محير أمر تصريحات السيد رئيس المجلس السيادي الفريق أول “عبد الفتاح البرهان”، وقبلها عضو المجلس الفريق “ياسر العطا” بشأن مشاركة “البرهان” في محاولة انقلاب الكدرو الشهير العام ١٩٩٠ الذي انتهى بإعدام (٢٨) ضابطاً في شهر رمضان. ومبعث الحيرة أنها أتت بعد قرابة الخمسة أشهر، قالا ما قالا فيها، وصرَّحا بما صرَّحا به، وقد سبق للفريق ” العطا” أن أجريت معه عدد من اللقاءات الصحفية، وسُئل عن تفاصيل الانقلاب على ” البشير” صبيحة ٦ أبريل، لكنه لم يتطرق أبداً لمحور مشاركة “البرهان” في انقلاب ٩٠م، إلا لصحيفة (الصيحة) قبيل أيام، ثم أكدها رئيس المجلس السيادي أمس الأول في لقائه مع قناة (الجزيرة) القطرية. وفي كلا اللقائين أجملا الموضوع بلا شرح، تطرق “البرهان” لهذه الجزئية” التي سارت بها ركبان الأخبار بالصحف السيارة الورقية منها والإلكترونية، وسكت عن التفاصيل مكتفياً بأن نجاته بسبب أن الضباط المعتقلين لم يفصحوا عن زملائهم الآخرين، قطعاً لا نشكك في ذلك، لكن ما رشح ربما يضاف إلى ذلك، وهو أن شخصية اعتبارية وقتها (عليها الرحمة) أسهمت في إنقاذه إلى آخر التفاصيل.
ولعل كل ذلك مقروناً بالسماح لقناة (الجزيرة) بمزاولة عملها بعد توقيفها، ومن ثم جلوس “البرهان” إليها يدفع الينا بعدد من التساؤلات، أولها لم اختار العسكر هذا التوقيت للكشف عن هذه النقطة؟، وأن أي المشاركة في للمحاولة الانقلابية التي يبدو أنها متفق عليها ما يعني أهميتها لتنفيذ أو الشروع في أجندة بعينها. كذلك كأن هنالك من يقرأ لهؤلاء المشهد الداخلي والخارجي، ومن ثم وبعد تحليله يوجههم بمسارات معينة. ترى هل لذلك علاقة بالتجمع العربي الذي بدأ في الانحلال رويدا رويدا، وتغيرت توجهات بعض دوله وسياساتها وتحالفاتها، ترى هل استدرك السيادي إصرار القيادي بالجبهة الثورية “جبريل إبراهيم” الذي كان مصراً على استصحاب قطر في عملية التفاوض، فاستجابوا إلى ذلك لاعتبارات تروق لهم؟
الآن الساحة السياسية العربية تمور بالتقلبات، فمن جهة استعادة السعودية علاقتها مع قطر والسماح بالتبادل التجاري، وإمكانية التنقل وغيره، ومحاولة إيجاد بديل بعد انكشاف ظهرها بسحب الإمارات لقواتها من اليمن من جهة، ومن جهة أخرى الأحداث التي بدأت في مصر، ونقل تجربة ثورة السودان بحذافيرها والشروع فيها، فضلاً عن زيارة رئيس دولة إريتريا “أسياسي أفورقي” للسودان رغم تجاهله عند توقيع الاتفاق بالرغم من زيارة “البرهان” و”حميدتي” له بشأن الاتفاق مع العسكر، ثم وبلا مقدمات يعلن عن زيارته بعد إرساله لوفد مقدمة، ثم يحضر ليقضي يومين يزور خلالها شركتي (زادنا) و(اليرموك) ما يعني اهتمامه بملف بلاده الاقتصادي من خلال هذه المؤسسات.
نعود للتساؤلات مجدداً على خلفية أعلاه هل محاولة السيادي مغازلة دولة قطر عبر عدة أوجه هي رسائل في بريد آخرين؟ كذلك هل يمكن أن هنالك صداقة في طريقها للتنامي بينهما؟ هل (قنع) السيادي من تلكم الدول التي ظلت تعد دون أن تفي فعلياً، فآثرت البديل الذي ربما يضع لها ضمانات؟ وهل وهل..عدد من التساؤلات التي تتمخض عن أحداث مباغتة ننتظر أن تجيب عنها الأيام.