان يمرر قرارات الحكومة وأداؤه ضعيف.. وهناك من أطلق عليه برلمان (البصمة)؟
– الفهم في هذه المسألة يحتاج إلى تصحيح، فالبرلمان يتكون بنسبة عالية من الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني)، ولديه هيئة برلمانية من الحزب، ومعظم القرارات الرئيسية التي يخرج بها تناقش في أجهزة الحزب، ثم يكتمل الحوار حولها وتكون أخذت دورتها وحظها من النقاش، ثم تُجاز في البرلمان بعد التداول حولها، ونحن لا نبصم.
{ لكن.. ألا يؤكد ما قلته إن الأغلبية من الحزب الحاكم وصحة الاتهام؟
– على العكس، لأن النواب تم انتخابهم من الشعب وجاءوا من دوائر مختلفة، لكن لأنه لا توجد معارضة قوية داخل البرلمان، لذلك الناس (بيشوفو) كل النواب يقولوا (نعم)، وأؤكد أن القرارات التي يخرج بها المجلس تجد حظها من النقاش والتشاور، وأحياناً تجري فيها تغييرات ومعالجات، لكن هناك أشياء لا تحتاج إلى تعديل، فنتركها كما هي، فإن خرجنا برأي مطابق للحكومة، لا يعني أننا نمرر قراراتها، فليس بالضرورة أن نخالفها ليقال العكس.
{ يرى البعض أن البرلمان لم يؤدِ دوره كاملاً في محاربة الفساد؟
– نحن نقوم بدورنا الرقابي، وأية قضية فساد ترد في تقرير المراجع أو تصل من خلال الشكاوى نتقصى حولها، وإن كانت بها شبهة قانونية نرفعها للنائب العام.
{ هناك وزراء يمتنعون عن المثول أمام البرلمان كـ”المتعافي” مثلاً تم استدعاؤه أكثر من مرة ولم يستجب؟
– لا يوجد وزير يتجرأ أو يستطيع الامتناع عن المثول أمام المجلس، لأن اللائحة والدستور يلزمانه بذلك، وقد يكون “المتعافي” في ذلك الوقت خارج السودان، لكنه كبقية الوزراء يستجيب للاستدعاءات.
{ لديك رأي حول التطبيع مع أمريكا.. هل تتوقع خطوة ايجابية في الفترة المقبلة؟
– رأيي لم يتغير، فكل المعطيات والأحداث تؤكد أن أمريكا لا ترغب في التطبيع مع السودان، الآن هي تستقبل (عرمان، عقار والحلو) في الوقت الذي ترفض فيه استقبال رئيس البرلمان وأعضاء الوطني، افتكر أن العلاقة الايجابية مع أمريكا ليست حقيقية، لكن هي عبارة نسمع بها في الصحف لتصريحات مرة من “ليمان” وأخرى سلبية من “سوزان رايس”. وعلى مستوى الخارجية والبرلمان لا يوجد حوار أو علاقة مباشرة، برغم ذلك على الدبلوماسية السودانية، فتح فرصة لحوار مباشر بين البلدين حتى مع الأحزاب الأمريكية كالجمهوريين والديمقراطيين لتغيير وجهة نظرهم نحو السودان، حتى لا يستقون معلوماتهم من جهات معادية لنا.