تقارير

الأصوات تتناحر.. فمن يكسب؟!تقسيم محلية (المناقل) .. امتحان جديد يواجه ولاية الجزيرة ..!!

من الواضح أن أزمة ولاية الجزيرة القديمة لم تنته برحيل “عبد الرحمن سر الختم” وجماعته من ولاية الجزيرة إلى العاصمة وغيرها من المنافي الذكية.. وكان شيئاً من جذوة الحريق ينمو في الخفاء ويأبى إلا أن يعيد الكرة مرة ثانية وألف، على عادة الساسة والسياسيين، وقد ظهرت بوادر الصراع بين رواد التغيير الذين فرضوا الواقع الحالي بتتويج الوالي “الزبير بشير طه” عبر انتخابات 2010، وبين القدامى الذين ذاقوا طعم السلطة ولهم حجة قوية حول كيفية إدارة الولاية.. وكلا الخصمين التقيا بعد غياب طويل تبُودلت فيه الأدوار وجربت المعارضة السلطة، وشاهدت السلطة القديمة هؤلاء المحتجين القدامي يديرون الولاية ويتناطح الطرفان على كنز وغنيمة إصلاح الأوضاع بالمشروع والولاية في تعليمها وصحتها وخدماتها وعدلها، وعلينا أن نقبل ظاهر كل الدعاوى ونقبل بالمكتوب على الجبين حينا من الدهر.
وتعتبر قضية تقسيم محلية المناقل هذه الأيام لثلاث محليات العنوان البارز لإعادة إنتاج الأزمة بين المجموعات المتصارعة من جنب الوالي وإلى أصغر عامل يجري تدريبه.. ويحتج أنصار تقسيم محلية المناقل لثلاث محليات بتعداد سكانها البالغين مليون ومئتي نسمة.. كثافة سكانية عالية تفوق تعداد الولاية الشمالية مرتين وتتساوى مع عدة ولايات، وهي المحلية الأكبر في كل الحكم المحلي بالسودان، ومعروف عن المناقل أنها المدينة التي سأل عنها “جون قرنق” ليدعم بها سودانه الجديد، وهي تصنع الصابون والزيوت والدقيق والبسكويت.
وها هي المناقل اليوم ميدان لصراع كبير أظنه عرش الولاية بأكمله.
ويقول الأستاذ “عثمان” عضو مجلس تشريعي ولاية الجزيرة إن المكتب التنفيذي لمحلية المناقل برئاسة المعتمد “إبراهيم الحسن” والمستشار “عمر الشريف” أصدر قبل ستة شهور قراراً بتفويض لجان مختصة لتقسيم محلية المناقل، ومع تطور موضوع التقسيم زار الوفدان المتصارعان الوالي و شرحا الموقف، كل على حدة يبكي على ليلاه بالطريقة المناسبة. ووفقاً لمصادر من داخل الوفدين قدم الرافضون للتقسيم أسبابهم الإدارية والسياسية والأمنية وحتى الجهوية حتى يمنعوا مقترح التقسيم، وقالت المصادر إن “الهادي أحمد الهادي” هو من رفض تضمين المذكرة لترشيح “الزبير” لدورة انتخابية جديدة، معتبراً أنه ليس من المناسب تقديمها مع الطلب، بينما أصر وفد التقسيم على سرد المنافع، مثل تخفيض الظل الإداري وإتاحة مزيد من الفرص للحكم بواسطة أبناء المنطقة، ومنع صدام الجهويات وتوزيع التنمية وزيادة همة الإعمار.. وأضافوا أن (9) من ضمن رؤساء القطاعات الـ (11)، مع التقسيم، وهي قطاع محلية المناقل ثم: ريف المناقل، الجاموسي، الكريمت، الهدى، سرحان، العزازي، ود النورة ود آدم، القرشي، معتوق، والماطوري.. واعتذر واحد ورفض التقسيم رئيس قطاع واحد.. وقال “عثمان”: و(نعرف أسبابه الضيقة).
ويقول الدكتور “أبو عمر” المرشح المستقل والمنسحب لمحلية سرحان في انتخابات 2010: إن تقسيم محلية المناقل ينبغي ألا يكون موجة يركبها من يريد في نفسه تحقيق أغراض أخرى، وهو إجراء إداري ينظر ويفاد فيه وفقاً لحيثيات مرتبطة بمعلومات محددة عن حجم الخدمات وجغرافية المنطقة وطبيعة الأداء من حيث الإشراف والمراقبة، وأينما تصب مصلحة المواطن يكون القرار. كما أكد أن أي ظلال سياسية ذات أغراض ضيقة لإعادة تشكيل الولاية على هدي المطامع والأهواء لن ينجح، لأن الوعي العام للمواطن صار هو المحك لكل من أراد بالولاية شراً.
