المرشح المستقل لمنصب والي القضارف د."يوسف إسماعيل عبد الله الزبير" للمجهر:
ينطلق المرشح المستقل لمنصب والي القضارف في الانتخابات “يوسف إسماعيل عبد الله الزبير” من رؤية علمية لكونه خريج جامعة الخرطوم في عام 1978م، نال شهادة الماجستير والدكتوراه في علم النفس، وهو أستاذ جامعي وأكاديمي في عدد من الجامعات سابقاً، ويشغل حالياً منصب نائب رئيس الاتحاد العالمي للإعاقة الذي يتكون من (70) دولة، أمين المنظمة السودانية لمكافحة العنف ضد المرأة، عضو الجمعية السودانية لتوثيق المعرفة.. نشاطاته ذات صلة بالمجتمع المدني.. كان يعمل في المملكة العربية السعودية قبل أن يعود إلى السودان في العام 2000م.. سألناه عن جملة من القضايا وكانت هذه إفاداته..
{ من يقف خلفك في الترشح لمنصب والي ولاية القضارف؟
– نحن مجموعة من الأساتذة الأكاديميين والمجتمع المدني، وجزء كبير من هذه الفئة يقف متفرجاً، لأنه يعتقد أن الأوعية السياسية الموجودة الآن غير قادرة على استيعاب قدراته وإمكانياته بصورة كاملة. لذلك توقف هؤلاء في حدود المؤتمرات التي يحضرونها والأوراق العلمية التي يقدمونها من دون أن يجعلوا هذا العمل يدخل ضمن احتياجات الوطن لأنهم يعتقدون أن الأوعية السياسية الموجودة حالياً لا تستطيع أن تضم رشدهم وسلوكياتهم بصورة كاملة. لذلك فكرنا نحن في بعد أساسي أن نتيح فرصة أكبر للبرامج والسياسات التي يمكنها أن تقدم حلولاً علمية مما يقال في المؤتمرات والأوراق العلمية من دون الاستفادة منه وتطبيقه في واقع احتياجات الوطن. وانطلاقاً من هذه المسألة فكرنا أن ندخل من خلال ولاية القضارف لمعالجة الكثير من القضايا التي نعتقد أنها ليست خاصة بالقضارف فقط وإنما هي مدخل لقضايا تهم السودان ككل، خاصة من حيث تطوير الزراعة والتنمية والصحة والتعليم، وهي كقضايا تهم الولاية ولكنها جزء من الوطن.
{ الانتماء السياسي؟
– أبداً.. انتمائي للوطن ككل، ولقضاياه ولحقوق الإنسان. ومن منطلق الانتماء للمجتمع المدني تضيق بالضرورة الأوعية السياسية عن كل من ينتمي إلى المجتمع المدني، لأنه يخدم أفراد الوطن بصورة عامة وبأبعاد مختلفة وبانتماءاتهم المتعددة.
