أخي وصديقي “فيصل”.. تحيةً واحتراماً.. لا أهنئك بالوزارة.. لكن أهنئ الوزارة بأنك تعينت وزيراً عليها.. وأسأل الله أن يعطيك القدرة على مهام ومكاره العمل العام، لاسيما في وطننا الذي تردت فيه الخدمة العامة إلى الدرك الأسفل.. وشخصي الضعيف قد خبر العمل العام والوظيفة القيادية في العهد المنصرم والذي حمدت المولى حينما أقيلت من وظيفتي أميناً عاماً للمجلس الاتحادي للمصنفات، وأعرفك بالقدر الكافي الذي جعلني أخاطبكم عبر الصحيفة التي أكتب فيها.. ولا أمدح قدراتكم التي يدركها كل من عمل في الإعلام.. فأنت خبير بأدق تفاصيل التفاصيل لعمل الإعلام، فكم جلب لك من مصائب المساءلة.. والاعتقال والبلبلة فأنت من الإعلاميين الذين لا يخشوا في الحق لومة لائم، لذا لم استغرب حينما رشحوك لهذه الوزارة الإستراتيجية المهمة بالذات في هذه المرحلة الحرجة في تاريخ وطننا المغلوب على أمره الصابر الواعي الحليم الشجاع الذي قدم المهج ليعبر طريق الحكم الذي يأمل كل سوداني أن يعبر به القائمون على تسيير دفة العمل العام إلى مرافئ التقدم والازدهار والعدل.. وزارة الثقافة والإعلام وزارتان وأعتقد أن دمجهما في وزارة واحدة اقتضته ظروف البلاد والمرحلة الانتقالية لذا فحقيبة وزارتك ثقيلة الحمل.. لكن أنت لها يا صديقي وأنا من ورائك أشد من أزرك وأودع خبراتي طوال سنوات عملي رهن إشارتك.. ليس أحد موظفي الوزارة لأني أعطيت ما استبقيت شيئاً وباقي العمر أعتبره استراحة محارب قدم ضريبة الوطن وفي الخاطر أغنيات كثيرة لهذا الوطن الحبيب.. لكن دعني أقدم لك خطوطاً عريضة لخطة عمل أعلم أنك تضعها في الحسبان.
أبدأ بقبيلتي الشعر وأصحاب القلم من كُتاب مبدعين، أمنحهم ساعتين دعهم يتحدثون ودون مطالبهم لاسيما تلك التي من شأنها تفجير طاقاتهم الإبداعية، وأجلس مع الموسيقيين والمغنين من أهل الغناء الحديث والشعبي سيحدثونك عن مشاكلهم التي أقعدت بهم عن أداء أدوارهم كحداة ركب الأمة.. ولا بد من جلسة محضورة مع فناني الفن التشكيلي لاسيما جيل الشباب الذين رأيت رسوماتهم حينما كانوا صابنها بالقيادة العامة، ولا بأس من حضور كبار التشكيليين أمثال الفنان “عتيبي” و”راشد دياب” و”الأمين” وهؤلاء أذكرهم على سبيل المثال وهم يملكون كنزاً لم نفتح صندوقه حتى الآن، وتعلم جيداً ثراء هذا الفن إذا قدمنا لأصحابه المعينات وأنا أراهن بأن العائد المادي من عطائهم يمكن أن يكون مصدر إيرادات للدولة، فأنا على قناعة بأننا يمكن أن نصنع ثقافة سودانية خالصة إذا وظفنا الثروة الإبداعية التي يزخر بها هذا الوطن الجميل العامر بالتنوع الإبداعي المدهش الذي لم يوظف منه إلا القليل جداً بجهد الفرد المقل من مبدعين، أما الفرقة القومية للفنون الشعبية الاستعراضية فهذا كنز آخر قابل للتطور وقادر على التعبير الجمالي الخالص لأمة السودان وقادر على المنافسة في سوق العرض الإبداعي على مستوى العالم.. بالمناسبة وعلى سبيل المثال يا “فيصل” يا صديقي.. فرقة “كوبا كابانا” البرازيلية الاستعراضية التي تقدم رقصة السامبا فقط تقدم عروضها في معظم مسارح دول العالم الكبيرة، وثمن التذكرة لمشاهدة عروضها مبلغ محترم من الدولارات، وتعد مصدراً من مصادر الدخل للبرازيل، فما بالك بفرقتنا التي تقدم عشرات اللوحات الاستعراضية المدهشة!! أجلس مع مسجل الكيانات الثقافية الذي يتبع لوزارتك ليحدثك.. عطالة لا تعمل ولم تعقد جمعياتها العمومية منذ تأسيسها منذ سنوات.. واتحادنا لشعراء الأغنية السودانية مثال.. أما أهل الدراما والمسرح.. لهم الله – هذه القبيلة الإبداعية فيها أهل السينما وأهل التأليف والتمثيل والإخراج وهم حتى الآن لم يتمكنوا من تفجير طاقاتهم الإبداعية وفيهم أهل الاختصاص والتجربة والدراية بهذا الفن الذي قالوا فيه المقولة المشهورة (أعطني مسرحاً.. أعطك أمة).
أخي وصديقي “فيصل” ،هذا قليل من كثير سأكتبه لك لتقرأه ويقرأه من يعنيهم الأمر.
المقال القادم إن شاء الله عن الإعلام ولن أدخر وسعاً في الكتابة إليكم عبر (المجهر) خاصة بعد حديث معالي رئيس الوزراء د.”عبد الله حمدوك” الذي قالها في أكثر من موقع بأننا كإعلام وصحافة شركاء وسلطة رابعة بمعنى الكلمة ولا خير فينا إن لم نحدثكم عن كل صغيرة وكبيرة، لاسيما في الشأن العام.
روشتة صغيرة أفطر كويس.. وأشرب عصير الليمون بالنهار وكوب لبن وأنت داير تنوم.. وما تقعد في المكتب، كثرة القعاد بتجيب ليك الغضروف و…….. وخليك ميداني.. الله يبارك فيك!