يحتفل العالم الإسلامي غداً (الأحد) بالهجرة النبوية الشريفة، والتي كانت بداية للعام الهجري، وكلما يأتي عام هجري جديد يتبادر للأذهان الهجرة بكل أشيائها الجميلة التي ستظل عالقة ومحبوبة لدينا كحبنا لنبينا محمد صلوات الله عليه وسلامه، ولأن الهجرة النبوية ستظل عالقة في الأذهان مدى الحياة … ولأننا نحب سيد البشرية “محمد” صلوات الله عليه وسلم، وودت هنا أن أعيد نشر المقال الذي كنت قد كتبته عن الهجرة النبوية والذي نشر بصحيفة (المجهر) (الأحد) الثاني من أكتوبر 2016م خاصة وأن الأحداث التاريخية الخاصة بالهجرة النبوية ستظل دون تغيير إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها:ــ
ونحن نحتفل بالعام الهجري نود أن نذكركم بأن الهجرة النبوية من (مكة) إلى (المدينة) تعتبر حدثاً تاريخياً، لكونه غير مجرى الأحداث والتي جاءت وهي تحمل في كل جوانبها معاني التضحية والنضال والصبر والنصر، هاجر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه “أبو بكر الصديق” بعد أن استأذنه للخروج معه ليكون له شرف الصحبة، جاء “لأبي بكر” متخفياً على غير عادته ليخبره بأمر الهجرة .. هاجر وهو يحمل حباً خالصاً لمكة لأنها أحب بقاع الله في قلبه (والله يعلم أنك أحب بقاع الله في قلبي ولولا أهلك أخرجوني لما خرجت)… خرج وهاجر في نفس اليوم الذي رسم له الكفار مكيدة ولم تكن تعرف أن الله قد أمره بالهجرة، فلم يسيرا في اتجاه (مكة) ـ (المدينة) وإنما سارا في اتجاه اليمن في رحلة استغرقت (15) يوماً كما حكاها لنا التاريخ الهجري… يا لها من رحلة شاقة ولكنها كانت من أجل نصرة الإسلام وتوسيع دائرته…. فالذين يزورون تلك المناطق يعرفون تماماً المسافة ما بين (مكة) و(المدينة)، يصلون (المدينة) بالبصات المكيفة ورغم ذلك يتضجرون من تعب السفر، ولكن رسولنا وصلها راجلاً في طريق مليء بالمخاطر من كل الاتجاهات … الله سبحانه وتعالى يقول: إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)… (التوبة).
خرج رسول الله وأمر “علي بن أبي طالب” بأن يتخلف عن السفر ليؤدي عنه ودائع الناس وأماناتهم، وأن يلبس بردته ويبيت في فراشه تلك الليلة، فالهجرة حقيقة دروس وعبر هاجر وقريش وعدت من يعثر على رسول الله فإن له (100) ناقة هدية … نعم إنها جائزة مغرية جعلت “سراقة بن مالك” يمتطي ناقته بحثاً عن رسول الله وعندما اقتربت الناقة منهم دخلت رجلاها في الأرض وحاول الخروج من الوحل، ولكن لم يستطع بعد ذلك دعا له رسول الله وأعطاه الأمان ووعده بسوار كسرى وقد كان، ومن معجزات الهجرة قصة “أم معبد” المعروفة حيث أحلا عليها ضيوفاً وطلب منها رسول الله أن تطعمهم ولكنها اعتذرت بأنها ليس لديها ما تقدمه لهم إلا الشاة الهزيلة التي لا لبن بها، وقد أمسك ضرعها رسولنا صلى الله عليه وسلم ومسح به حتى امتلأت الضرع باللبن فشربا ثم شرب آل “أم معبد”. .. فكلما أقرأ عن الهجرة أتذكر على الفور “أم معبد” وأتذكر السؤال الذي كان يطرح لنا في مادة التربية الإسلامية ونحن بالمرحلة الابتدائية، حيث يقول السؤال: صفي رسول الله كما وصفته “أم معبد”؟ “فأم معبد” وصفته وصفاً دقيقاً لزوجها وحينها قال لها إنه رسول الله الذي تبحث عنه قريش … يا سبحان الله وما أجملك يا حبيب مولاك، أما “سراقة” فقد ألبسه سيدنا “عمر بن الخطاب” سوار كسرى الذي وعده به “محمد بن عبد الله” … ألبسه إياه بعد أن افتتحت الفرس وكان وقتها “سراقة” رجلاً كبيراً جاء منحني الظهر ليلبس السوار في عهد “عمر بن الخطاب”.
فمقال واحد لا يكفي لنحكي عن الهجرة وعن أهل (المدينة) الذين استقبلوه بكل فرح وسعادة بعد أن طلع البدر عليهم، نعم طلع البدر على أهل المدينة الكل يحاول أن يحل الرسول ضيفاً عليه ولكن ناقته كانت مأمورة لأنها (بركت) كما أراد لها الله أن (تبرك). ..(بركت) وكان مسجد قباء… أول مسجد أسس في الإسلام من أول يوم أحق أن تقوم فيها.
مكث النبي في المدينة ولم يأتِ لمكة إلا في فتح مكة وانتشر الإسلام وعم البلدان … فالإسلام الذي بين ظهرانينا لم يأتِ بالساهل وإنما كانت هنالك معاناة …أما نحن فقد وجدناه جاهزاً … عانى رسولنا أشد المعاناة وشكا إلى الله بعد أن رماه أهل الطائف بالحجارة، وقال (اللهم أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس) …. فهذه العبارة تبكيني سادتي من الأعماق … غضب ولكن الله أفرحه بالإسراء والمعراج الليلة التي فرضت فيها الصلاة.
الصلاة والسلام عليكم يا حبيبي يا رسول الله،
الصلاة والسلام عليك يا خير خلق الله.