{ أنتم تسعون للحصول على منصب الوالي فقط وتنسون مشاكل الناس وهمومهم بعد ذلك؟
– بالنسبة لي أنا، البرنامج المقدم لا يمثل “يوسف إسماعيل” في شخصه بقدر ما يمثل رؤية مجموعة من الأكاديميين، وأنا التقيت بما يزيد عن (120) أكاديمياً وخبيراً متخصصين في المجالات المختلفة، منهم (27) من البروفيسرات في الاقتصاد والزراعة والتنمية، وفي قضايا الفقر ومحاربة العطالة، والبرنامج على غير ما يذهب إليه السياسيون في اعتقادهم بأن الأحزاب تُركّب من الأشخاص، ولكن نحن نعتقد أن البرنامج هو الأساس، ومن خلاله يمكن تقديم الرؤية لمعالجة قضايا المواطنيين والوطن، وبالتالي لا يهم اسم الشخص الذي يصل إلى المنصب والذي من خلاله يمكن أن يُنفذ هذا الأمر، ونحن نؤمن إيماناً مطلقاً في هذه اللحظة بأنه قد يصبح من الصعب بالنسبة لكثير من الراغبين في تنفيذ هذا البرنامج أن يجدوا الكادر على مستوى الولاية القادر على تنفيذ هذا البرنامج بأبعاده المختلفة، وفي نفس الوقت نعتقد أن الفترة الزمنية المتبقية للانتخابات التكميلية فترة قصيرة غير قابلة لاحتواء البرنامج بصورة كاملة، لكن يمكن أن تضع خطوة واحدة نحو الأمام، وقد تكون هنالك رؤية مخالفة للمركز لرؤية الجهات المستقلة، والآلية التي نسعى لاستخدامها في إنفاذ البرنامج، هي حكومة وطنية ذات بعد علمي يمكن تسميها حكومة (تكنوقراط) تضم كل الطيف العلمي والسياسي والوطني، بحيث تكون قادرة على تبني حل هذه المشاكل بالقدرات المتعددة وليس بأحادية الفكر الواحد، ونعتمد أيضاً في الإنفاذ على موارد الولاية الذاتية، بمعنى أننا قد لا نحتاج إلى المركز كثيراً لإنفاذ هذه البرامج لأننا نعتقد أننا نحتاج إلى إرادة سياسية في التنفيذ وإرادة وطنية ونجعل هذه البرامج ممكنة بالقدرات الذاتية التي تملكها الولاية، بالإضافة إلى أننا نريد أن نخلق مجتمعاً للمشاركة، وليس مجتمعاً متفرجاً تقدم إليه الخدمات.
{ أنت لا تستطيع أن تواجه مرشح المؤتمر الوطني الذي يمتلك إمكانيات عالية في الانتخابات؟
– نحن نخالف هذا الرأي كثيراً، لأننا نعتقد أننا نهدف إلى خلق رؤية جديدة وممارسة جديدة في البعد الديمقراطي، ونحن نؤمن إيماناً مطلقاً بأنه لا مكان لغير الحكم الديمقراطي في السودان بالبعد العلمي والبعد المعرفي والبعد التطبيقي، (عشان كده نحن محتاجين نرفع درجة المشاركة لنرفع درجة الفهم والوعي)، ونستطيع من خلال هذه المسألة أن نجعل صوت، ولو جزءاً قليلاً من المجتمع، ذا قيمة واختياره هو الذي يحقق ما يحلم به غداً.
{ ما هي الآليات التي تستخدمها في نقل الناخبين إلى مراكز الاقتراع للتصويت لك؟
– أنا كما ذكرت أريد أن أعلمّ الناخب الاعتماد على نفسه، وأن يؤمن بأنها قضية وطنية، وأن مشاركته ذات قيمة، وليست هذه مجرد رؤية رومانسية.. وحقيقة الواقع يبدأ تغييره بشخص وشخصين وليس بالكل. أنا التقيت عدداً كبيراً جداً من المواطنين على مستوى المستنيرين وعلى المستوى العام لنصل إلى كيف نجعل الحملة الانتخابية ممكنة الحدوث لكل الناس إذا كانوا يملكون أو لا يملكون.
وفيما يتعلق بجلب المواطنين إلى التصويت، هذا الجانب لن نقوم فيه بأي جهد مادي، لأننا نعتقد أن هذا واجب يقوم به المواطن نحو نفسه ويسعى إلى صندوق الاقتراع ليدلي بصوته، وإذا كان هنالك من يستطيع أن ينقل آخرين فليفعل، فنحن لسنا قادرين على أن نفعل ذلك، ولا نريد أن نفعله، لأنه جزء من رسالتنا نحو تعليم الناس أن يهتموا بالإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، وإرادتهم في التغيير، ومشاركتهم في أن يجعلوا هذا التغيير ممكناً من خلال إيمانهم بهذه المبادئ الأساسية.
{ هل لديك أي اتصالات بالأحزاب السياسية المعارضة لتدعم حملتك الانتخابية؟
– حتى الآن ليس لدينا أي اتصالات، ولكن نعتقد أنه من الواجب أن نصل إلى كل قطاعات المجتمع، وعندما تقول إنك مستقل فذلك يعني أنك لا تنتمي إلى أي حزب سياسي، وتصل إلى كل الآخرين بصورة مفتوحة دون أي تعقيدات ودون أي خلافات، لأن هنالك من يصبح معك شريكاً في هذه العملية الانتخابية ويقود معك التغيير.. بمعنى أن أي حزب من الأحزاب التقليدية أو الحديثة أو أي شخص له انتماء سياسي، أنا اعتقد أن من المهم أن يعرف دوره كناخب، ويعلم من ينتمون إليه كيف يكونوا ناخبين بصورة صحيحة، ويكونوا قادرين على أن يشاركوا في الانتخابات التي ستجرى في العام 2015م، وهذا تمرين لكيف نخوض الانتخابات المقبلة، ويبدأ هذا الأمر من اليوم، ونتعلم أن نصبح ناخبين جيدين، وأن تقدم الأحزاب السياسية برامج تكون جاذبة بصورة كاملة.
{ ولاية القضارف وهموم الزراعة وقضية أراضي (الفشقة) الخصبة في الحدود مع أثيوبيا.. كيف ستتعامل مع هذين الملفين؟
– بدأ الاهتمام بولاية القضارف منذ الاستعمار في الأربعينيات، وكانت منطقة (القدمبلية) أول منطقة تتم فيها الزراعة الآلية وشبه الآلية، وكان يتوقع أن تصبح القضارف سلة غذاء السودان قبل أن تصبح سلة غذاء العالم، والقضارف مصنفة ضمن ثالث مكان جغرافي يستطيع أن ينتج الغذاء للعالم من بعد كندا وأستراليا. والقضارف كانت تملك إمكانيات إذا طُورت بطريقة حديثة لأصبحت سلة لغذاء العالم بصورة كاملة.. القضارف الآن تنتج نصف إنتاج السودان من الذرة والسمسم، فيها نصف عدد المزارعين تقريباً الموجودين في السودان، الإنتاج كان في فترة الأربعينيات والخمسينيات وجزء من الستينيات بمعدل (33) جوالاً للفدان الواحد، وفي موسم الزراعة بالقضارف للعام (2011– 2012م) كان يصل إنتاج الفدان (3) جولات كحد أقصى، وهذا يبين الفارق الكبير بين ما كانت عليه القضارف بالأمس وما صارت إليه الآن، والسبب الرئيسي في ذلك استنفاد التربة وعدم استخدام الأساليب الحديثة في الزراعة وعدم تخصيب التربة، وعدم الاهتمام بالأبحاث الزراعية التي تحسّن من نوعية المحصول وتحسّن من إمكانية الحصول على إنتاجية عالية، هذه الأشياء يمكن معالجتها بأبعاد علمية ومعرفية من ضمنها ما نسميه الزراعة بدون حرث التي تستطيع رفع إنتاجية الفدان من الوضع الحالي (جوال ونصف الجوال) إلى (16) جوالاً حسب طبيعة الأرض الموجودة، وتنمي التربة ولا تحتاج إلى كثير من الدورات الزراعية، وتصبح التربة قادرة على أن تعطي بصورة متصلة. وهنالك وسائل أخرى يمكن أن تغير من واقع الزراعة في القضارف بأسلوب حصاد المياه الحديث، ويمهد لبقاء كثير من المياه حتى موعد الخريف القادم بدرجة تمكن من زراعة محاصيل بستانية، بالإضافة إلى إدخال المحاصيل النقدية كالقطن وزهرة الشمس وغيرهما.. المنطقة الزراعية في القضارف مقسمة إلى (3) مناطق (جنوبية، وسطى وشمالية)، تتدرج فيها الأمطار من درجة عالية في الجنوب وتقل كلما اتجهنا شمالاً، والقضارف يمكن لها أن تنقذ هذا البلد من الوضع الاقتصادي المتردي.
والتضخم الموجود في السودان لن يكون له علاج ولن يكون هنالك حل للأزمة الاقتصادية ما لم نرفع كفاءة الإنتاج، ولن تُرفع كفاءة الإنتاج ما لم نستخدم الوسائل الحديثة في الزراعة. ومرة أخرى، الفارق بين القضارف الأمس واليوم، أنه في الماضي كان الناس متداخلين وتجمعهم قاعدة أخلاقية واحدة مشتركة، يحترمون بعضهم كقبائل وفي رغبتهم ليستثمروا في المنطقة، يتضامون مع بعضهم البعض، وكان التعاون ما بين الراعي والمزارع متكاملاً.. كانت البيئة تشد من أزرهم بوجود الغابات، هذه الأشياء كلها تجعل المقارنة تبيّن الاختلاف في التركيبة السكانية وتنوع الاستثمار في المنطقة كلها، لذلك نحن نأمل أن تكون قضارف الغد أفضل من قضارف الأمس واليوم بجعل المنطقة منطقة استثمارية بالمستوى العلمي والعالمي الذي يسعى خبراء السودان إلى تطبيقه في القضارف، ولكن تعوزهم دائماً الإرادة السياسية القادرة على إنفاذ هذا الأمر وجعله أولوية وأسبقية في حق هذا الوطن.
قضية (الفشقة) واحدة من القضايا التي نعدّ السياسة تلعب فيها دوراً أكبر مما يستحق، لأن الرأي الأحادي يحجب كثيراً من الحقائق وتغيب الدلالات الأخرى، لأن التفكير الأحادي يجعل النظر إلى هذه القضية عبر رؤية واحدة وبقية الرؤى مغيبة.
بعض مزارعي أثيوبيا، واحتلالهم لأرض (الفشقة) لأنهم يحمونها بالسلاح، مكنهم من الاستيلاء على أرض سودانية ومزارع كان يملكها سودانيون، وطرد بعض أهل هذه القرى بقوة السلاح وما زال هؤلاء المزارعون يحمون هذه الأرض بقوة السلاح، والقانون الذي استجلبته الاتفاقية التي لعب فيها المركز دوراً كبيراً جعل هؤلاء الناس غير مسائلين لا لدى السلطات ولا لدى الأهالي، يعني التعرض لهم يعني التعرض للاتفاقية التي تم الوصول إليها، ومن يتعرض لهم كمن يتعرض لأمن الدولة، لأن هذه المنطقة تعدّ حجاباً حاجزاً ضد ما كانت تقوم به الحركات المعارضة بالدخول من إريتريا وأثيوبيا إلى داخل السودان، وجعلوا هذه الأراضي كمصد للحركات.
وهذه النظرة ببعدها الأمني في ذلك الحين غطت على الجوانب الاقتصادية، والآن الأثيوبيون يكتفون ذاتياً من احتياجاتهم من الذرة المزروعة في أراضي (الفشقة)، وكان يمكن لحكومة السودان أن تكتفي من إنتاج هذه الأراضي وتصدره في تبادل حدودي مع أثيوبيا. نحن لدينا مقترحات في شكل العلاقات، ونحن من أنصار حسن الجوار، ونسعى في ولاية القضارف إلى إقامة علاقات حسن جوار مقننة تحفظ مصالح الطرفين وليست على حساب أحد.
{ المؤتمر الوطني اتصل بكم في محاولة منه لإخلاء الساحة لصالح مرشحه؟
– من المستغرب.. منذ إعلان ترشيحي في 27 فبراير وحتى اليوم لم يتصل بي أحد أبداً، واستغربت ذلك كثيراً لأنني كنت أتوقع أن يحدث مثل ذلك، وقد يكون السبب في معرفة سابقة بشخصي الذي لا يقبل المساومة في هذه القضية، لأنني أعدّها قضية وطنية، أو لأن المؤتمر الوطني لا يعرف رقم تلفوني- ضحك- وهذا أضعف الإيمان.