حوارات

القيادي بتجمع المهنيين “أمجد فريد” في حوار الراهن مع المجهر

*الاتحادات الحالية جزء من النظام القديم وينبغي أن تذهب إلى مزبلة التاريخ

*إصلاح الخدمة المدنية لن يحدث بجرة قلم أو بمنهج الصالح العام القديم والتشريد العشوائي
* (في مواطنين سودانيين نحن ما عارفنهم وين) والحكومة يجب أن تصل لنهاية واضحة بخصوص مصير هؤلاء المفقودين.
هو شخصية مثيرة للجدل، ربما قادته مصادمته لصنع عدد لا يستهان به من الأعداء، رغم ذلك ظل من الأسماء البارزة في تجمع المهنيين السودانيين، التقيناه مع الزميلة (اليوم التالي) على هامش المؤتمر الصحفي لمبادرة مفقود

حوار – ميعاد مبارك

– ما هو الدور المنوط بتجمع المهنيين السودانيين ما بعد تكوين الحكومة الانتقالية؟
– تجمع المهنيين مواجه بمشاكل كبيرة جداً جداً ومهام كبيرة أبرزها استعادة البناء الديمقراطي للنقابات السودانية والتركيبة الديمقراطية وهيكلة النقابات بطريقة فئوية، على مدى (30) سنة من حُكم الإنقاذ حاول المؤتمر الوطني بأذرعه المختلفة تشويه الحركة النقابية السودانية بفرض قوانين نقابة المنشئة وتكسير شكل النقابات الفئوية في السودان، تجمع المهنيين لديه لجنة عمل نقابي تدرس حالياً في التجارب النقابية المختلفة لوضع قانون بديل للنقابات وتحاول الإعداد لورش ومؤتمرات مختلفة لكيفية استعادة البناء النقابي. بالإضافة إلى الدفاع عن حقوق منتسبي النقابات، والبدء في تكوين هذه النقابات في شكلها الديمقراطي وهل ستختار أن يكون لها اتحاد مهني عبر تجمع المهنيين أو أن يكون عبر اتحاد العمال الأوسع وغيرها.
هناك مهمة أخرى لتجمع المهنيين وهي مهمة الواجب الوطني لمراقبة الديمقراطية والعمل على تعزيزها والعمل على الدفع بها ومراقبة أداء الحكومة.
– وماذا عن الاتحادات والنقابات الحالية؟
– الاتحادات الحالية عبارة عن أذرع للسُلطة، استخدمتها الإنقاذ على مدى (30) سنة كأذرع سلطوية تقمع بها المهنيين والعمال، ولا تمثل قضاياهم ولا ترفع راية الدفاع عنهم، ودونك اتحاد الصحفيين، عندما ننظر للمستقبل لن ننظر لأدوات الماضي الاتحادات الحالية جزء من النظام القديم وينبغي أن تذهب إلى مزبلة التاريخ.
– ما هي أولى أولويات الحكومة الانتقالية من وجهة نظرك؟
– هنالك الكثير من الأولويات التي ليست لها تراتبية فالحكومة الانتقالية مواجهة بكثير من الملفات ينبغي أن تركز في العمل فيها بالتوازي، من أكثر التحديات البارزة ملف السلام وإنجاز عملية سلام حقيقية تختلف عن المنهج الذي كان يعمل به نظام الرئيس السابق “عمر البشير”، وهذه العملية لا يمكن أن تكون فعَّالة إذا لم تخاطب جذور مشكلة الحرب في السودان، لا يمكن أن نبحث عن دولة مدنية واستقرار في السودان بدون تحقيق سلام والمدخل الوحيد لتحقيق السلام في السودان العدالة، لا مدنية ديمقراطية بلا سلام ولا سلام بدون عدالة، عدالة في معناها الأوسع: اجتماعية، في توزيع الموارد، الخدمات في السودان والعمل على كسر سجن منهج الاستغلال القديم في السودان، واحدة من مشاكل السودان أن هناك فئات اجتماعية معينة تحتكر السُلطة والثروة والخدمات منذ ما قبل استقلال السودان، هذه الفئات النخبوية يجب أن تفهم بشكل واضح أن من الأفيد لها والأجدى للشعب السوداني واستقرار وسلام السودان أن تكون هناك عدالة في انهاء حالة التمييز وعد المساواة الأفقية بين المناطق والأقاليم في السودان وعدم المساواة الرأسية بين الفئات الاجتماعية المختلفة، والمدخل لهذا دعم الخدمات الاجتماعية، دكتور “حمدوك” كان لديه تصريح جيد حول وضعه مجانية التعليم والعلاج في أولى أولوياته ودا مدخل جيد.
هناك تحدٍ آخر يُواجه حكومة “حمدوك” وهو كلفة رفع المعاناة عن كاهل المواطن، هناك انهيار كامل للاقتصاد في السودان وهذا لديه أسبابه المتعلقة بالفساد وسوء الإدارة ومنهج النظام السابق الذي كان ينظر للدولة كأداة للربح ولملء الجيوب الشخصية، إذن تقليل كلفة الحياة في السودان وإعادة تعريف مفهوم الدولة كخادم اجتماعي للمواطنين يجب أن تكون من الأولويات الأساسية لحكومة “حمدوك” في شهورها الأولى.
-ملف المفقودين لم يجد الاهتمام الذي يستحقه حتى الآن، برأيك ما مدى إمكانية مؤسسات الدولة في الوقت الراهن من حسم قضية مفقودي اعتصام القيادة وإيصالها إلى نهاياتها ؟
– ليس إمكانية، إنما هو واجب أجهزة الدولة، ما تقوم به مبادرة مفقود ولجنة تجمع المهنيين ونقابة الأطباء ولجنة الأطباء المركزية والتحالف الديمقراطي للمحامين في قضية المفقودين، كلها جهود أهلية، اعتقد أن من أولى وأعجل أولويات الحكومة أن تخاطب هذا الملف بلجنة قانونية عدلية دورها واضح وهو أن تجد المواطنين السودانيين الذين تم فقدهم بعد مجزرة 29 رمضان، الدولة خادم اجتماعي ودي مشكلة مجتمعية، (في مواطنين سودانيين نحن ما عارفنهم وين) والدولة المفروض تلعب دورها بشكل مباشر ويجب أن يصل ذراعها التنفيذي إلى نهاية واضحة بخصوص مصير هؤلاء المفقودين.
– رغم تخصيص الستة أشهر الأولى بعد تكوين الحكومة الانتقالية للسلام إلا أن الحركات المسلحة والجبهة الثورية خاصة لديها منظور مغاير كيف يتم السلام في ظل هذا التباين؟
– هناك أمر أساسي يجب أن نفهمه وهو لا يمكن أن نسمح بعد ثورة ديسمبر المجيدة والانتصارات المشهودة، أن تقوم مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسة العسكرية برفع بندقية ضد مواطن سوداني، هذا أمر مرفوض تماماً وإذا بقى بكون شعار تسقط بس، يدق على هذه الحكومة، حركات الكفاح المسلح هي ليست مجرد حركات مسلحة تخوض حرب عبثية إنما هي حركات سياسية سودانية لديها مطالبها السياسية المشروعة، لم يدع لها النظام السابق إلا رفع السلاح بمنهج الإقصاء والعنف والتمييز ضد المواطنين السودانيين على أساس دينهم ومناطقهم وإثنياتهم، اعتقد أن التأسيس النظري لحكومة ما بعد الثورة كان يقوم على أن هناك صفحة جديدة من تاريخ السودان فتحت مبنية على المساواة أمام القانون وحق السودانيين كلهم في التأثير على العملية السياسية بشكل متساوي، فترة الستة أشهر قد لا تكفي وقد يكون للجبهة الثورية والحركات المسلحة أخرى آراء يجب نقاشها معهم ووضعها في الاعتبار والسماح بوجود منهج ديمقراطي يتم خلاله وضع اعتبار لكل هذه الأطروحات السياسية ومناقشتها وإيجاد الحل الأفضل لكل السودانيين للوصول لما يتوافقون عليه.
– الجبهة الثورية ترى أن الحكومة الحالية حكومة محاصصات؟
– الجبهة الثورية طرحت ترتيبات لعملية السلام تم تضمين أغلبها في الفصل رقم (15) من الوثيقة الدستورية، الجبهة الثورية ترى أن هناك نقاطاً أساسية لم يتم تضمينها وهذا من حقها وأمامنا فترة الستة أشهر لمناقشة ذلك، اعتقد أن هناك نقاط تحول إيجابية وصولاً للحل الذي يجمع كل السودانيين وإخراج البندقية من العملية السياسية للأبد وهذا لن يتم إلا عبر عملية سلام حقيقية تعالج جذور المشاكل التي أدت للحرب.
– هناك تخوف من تغلغل فساد النظام القديم في مؤسسات الدولة؟
– هنا نحن نتحدث عن منهج التمكين ومنهج الإحالة للصالح العام والتي كسرت الخدمة المدنية السودانية، إحدى كبرى المهام المواجهة بها حكومة “حمدوك” هي إعادة إصلاح الخدمة المدنية السودانية وهذا لن يحدث بجرة قلم أو بمنهج الصالح العام القديم والفصل والتشريد العشوائي، لكن اظن أن على حكومة “حمدوك” استعادة منهج العدالة في الخدمة المدنية بحيث تكون هناك فئات موحدة لتولي مناصب في الخدمة العامة هذه المراجعة موكلة للذراع التنفيذي، على سبيل المثال في وزارة الصحة خلال (6) أشهر من انقلاب 1989 فصلت الإنقاذ (55) مدير إدارة طبية من (60) كانوا يديرون النظام الصحي في السودان، وهذا من الأسباب التي أدت مباشرة إلى انهيار الخدمات الصحية في السودان، حالياً يجب أن تتم مراجعة لمؤهلات من يتولون مناصب الخدمة العامة، هل هم الأكثر تأهيلاً فعلاً أم أنهم اتوا لأنهم من أصحاب الولاء للنظام السابق فقط، يجب أن تتم هذه العملية بشكل مستمر وواضح وعادل وشفاف، بالإضافة إلى أن الكثير ممن هم في هذه المناصب لديهم جرائم فساد (هم ذاتهم في عضمهم) لذا المسار القانوني للإصلاح وتحقيق العدالة هو المسار إلى إصلاح الخدمة المدنية.
– فيما يلي محاكمة الرئيس السابق، يحاكم فقط فيما يلي جرائم فساد مالي؟
– النظام السابق ارتكب الكثير من الجرائم ليس الفساد المالي فقط، وأعجبني ما قاله القاضي خلال محاكمة “البشير” وتأكيده على أنه مطلوب على ذمة قضايا وجرائم أخرى، لا أريد التعليق على قضايا لازالت قيد المحكمة، ولكن من الضروري التأكيد على أن تحقيق العدالة مطلب شعبي ومطلب سياسي، المؤتمر الوطني وقادته ارتكبوا الكثير من الجرائم في حق المواطن السوداني، أنا ادعو كل مواطن سوداني له مظلمة من النظام السابق لفتح بلاغات مباشرة ضدهم.
– “حمدوك” تحدث عن حاجة حكومته لمبلغ (8) مليارات دولار كيف ستحصل على هذا المبلغ؟
– هذا السؤال يُوجه لحكومة “حمدوك”، زمن السياسيين البنظروا في كل شيء المفروض ينتهي شفنا المنهج بتاع السياسي السوبرمان البتكلم في كل حاجة ودانا وين، اعتقد أن السياسة الاقتصادية لحكومة “حمدوك” مبنية على الأهداف التي قالها ودورنا هو مراقبة تنفيذها بشكل واضح، وأتمنى ألا نقع فريسة مرة أخرى لصراعات المحاور ونتلقى الدعومات مقابل مواقف سياسية، مشكلة السودان ليست مشكلة فقر بقدر ماهي مشكلة استغلال وسوء إدارة وفساد، أنا أتمنى أن يكون منهج الحكومة الاعتماد على الذات وإيجاد رؤى وطنية لإدارة الأمر دون الانعزال عن العالم، نحن في الآخر ما حنقدر ننعزل عن بقية العالم.
– في ظل الحكومة الانتقالية هل يمكن أن يخرج السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب؟
– السودان لم يكن دولة راعية للإرهاب بل الذي كان يرعى الإرهاب هو النظام السابق الذي اختطف السودان واختطف الدولة واختطف الحكومة ورعى الإرهاب، ذلك النظام أسقطه الشعب السوداني وحيداً ومنفرداً بمعركة باسلة لم تسقطه واشنطن أو غيرها، لذا فاستمرار معاقبة الشعب السوداني على جرائم النظام السابق الذي انتفض وثار ضده سيكون أمراً غير أخلاقي من واشنطن أو المجتمع الدولي، الشعب السوداني كتب بمداد من نور صفحة جديدة من تاريخه ولا ينبغي تحميله وزر النظام السابق.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية