القيادي بقوى الحُرية والتغيير “عز العرب حمد النيل” في حوار مع (المجهر) (2-2)
* موظفو الدولة يتم تصنيفهم بأنهم مؤتمر وطني ولكن (...)
– *تصفية مؤسسات الدولة لابد أن تعكف عليها مجموعات متخصصة من (قحت)
-لهذه الأسباب (…) نريد لجنة وطنية مستقلة تحقق في أحداث فض الاعتصام
*نريد إعادة بناء حزب الحركة الوطنية على أسس جديدة
أكد القيادي بقوى الحُرية والتغيير “عز العرب حمد النيل” على ضرورة إقالة وتصفية قيادات الصف الأول من الخدمة العامة حتى تتم إزالة ما سماها بالدولة الخفية نافياً أن يكون جل موظفي الخدمة العامة من منسوبي المؤتمر الوطني، مشيراً إلى أنهم موظفون حنوا ظهورهم لكي يمضوا في طريق وظيفتهم، مؤكدا بأن البعض يصفهم بأنهم انتهازيون مبرراً كونهم وقفوا مع الثورة فإن هذا يجد لهم العذر بأنهم حنوا ظهورهم لكي يعيشوا، وشدد “حمد النيل” على ضرورة تكوين لجنة وطنية مستقلة تسرع في التحقيق حول أحداث فض الاعتصام وفي كل الجرائم التي ارتكبت طيلة الثلاثين عاماً، كما تحدث عن المشكلات التي تواجه الاتحاديين وكيفية حلها، كما تحدث عن الكثير المثير في الشأن الاتحادي والذي تجده في ثنايا الحوار..
حاورته : نجاة إدريس إسماعيل
*كيف نفكك هذه الدولة الخفية ؟
-يحتاج الأمر لفرق عمل تعكف على دراسة كل مؤسسات الدولة، وأنا اعتقد بأن هناك كثيراً من موظفي الدولة يتم تصنيفهم بأنهم مؤتمر وطني إلا أنني اعتقد بأنهم موظفون حنوا ظهورهم لكي يمضوا في طريق وظيفتهم ولا علاقة لهم بالمؤتمر الوطني، وهؤلاء يتم تصنيفهم من البعض بأنهم انتهازيون ولكن كونهم وقفوا مع الثورة فإن هذا يجد لهم العذر بأنهم حنوا ظهورهم لكي يعيشوا، ولو كان كل الموظفين الذين بالخدمة العامة هم مؤتمر وطني فإننا بذلك نجد لهم العذر في أن يحكمونا، أما الحديث عن تصفية مؤسسات الدولة فلابد أن تعكف عليها مجموعات متخصصة من قوى إعلان الحُرية والتغيير أو عبر لجان الأحياء ولجان المقاومة بحيث يتم تصفية هذه الجموع عبر مجموعات دارسة لهذه المؤسسات.
*هل تشمل التصفية القيادات مثل وكلاء الوزارات مثلاً ؟
-نعم القيادات لابد من تصفيتهم وهذا الأمر تأخرت فيه قوى الثورة، وأنا في تقديري بمجرد أن تم تكوين مجلس الوزراء ورئيس المجلس وبدأ الحديث عن تعيين رئيس القضاء والنائب العام وتكوين مجلس القضاء فكان لزاماً أن تصفى كل قيادات الصف الأول لتكون في عتاد التاريخ.
*قضية القصاص للشهداء والجرحى والمفقودين تعتبر من القضايا العاجلة لماذا تم تأخير هذه القضايا وهل السبب في ذلك عدم تعيين رئيس القضاء والنائب العام ؟
-تعيين رئيس القضاء والنائب العام جزء من المشكلة الرئيسية، ولكن الأهم من ذلك تكوين لجنة وطنية مستقلة للتحقيق في فض الاعتصام، وهذه من القضايا الأساسية وكذلك كل الجرائم التي ارتكبت في حق الشعب السوداني طيلة ثلاثين عاماً، ولابد من استقلالية هذه اللجنة، ونحن مطالبون بالإسراع في تكوين هذه اللجنة المستقلة الوطنية، وقد نصت على ذلك الوثيقة الدستورية أن بالإمكان أن تستعين ببعض المعنيين والقانونيين في هذا الاتجاه.
*هناك من تحدث عن لجنة دولية ؟
-نعم ولكن هناك تجارب دولية خاصة اللجنة الدولية التي أنيط بها التحقيق في مقتل “رفيق الحريري” وهذه استغرقت سنين طويلة ولم تنجز شيئا، لذلك جنح الناس للحديث عن لجنة وطنية مستقلة تسرع في التحقيق حول أحداث فض الاعتصام وفي كل الجرائم التي ارتكبت طيلة الثلاثين عاماً، وهذا الموضوع ما يؤخره هو تعيين رئيس القضاء والنائب العام، ولكن منوط بقوى إعلان الحُرية والتغيير بالاتفاق مع مجلس الوزراء تكوين هذه اللجنة بحيث تنظر في هذا الموضوع.
*هناك تحقيق خرج للنور ولكن نتائجه لم تكن مقبولة في الشارع العام .. ما الذي يضمن أن تكون نتائج التحقيق كسابقها ؟
– اللجنة التي عملت التحقيق لم تكن من اختيار قوى الحُرية والتغيير ولا من اختيار مجلس الوزراء، وهذا الأمر تم قبل أن يتكون مجلس الوزراء، ولم تكن قوى الحُرية والتغيير جزءاً منه، وأنا اعتقد بأن تلك اللجنة تمثل النظام السابق لذلك أسرعت في أن تصل لنتائج .. لا يمكن الاعتراف بما وصلت إليه هذه اللجنة، ولابد أن يكون العكوف الآن للجنة مستقلة ومحايدة لكي تنظر في قضية فض الاعتصام وفي كل القضايا الأخرى.
*المشكلة الاقتصادية لازالت تراوح مكانها بالرغم من أن الحديث عنها يمكن أن يكون مبكراً لحكومة تشكلت قريباً ولكن في رأيك كيف نستطيع أن نخفف تلك الأزمات ؟
-بالأمس خرج تصريح لوزير المالية يتحدث عن كيفية حل الأزمة الاقتصادية وحل مشكلة الأكل والشرب وهي واحدة من المشاكل الاقتصادية التي تهم المواطن السوداني، وهذا يعود بنا لحديث المتخصصين في الاقتصاد، ولكنني اعتقد قريباً جداً وفي فترة لا تزيد عن ستة أشهر سيشعر المواطن السوداني بنقلة فيما يتعلق بالضائقة المعيشية وقضيتي الأكل والشرب، وهذه تمثل القضية الأولى لحكومة “حمدوك”، والمواطن السوداني الذي كان يتحدث عن سعر العُملة بالكاش والشيك الآن لم يعد هناك كاش وشيك وهذه ربما تكون من المؤشرات الإيجابية بأن الحكومة تسير في الاتجاه السليم.
*لنعرج قليلاً إلى الشأن الاتحادي .. هل هناك مبادرة لتوحيد الاتحاديين ؟
-المبادرات في ساحات الاتحاديين كثيرة وجميعها تتحدث عن توحيد الاتحاديين أو وحدتهم، وأنا شخصياً أصبحت لا أميل للحديث عن الوحدة، ولكنني أتحدث عن إعادة بناء لحزب الحركة الوطنية على أسس جديدة ..درجت تيارات الاتحاديين في السنوات السابقة عن التقاء قيادات وما إن تلتقي تلك القيادات في احتفال أو برنامج جماهيري إلا وينفض سامرها بعد هذا اللقاء .. الآن نحن في التجمع الاتحادي نريد أن نذهب بقضية الاتحاديين إلى مظانها وهي الجماهير، نريد أن نبني هذا الحزب من القواعد، والآن التجمع الاتحادي هو كيان يجمع مجموعات اتحادية إلا أنه جسم مرحلي يريد أن يصل بالاتحاديين إلى المؤتمر العام وينبغي أن ينجز هذا الموضوع في غضون عام، وإذا لم يستطع فمن المفترض أن يترجل من على صهوة جواده، ويأتي آخرون من التجمع نفسه لكي ينجزوا مهمة المؤتمر العام، ولهذا فنحن نتحدث عن إعادة بناء حزب الحركة الوطنية على أسس جديدة من القواعد إلى القمة وليس العكس.
*ماذا تعني بأسس جديدة ؟
– بدلاً من أن تلتقي القيادات وتقول إننا توحدنا نذهب إلى جماهيرنا بالقرى والمدن والفرقان وتأتي القيادة بالانتخاب وهذه هي الأسس الجديدة التي اتحدث عنها، والمعروف بأن الاتحاديين لم يعقدوا مؤتمرهم منذ أكثر من خمسين عاماً.
*التجمع الاتحادي مجموعة نخبوية مع أن رصيد الحركة الاتحادية تاريخياً رصيد جماهيري ؟
هي ليست مجموعة نخبوية ..هي مجموعة تيارات اتحادية عندها امتداداتها على مستوى الجماهير ولكن هي تكون في مجملها التجمع الاتحادي، وبالتالي نحن لسنا تنظيماً صفوياً، وإذا كنا صفويين فسنعجز من أن نصل للجماهير، ولكن الاتحادي الآن بوصفه كان واحداً من مكونات الثورة فالآن التجمع له نواته وعمله في جميع مدن السودان وأريافه وهذا يؤكد بأننا لسنا مجموعة صفوية أو نخبوية، إنما من تصدى للعمل، فهي لم تكن مجموعة قليلة قبل أن تتصدى للعمل الجماهيري وحديث إننا مجموعة صفوة حديث غير صحيح.
*صفوة باعتبار أن الاتحاديين الذين كانوا بالاتجاه المعارض ليسوا بكثر بخلاف الاتحاديين الذين كانوا يشاركون النظام البائد ؟
-لا.. ليسوا قلة ّ!.. وإذا كنا قلة فلن يكون لنا دورنا الكبير في إنجاز الثورة..
*(مقاطعة) أنتم أنجزتموها بمعاونة آخرين وليس كحركة اتحادية بمفردكم ؟
-واحدة من المقولات التي أرددها بأن الاتحاديين كرم الله وجوههم بعدم السجود لنظام عسكري أو نظام دكتاتوري أو نظام شمولي، لذلك من تركوا صفوفنا وأصبحوا مع الإنقاذ فلا مكان لهم من الإعراب.. إذا كانوا من الحزب الاتحادي المسجل أو الاتحادي الأصل، وهذان الحزبان اختارا طريقاً آخر وتركا طريق الاتحاديين وجماهيرهما مع التجمع الاتحادي الذي أنجز الثورة لذلك جماهيرهما جزء منا ومعنا في ذات الموقف ومن أراد أن يكذب الجماهير فليسألهم هل هم مع الاتحادي الأصل أم مع المسجل أم مع التجمع الاتحادي الذي لعب دوراً في الثورة مع مكونات الشعب السوداني.
*ولكن هذه الجماهير التي تتحدث عنها مقتنعة تماماً بأنها لن تكون إلا مع البيت “الميرغني” تحديداً .. فكيف تقنع أناساً درجوا على القداسة ليتبنوا حزباً ديمقراطياً على أسس جديدة مبنية على الانتخاب؟
-نحن الآن في سياق زمني مختلف أصبح فيه كثير من قواعد الاتحاديين يفرقون بين نظرتهم للطريقة الصوفية وانتماءهم للحزب، فحزب الاتحاديين إذا أردنا التحدث عنه كحزب حركة وطنية ولد بمولد الخريجين عام 1938، ويمكن القول إن الشعب السوداني عرف القيادة القبلية والقيادة العشائرية والقيادة الطائفية، ولكن بمولد مؤتمر الخريجين الذي انبثقت منه الأحزاب أصبح الشعب السوداني يعرف نوعاً جديداً من القيادة وهي القيادة المنتخبة، والآن هناك درجة وعي للاتحاديين وغيرهم يستطيعون التفريق عبرها بين الشيخ وبين الزعيم وبين القوى المستنيرة المنوط بها قيادة الشارع السوداني أو قيادة الاتحاديين إلى وضع أفضل على مستوى السودان، لذلك فنحن نراهن على وعي الجماهير لتختار من تختاره ما دامت هي صاحبة الحق ولنتماسك جميعاً.
*هل للأشقاء منظرون بعد رحيل الأستاذين “أحمد إسماعيل شيلاب وربيع حسنين” ؟
– الاتحاديون يمثلون ساحة المفكرين الحقيقية، وسيرى الشعب السوداني الاتحاديين في المستقبل القريب .. هؤلاء الشباب الذين لعبوا دوراً كبيراً في إنجاز الثورة وهذا الجيل الشبابي يعج بمفكرين، واعتقد أن ساحة الاتحاديين هي ساحة الفكر الحقيقية، وحتى “أحمد إسماعيل شيلاب” كان بعيداً عن الأضواء ولكن يعرفه المثقفون والمفكرون من الاتحاديين وغيرهم، ونحن نتفاءل بهذا الجيل الجديد الذي لعب دوراً في إنجاز الثورة سيرى الناس منه مفكرين أو مشاريع مفكرين في القريب العاجل.
*الحركة الاتحادية كتيار وسط متنازعة ما بين اليمين واليسار، فمثلاً “الرشيد الطاهر بكر” جاءها من أقصى اليمين و”عبد الماجد أبو حسبو” جاءها من أقصى اليسار.. فكيف ننظّر لهذا التنازع ؟
– هو ليس تنازعاً ولكن التكوين أقرب لتكوين جبهوي يجمع يمين اليسار ويجمع يسار اليمين وهكذا.. ولكنهم جميعاً يلتقون في أفكار الاتحاديين في منطقة وسطى .. أنا اعتقد بأن ليس الاتحاديين وحدهم ولكن الساحة السياسية كلها تعج بالأحزاب التي يمكن أن تصنف في تيار الوسط، ولذلك لابد من إدارة حوار بين هذه الأحزاب بما فيها التجمع الاتحادي – لخلق مشروع نهضوي يمثل هذا الوسط ينقل السودان إلى منطقة متقدمة، وأنا اعتقد بأن التطور الطبيعي كان يمكن أن يحدث لولا أن حدثت الانقلابات العسكرية وكان هذا التطور يمكن أن يفضي بنا إلى حزبين كبيرين على النسق الموجود في أمريكا وأوروبا عامة على نسق الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة أو العمال والمحافظين في بريطانيا، وإذا تركنا الديمقراطية تسير في طريقها الطبيعي فيمكن أن يذهب الأمر في طريق حزبين والساحة السياسية الآن بها تحالف المتشابهين، وأنا اعتقد بأن هناك من يشبهنا في تيار الوسط.
*كأنك تريد للزمان أن يرجع ستين عاماً للوراء عندما كان هناك حزبان: الاتحادي والأمة .. أما الآن فهناك اصطفاف قوى الحُرية والتغيير – الداعم للثورة ومقابله (تيار نصرة الشريعة) ومجموعة الذين ناصروا النظام البائد.. فهل يمكن أن يكون المصطفون هؤلاء حزبين فقط بدلاً عن المائة الحزب الموجودة في الساحة الآن ؟
– أنا اعتقد أن الأصل في الأشياء الاختلاف وليس الاتفاق، ولكن علينا بعد ذلك أن ندير هذا الاختلاف وأن نقدم مصلحة الوطن على كل المصالح الحزبية، لذلك المقايسة لا تكون بحزب اتحادي مقابل حزب أمة إلا أن إدارة الحوار كادت تفضي بنا إلى حزبين كبيرين ..ليس بالضرورة أن يكونا الاتحادي وحزب الأمة ولكن إدارة الحوار يمكن أن تأتي بالجميع في منطقة وسطى ليكونوا حزباً واحداً (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم) خلقهم ليديروا هذا الاختلاف ونحن الآن نحتاج أن ندير هذا الاختلاف حتى نصل لحزبين كبيرين.
* هل حدث الاصطفاف اليميني هذا لمكونات الإسلاميين ليكون معارضاً للثورة لأن قوى الحُرية والتغيير أقصتهم خاصة أن هناك مكونات كالشعبي أو الإصلاح الآن تدعي بأن شبابها كانوا ضمن الثوار؟
-عندما حدث الانشطار بين المؤتمر الوطني والشعبي كان يكون السؤال الأساسي: هل هذا الأمر كان في مصلحة الإسلاميين عموماً أم لا ؟ ولكن حالة الانشطار هذه كانت ليحفظوا وجودهم في القادم فظهرت مكونات مثل “المؤتمر الشعبي” و”الإصلاح الآن” لاحقاً لأنهم كانوا يعلمون بأن المؤتمر الوطني سيكون مرفوضاً يوماً ما، فخرجوا منه ليقولوا للناس إننا كنا ضد المؤتمر الوطني، ولكني اعتقد بأنهم جميعاً ملة واحدة وبدأوا يتحدثون عند الثورة بأنهم ضمن الثورة وأنهم في ميدان الاعتصام، وكنت قد استضفت في قناة (الجزيرة) ومعي “أبو بكر عبد الرازق” ممثل (الشعبي) فقال لي: نحن جزء من الاعتصام وموجودون في ساحته، ولكنني طالبته بأن يدخل منصة الاعتصام ويتحدث باسم (المؤتمر الشعبي) فعندها لن تقبله قوى الثورة، ولذلك فالأفضل لهم جميعاً أن يكونوا في مكان واحد حتى يحاربهم الشعب السوداني جميعاً في مكان واحد، ولا يحاربهم في أماكن متعددة.