 ويدخل “الريح عبد الباقي” لقضية تقسيم محلية المناقل من باب رفع الإنتاجية وترشيق إدارة المحلية مترامية الأطراف بطريقة سلسة من خلال عملية التقسيم من دون أن يكون لها أي ظلال جهوية أو عنصرية، ونادى قيادات ولاية الجزيرة إلى التحرك نحو المركز والمطالبة بالحقوق بطريقة مشروعة من خلال منابر المؤتمر الوطني والمجالس التشريعية والتنفيذية حتى تعاد سيرتها الأولى. وختم حديثه بأن التقسيم يمنع زيادة التكتل ويعمل على توزيع الهيمنة من مجرد شلة قابضة على كل من يستحق أن يبني ويعمر.
الجدير بالذكر أن من طالبوا بالتقسيم أكدوا أن الوالي وافق على المبدأ ورفض تحديد العدد لثلاث أم خمس محليات، وتحتوي محلية المناقل على (550) قرية و(460) “كمبو” تكتفي بإشراك (30) قيادياً فقط، في حين أن محلية أم القرى بعدد سكانها الـ (300) ألف لديها ذات العدد في التمثيل للمجالس المحلية.
{ صراع الكبار!!
وخرجت إفادة جريئة من “عبد الكريم عبد الله” عضو المكتب القيادي بالولاية حين قال: إن تقسيم محلية المناقل رغبة جماهيرية نابعة من مؤتمرات الأساس والوحدات والقطاعات، وذات الفكرة تناقشت على مستوى المعتمدين، وللغرابة جاء الاعتراض من مجلس تشريعي المحلية، ونعتبر هذا مجرد رغبات أشخاص، والجدير ذكره أن كل مؤسسات المؤتمر الوطني جدد لها إلا هذا المجلس، وقد اقترحوا بدل التقسيم ترقيعه أو تكميله بالتسعة أعضاء الناقصين لكي يستمر المجلس دون تغيير.
وعن الصراع السياسي وراء تقسيم محلية المناقل يقول “عبد الكريم” إنه صراع الكبار لتغيير شيء أكبر، ويريدون أن يكون موقف الوالي مهزوزاً نحو التقسيم، وهو مطلب جماهيري ووعد انتخابي.
وثمة غبار كثيف أحدثه مقترح التقسيم وكشف صراعات أخرى قادمة، ربما من المركز مدفوعة، سيما أن هناك من يقول إن التقسيم مسألة متفق عليها. وفي السياق ذاته يدلي الأستاذ “دفع الله دقاش” رئيس قطاع العزازي ويقول: إن التقسيم لا تتنازع عليه عنزتان، والمعتمد نفسه وحتى نهاية مدته لا يستطيع أن يزور جميع قرى المحلية، فكيف له أن يحل قضاياها. وعن رأي المعتمد قال “دقاش”: إن موقفه متذبذب متحججاً بانتظار اجتماع أمانة الحركة الإسلامية واجتماع النقابات واجتماع مؤتمر المحليات لكي ترفع النتائج للولاية والمركز. وختم حديثه قائلاً إن من يعترضون من قيادات الوطني بالمحلية لا يستطيعون أن يقولوا ذلك لقواعدهم.
فيما يقول “الهادي أحمد الهادي” رئيس محلية العزازي الأسبق: (ليس لدينا بنية تحتية لتأسيس ثلاث محليات، ومن ينادون بالتقسيم يريدون لبس جلابيبهم ويريدون سلطة بدون أي اعتبارات أخرى).. وواصل “الهادي”: لو فرضنا تقسيم المحلية كيف ستحل المشكلة بين العزازي ومحلية الهدي، وحسب معرفتنا بتاريخ المنطقة سوف تحدث مشاكل جهوية مع أن ولاية الجزيرة تمثل نموذجاً في التعايش السلمي. وأضاف: نرفض تقسيم محلية المناقل، ولكننا نقبل بقيام ولاية جديدة بالمناقل لأنها تستحق. ثم عاد وقال: إن كل ميزانية محلية المناقل (12) مليار جنيه، والمتحصل منها (9) مليارات فقط، فإذا قسمنا المحلية لثلاث محليات لن نستطيع أن نوفر ميزانية تسيير، دعك من البرامج الأخرى.
أما معتمد محلية المناقل الحالي “إبراهيم الحسن” فأجاب على سؤال (المجهر) مدير مكتبه لانشغال المعتمد بالاجتماعات.. ولم يتجاوب وزير التخطيط العمراني ونائب الوالي “محمد الكامل” مع سؤال (المجهر) لمعرفة رأيهما في قضية تقسيم محلية المناقل.. ويعتقد البعض أنها الشرارة الثانية لقيادة التغيير بولاية الجزيرة، ولا يُعرف من الخاسر ومن الرابح في هذه المعركة ذات الشجون؟!
 الجدير بالذكر أن الوالي البروفسور “الزبير بشير طه” تسلَّم مذكرات المقترحين المؤيدين لتقسيم محلية المناقل والمناهضين للفكرة والجميع في انتظار قرار الوالي، وإن غداً لناظره قريب..!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية