شهادتي لله

حكاية (مشروع) الوثيقة !!

في معرض تبريره لتعديل الوثيقة الدستورية ، قال القيادي بقوى الحرية والتغيير الأستاذ “بابكر فيصل” في حوار على قناة النيل الأزرق أجراه الأستاذ “ضياء الدين بلال” ، قال إن ما تم توقيعه يوم الحفل الكبير بقاعة الصداقة ، بحضور رؤساء دول وحكومات وممثلي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوربي والجامعة العربية ، هو مجرد (مشروع للوثيقة) وليس الوثيقة نفسها !!
لأول مرة أسمع وأقرأ أن الحكومات أو حتى الشركات التجارية توقع مع شركات أخرى على (مشاريع) اتفاق !
فالذي يحدث هو أن أي طرفين يسعيان لاتفاق يعقدان مفاوضات ، ويتفقان على نقاط ، ويختلفان على أخرى ، فيرفعان التفاوض ، ثم يعودان للحوار حول النقاط المختلف عليها ، إلى أن يتم الاتفاق النهائي .
و يُسمى الاتفاق اتفاقاً بالأحرف الأولى ، ليس لأنه بالإمكان تعديله لاحقاً ، ولكن لتصادق عليه السلطة الأعلى في البلد (برلمان مثلاً) ، هذا إذا لم يكن المناديب الذين وقعوا مفوضين من السلطة الأعلى في الدولة (قانون فيينا للمعاهدات عام 1969م).
أما في حالة توقيع المجلس العسكري وقوى الحرية على الوثيقة الدستورية ، فإن الأمر مختلف لأن الطرفين مفوضان بالتوقيع ، ولا يوجد برلمان ليجيز هذا الاتفاق ، كما أن الاتفاق نفسه نص على عدم تعديله ، بعد التوقيع عليه ، إلا بموافقة ثلثي المجلس التشريعي الذي لم يتشكل بعد .
وبالتالي ، فإن عبارة (بالأحرف الأولى) قُصد منها حضور رؤساء دول وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية التي رعت الاتفاق ، لتكون شاهدةً وضامنة له .
لا يستقيم عقلاً ومنطقاً أن يشهد العالم كله التوقيع على (مشروع) الوثيقة الدستورية ، ثم يكون التوقيع (النهائي) طي الكتمان ، وبدون شهود !!
ماهي الضمانات المتوفرة لعدم خروج أحد الطرفين غداً ، أو بعد عام ، ليقول إن الوثيقة النهائية التي تم تعديلها (كتامي) ليست هي الوثيقة التي يعترف بها ، حيث لم يشهد عليها أي ضامن دولي أو إقليمي ؟!
الوثيقة الدستورية حددت طريقاً واحداً لتعديلها ، ليس معه خيارات ، وهو موافقة ثلثي المجلس التشريعي على التعديل .
أما الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء فإنه بموجب الوثيقة ، يقوم مقام المجلس التشريعي في مهام التشريع الطارئة ، في غياب المجلس ، ولكن لا يحق له تعديل الدستور (الوثيقة) .
لقد وقعت قوى الحرية والتغيير في ورطة قانونية وسياسية وأخلاقية كبيرة ، ويجب عليها الإقرار بالخطأ ، والعودة للوثيقة (الأصل) التي شهد عليها العالم ، ويحتفظ الوسطاء والشركاء الدوليون بنسخ منها .
عودوا إلى الحق .. ولا تكابروا .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية