نائب رئيس تنظيم (الحركة الاتحادية) "مواهب مجذوب" في حوار الشفافية:
الأستاذة “مواهب مجذوب” من شاكلة النساء اللائي دخلن التاريخ كأول امرأة في ساحة الاتحاديين تصل إلى موقع نائب الرئيس الذي تحصلت عليه في تنظيم (الحركة الاتحادية)، فضلاً عن دخولها المعتقلات ومشاركتها في التوقيع على مذكرة التفاهمات بين حزبها و(الجبهة الثورية) القائم على الحل السلمي للقضية السودانية. في هذا الحوار الجريء، كانت إجابات “مواهب” ساخنة ملتهبة وشفافة، حيث أوضحت الدواعي الحقيقية لقيام (الحركة الاتحادية)، وطالبت مولانا “محمد عثمان الميرغني” بالتفرغ للسجادة، ونفت استلام حزبها أموالاً من (الجبهة الثورية) عن طريق “التوم هجو”، وقالت إن الفكرة الاتحادية لن تصل إلى مرحلة الفوات التاريخي.
الأستاذة “مواهب مجذوب” تنتمي إلى بيت النظارة في قبيلة العركيين بمنطقة (مهلة) بولاية الجزيرة، وهي تتوكأ على قسمات الأناقة والطابع الجمالي والشخصية العنيدة.
} هل يمكن اعتبار (الحركة الاتحادية) تنظيماً جديداً من حزب الوسط الكبير مطروح في المسرح السوداني كبديل لحزبي (الاتحادي الأصل) بزعامة مولانا “محمد عثمان الميرغني” و(الاتحادي المسجل) بقيادة الدكتور “جلال الدقير”؟
– (الحركة الاتحادية) جاءت من صلب الفكرة في حزب الحركة الوطنية، من كيمياء المأساة وحرقة القنوط ومشاعل الأمل، كذلك لم تكن قضايا الوطن وهمومه المتشابكة بعيدة عن تصوراتنا في مرحلة بناء المداميك لتنظيمنا.
لا نقبل أن يكون وجودنا في الساحة السودانية رد فعل لتجاوزات الآخرين، ولا نرضى لأنفسنا بأن ينظر إلينا البعض كصيغة سياسية مبنية على المكايدة والمزايدة والتحدي القائم على الحماسة والمنازلة الفارغة.
خرجنا إلى حيز الوجود، تلبية لنداء وسد لحاجة وهما هدفان كبيران.
أما النداء فهو نداء الوطن الذي نشعر أنه يقف على فوهة بركان يحتاج إلى مساهمة سياسية ترتكز على المنافحة والبناء السليم حتى يتم الوصول إلى الغايات المنشودة.
وأما الحاجة، فإنها حاجة الاتحاديين جميعاً لتدارك أوضاعهم الكارثية ومكانتهم الضائعة في زخم الأحداث الوطنية الماثلة للعيان ومعالجة انقساماتهم، فالشاهد أن مصير البلد يتشكل الآن في غياب الاتحاديين الذين كانوا يمثلون عظم الظهر للسودان.
ومن هنا جاءت مبادرتنا لاستنهاض حزب الوسط الكبير من كبوته وعودته لسيرته الأولى.
وإذا كان هنالك من يعتبرنا البديل لحزبي مولانا والدقير، فإن ذلك يتوقف على قدرتنا في رسم برامجنا الجديدة على أرض الواقع بشكل يدعو للفخار.
} – طيب – ما هي إنجازات حزبكم الجديد؟
– قطعنا شوطاً كبيراً في جذب العديد من الرموز والقيادات والكوادر الاتحادية من مختلف التيارات إلى تنظيمنا، وصارت (الحركة الاتحادية) بوتقة شاملة تضم أطياف الاتحاديين في نسيج منتظم، علاوة على انضمام مجموعات كبيرة من الشباب والمرأة والقوى الحية وأصحاب الفكر والاستنارة، وبذلك حققنا خطوات متقدمة على طريق الوحدة الاتحادية الشاملة التي تمثل هدفنا الاستراتيجي والحلم الذي نتطلع إلى قيامه على الطبيعة.
وقمنا بزيارات ميدانية إلى عدد من الولايات والمدن المهمة في البلاد، في إطار تلمس أوضاع منسوبي حزب الوسط الكبير، وكانت مبادرة ذكية جسدت التواصل بيننا والقواعد بتلك المناطق حتى انخرط الكثير من عضويتهم في (الحركة الاتحادية).
وأيضاً تواضعنا على إعداد برنامج نوعي قائم على الحداثة والالتزام الكامل بالإرث الاتحادي الباذخ في الإطار الفكري والتنظيمي والسياسي، ليكون المرشد والدليل في اجتياز المرحلة الحالية، فضلاً عن إطلاقنا لإعلان مبادئ الحركة الاتحادية الذي جاء بتاريخ 21 أكتوبر 2011م.
} من الذي يتخذ القرارات في (الحركة الاتحادية)؟ ولماذا يتخوف البعض في تنظيمكم من إجازة الرافعة الهيكلية المستدامة؟
– قالت بعد تفكير: لدينا هياكل مؤقتة تدير ماكينة النشاط الحزبي في جميع المجالات، حيث يوجد المجلس القيادي الانتقالي برئاسة “الشريف صديق الهندي”، علاوة على وجود (4) نواب ومقرر، هم الدكتور “أبو الحسن فرح” نائباً ومسؤولاً عن القطاع السياسي، والدكتور “محمد يعقوب شداد” نائباً ومسؤولاً عن القطاع التنظيمي، والمهندس “حسن حاج موسى” نائباً ومسؤولاً عن القطاع الاقتصادي والمالي، و”مواهب مجذوب” نائباً ومسؤولاً عن قطاع الإعلام، والمقرر الأستاذ “عمر عثمان”، والقرار يتنزل بشكل ديمقراطي صعوداً وهبوطاً بعد مروره على محطات عديدة ليكون الالتزام برأي الأغلبية. أما عن تخوف البعض من إجازة الرافعة الهيكلية المستدامة، فهذا حديث غير دقيق.
} هنالك من يرى أن الكيانات المنشقة من الأحزاب السياسية الأم لا تدوم طويلاً على شاكلة أعمار الفراشات؟
– أية تجربة لا تتدبر عنصر العظة والعبر، تورث النكد والخسران المبين، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. وأهم درس لدينا يتمثل في كيفية الاستفادة من السلبيات والإخفاقات الموجودة في الأحزاب التي خرجنا من أسوارها.
تأسيساً على ذلك سوف نتعلم من جوهر العبر والدروس بالشكل الذي يصون تجربتنا من الهلاك والانحدار.
} ما هو مصير مذكرة التفاهم الثنائية الموقعة بينكم و(الجبهة الثورية) في ظل التطورات الهائلة المتمثلة في ظهور وثيقة (الفجر الجديد) التي أثارت جدلاً خطيراً وواسعاً في الساحة السودانية؟
– تصمت طويلاً ثم تجيب: من حيث المبدأ تنادي (الحركة الاتحادية) بأسلوب التعبير السلمي في التعامل مع الحكومة وفقاً للدستور، وترفض على الإطلاق المنهج العسكري لإسقاط النظام.
وإذا نظرنا إلى مذكرة التفاهم التي وقعها حزبنا مع (الجبهة الثورية)، نجد أن ملامحها قائمة على التفاهمات التي تنطلق من زاوية الابتعاد عن حالات الحروب والاقتتال والرهان على الوسائل السلمية، وتوحيد العمل المعارض لمعالجة قضايا الوطن المتعددة، لذلك فإن مصير اتفاقنا مع (الجبهة الثورية) لن يتأثر بوثيقة (الفجر الجديد)، فالشاهد أننا نعمل لإحداث حل سياسي شامل لبناء الدولة السودانية على أسس العمل الديمقراطي والمساواة وترسيخ التنمية الاقتصادية انطلاقاً من نصوص اتفاقنا مع (الجبهة الثورية).
} الأستاذة “مواهب مجذوب” أول امرأة على ساحة الاتحاديين تنال موقعاً هيكلياً رفيعاً.. وتشارك في توقيع اتفاقية سياسية مع قوى معارضة.. ما هي نكهة عصير التجربة من خلال بلوغ تلك المحطات؟
– منذ الصغر قمنا على درب الولاء لحزب الحركة الوطنية انطلاقاً من البيئة والمناخ والقناعة، فالأسرة اتحادية لحماً ودماً، قد تلمسنا هذا الطريق على أرائك الوعي والإدراك، فالفكر الاتحادي كان دافعنا الأساسي لمقابلة التكاليف العامة في محطات الجامعة الأهلية والاتحادي الأصل وأمانة المرأة بالحزب، وقد ظل انحيازنا للمبادئ العامة لحزب الوسط الكبير يجري في عروقنا وزاد إيقاعه بعد انضمامنا للحركة الاتحادية. وربما يكون انتخابي لمنصب نائب رئيس (الحركة الاتحادية) إحدى ثمرات هذا المجهود الذي قطعته على حبل مشدود من المصادمة والتعب والعرق، وقد يكون هذا الموقع اكسبني قدراً واسعاً من الثقة وأمانة التكليف في الظرف الحرج الذي يمر على ساحة جميع الاتحاديين.
وبذلك فإن تجربتي محفوفة بالمسؤولية الكبيرة والنظرة التفاؤلية، وأيضاً كانت مشاركتي في طاولة الحوار مع (الجبهة الثورية) حدثاً فريداً يصب في منهج إحياء السلام، والحفاظ على مقدرات الوطن من الضياع والتبديد.
أشعر أنني ثابتة في الزمان والمكان، لا أقف في فراغ إنما استند على جدار التاريخ والانتماء العريق لـ(الحركة الاتحادية).
} المشروع الاتحادي.. هل يمكن أن يصل إلى مرحلة الفوات التاريخي ويسقط مثل النظرية الماركسية في عصر الإحباط الذي يمر على جميع التيارات الاتحادية؟
– قالت بحماس شديد: المشروع الاتحادي ما دام يمثل منهج الوسط لن يموت إطلاقاً، فالوسط دائماً يخلق التوازن بين الشطط والانكسار، وهي مسألة مرسومة على النطاق الكوني والحياتي والمعنوي.
أيضاً الفكرة الاتحادية ليست متقوقعة وجامدة، بل مواكبة للمتغيرات منذ زمن المطالبة بالبوستة والمدرسة الوسطى حتى عصر اكتشافات الفضاء والجينات الوراثية، فالخط الاتحادي هو رمانة الميزان وطاقة وجدانية متجددة عكس الفكر الماركسي المادي.
} ماذا عن خطوات تسجيل تنظيمكم؟
– من السابق لأوانه الإجابة عن هذا السؤال، هنالك ترتيبات في الطريق بعد ذلك يكون لكل حادث حديث.
} لماذا تركت “مواهب مجذوب” حزب مولانا “محمد عثمان الميرغني”؟
– حاولنا في (الاتحادي الأصل) إرساء صراط المؤسسة والضابط التنظيمي والمنهج الشفاف، وقد كانت النتائج مكفهرة للغاية، شعرنا بأن الحزب يركض بسرعة الضوء نحو اللا شيء، لذلك جاءت حيثيات الرحيل من جانبنا.
} في رأيكم أيهما أفضل لمولانا.. البقاء في السجادة أم ممارسة العمل السياسي؟
– تجربة مولانا في ارتداء قميص السياسة وتوشح براءة الصوفية قد تجلب له النقد الجارح والهجوم المباشر من البعض ارتكازاً على قاموس العمل السياسي.
في تقديري الشخصي أن الأفضل للحفاظ على قدسية مكانة مولانا تتمثل في تركه لموقعه السياسي في الحزب والبقاء في السجادة.
} تلاحظ وجود قطيعة غليظة بينكم و(المؤتمر الوطني).. هل يمكن أن تنفتح المسارات في المستقبل؟
– شوف – مؤسسات (الحركة الاتحادية) هي التي تحدد ملامح هذا التعامل انطلاقاً من ثوابت الاتحاديين في التعامل مع الأنظمة الشمولية، فضلاً عن مواكبة النظرة البراغمانية في الأمر.
} البعض يرى أن هنالك دعماً مالياً يصلكم من “التوم هجو” القيادي بـ(الجبهة الثورية) بحكم انتمائه الاتحادي القديم؟
– أجابت بجزم شديد: هذا قول غير صحيح ويتوكأ على ساق واحدة، فالشاهد أن نشاطنا السياسي لا يحتاج إلى أموال كثيرة ودعم خارجي.
} – سؤال أخير: هل تدخلين مطبخ الطعام بعد دخولكم مطبخ السياسة؟
– أنا من أسرة عركية بمنطقة الجزيرة مرتبطة بثقافة العصيدة والكسرة، وزوجي الأستاذ “محمد عثمان المبارك” شايقي يحب (القراصة) وطعام الشايقية، وأنا أجيد طباخة الصنفين تماماً، علاوة على ذلك فأنا معجبة بأغاني الشايقية والتراث الشايقي لدرجة الجنون.