{ الأحاديث الشريفة والقصص والحكايا جميعها تؤكد بأن الصحابي الجليل الخليفة الراشد “عثمان بن عفان” وصل إلى القمة في الكرم والعطاء حيث كان يسبق الجميع في دعم أي مشروع يخص الإسلام ويهم المسلمين، بل وكان من أبرز المتصدقين ويبادر بإطعام الطعام بما يكفي حاجة كل من يحتاج إليه.
{ روي أن علياء القوم اجتمعوا إلى باب “عثمان بن عفان”، فخرج إليهم فقال: ما تشاءون؟ قالوا: الزمان قد قحط، والناس في شدة وقد بلغنا أن عندك طعامًا، فبعنا منه حتى نوسع على الفقراء، فقال “عثمان”: حبًّا وكرامة، ادخلوا فاشتروا. فدخل التجار فإذا الطعام موضوع في دار “عثمان”، فقال: يا معشر التجار، كم تربحونني على شراء من الشام؟ قالوا: للعشرة اثنتي عشرة، قال “عثمان”:
قد زادوني قالوا: للعشرة خمس عشرة، قال “عثمان”: قد زادوني. قال التجار: يا “أبا عمرو”، ما بقي بالمدينة تجار غيرنا فمن زادك؟
قال: زادني الله تبارك وتعالى بكل درهم عشرة، أعندكم زيادة؟ قالوا: اللهم لا. قال: فإني أشهد الله أني قد جعلت هذا الطعام صدقة على الفقراء.
{ وللخليفة الراشد “عثمان بن عفان” أيضاً قصة مع توسيع مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفور اكتمال مسجده صلى الله عليه وسلم كثر المصلون وبات في حاجة للتوسعة فتمنى النبي صلى الله عليه وسلم لو يشتري أحد الصحابة الأثرياء قطعة الأرض المجاورة للمسجد ليضمها إليه، فنادى: “من يشتري هذه البقعة حتى يكون فيها كالمسلمين وله خير منها في الجنة ؟ فكان “عثمان بن عفان” الأسرع استجابة فاشترى تلك الأرض بخمسة وعشرين ألفًا.
{ ويروى عند فتح مكة مباشرة اهتدى النبي صلى الله عليه وسلم إلى توسعة المسجد الحرام، فطلب من أهل بيت من البيوت الواسعة المجاورة للحرم المكي أن يتبرعوا به للتوسعة فاعتذروا لأنهم لا يملكون سواه وليس عندهم أموال تعينهم في تشييد أو شراء بيت غيره. فوصل الخبر إلى سيدنا “عثمان”، فأقبل إليهم واشترى البيت بعشرة آلاف دينار، وتم ضمه للمسجد الحرام.
{ وهناك القصة الشهيرة بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة واجهتهم مشكلة الماء الذي يشربون، وكانت هناك بئر صاحبها يهودي تدعى (بئر رومة) تفيض بالماء العذب وكان يبيع ماءها للمسلمين، وفيهم من لا يجد ثمن ذلك، فتمنى النبي صلى الله عليه وسلم أن يشتريها أحد المسلمين من أصحاب المال ويجعلها في سبيل الله تفيض على الناس بغير ثمن. فقال: صلى الله عليه وسلم من يشتري رومة فيجعلها للمسلمين، يضرب بدلوه في دلائهم وله بها مشرب في الجنة؟
فجاءت التلبية لرغبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى وجه السرعة من سيدنا “عثمان” طمعًا فيما عند الله من الثواب فمضى إلى ذلك اليهودي (المحتكر) فطلب منه شراء البئر وعندها رفض البيعة فساومه “عثمان” على شراء النصف، فاشتراه منه باثنتي عشرة ألف درهم، فجعله للمسلمين على أن يكون البئر “لعثمان” يومًا ولليهودي يومًا، فكان المسلمون يستقون في يوم عثمان ما يكفيهم يومين، فلما رأى اليهودي ذلك قال “لعثمان”: أفسدت عليّ ركيتي، فاشتر النصف الآخر. فَقَبِل “عثمان” ذلك واشتراه بثمانية آلاف درهم، وجعل البئر كلها للمسلمين، للغني والفقير ولابن السبيل، تفيض بمائها العذب على الجميع بغير ثمن.