ورد في الأخبار أن رئيس الوزراء الدكتور “عبد الله حمدوك” قد تحفظ على الأسماء الخاصة بوزيري الصناعة والسياحة والآثار. وبالرغم من أننا لا ندري الأسباب تحديداً وما أن كان قد ارتأى أنها غير كفء بالمنصب. أو أنه يدخر أو يشترط مواصفات بعينها لشغل هذين المنصبين الحيويين وهو ينظر إليهما بخلفية الخبير الاقتصادي. على كل وأياً كانت الأسباب فإن هاتين الوزارتين إلى جانب الزراعة والمعادن هم عصب الاقتصاد وكمال تمامه إن وظفوا بالطريقة المثلى. وإن نظرنا إلى واقعها جميعاً طيلة الفترة الماضية نجد أن الخلل قد تلبسها من (ساسها لرأسها) بفعل السياسات الهوجاء والتخبط الذي أوشك أن يجففها تماماً، وقد حدث فعلياً تجفيف جزئي بالبيع والإهمال وخلافه. وبعيداً عن وزارتي المعادن والزراعة فإن الصناعة ومن منتصف العقد الأخير من فترة النظام السابق عانت ما عانت من التدهور ، فكم من مصنع أغلق أو بيع وخصص لجهات فردية كاستثمار خاص، وأخرى نعق في أضابيرها البوم وبيعت آلياتها خردة أسوة بأخريات في عدد من المجالات. وفتحت الطريق بذا للرأسمالية الأحادية بحيث تمتعت بها أسماء بعينها لمع اسمها في مجال المال والأعمال، ومن عجب أنها ظلت تدعمهم وهم يتلاعبون في أهم الموارد والمصنوعات الغذائية الحيوية حد تأثيرهم على العملة الأجنبية بشكل أو بآخر والحديث في هذا البند يطول ولا أظنه خافياً على أحد.
أما السياحة والآثار فحدث ولا حرج، فهذه الوزارة تحديداً كان ينبغي للقائمين على أمرها ورأس الدولة دفع عجلتها بكل ما أتوا من إمكانيات كونها مصدر دخل اقتصادي ويرفد الخزينة العامة بالعملات الأجنبية و أحد أعمدة الاقتصاد الذي تتكسب منه دول عديدة حولنا وهي أقل ثروة وإمكانيات وخام حبانا به الله سبحانه وتعالى سواء داخل الأرض أو على ظهرها في كل ربوع السودان، لكن هيهات فقد تبخر هذا الحلم الذي كان يمكن أن يجعل السودان في مصاف الدول السياحية وأن يصبح قبلة للسواح رغم طقسه ومناخه الحار، ولكنه أهمل أيضاً ولم يستغل كما ينبغي له أن يكون بدعوى ضيق ذات اليد وغيرها، رغم أنه وإن وظفت السياحة والآثار جيداً لبنت نفسها بنفسها وذلك باستغلال المتاح ومن عائده تستكمل نهضة ما تبقى وترقيته، ليس ذلك فحسب بل ومن أسف أن حتى الذي بين أيدينا تسرب وفقد بسياسات خاصة من المسؤولين أنفسهم أو تورط بعضهم في التهريب والبيع للآثار تحديداً بدلاً من السعي وراء استرداد تلكم التي تزين بترينات محال ومعارض دول الفرنجة. وأذكر في هذا الصدد تباكي بعض الباحثين في حضارات وآثار السودان على قطية أثرية تابعة لآثار السلطان علي دينار كانت بمبنى إدارة الإعلام التي تتبع سابقاً لوزارة الثقافة والسياحة والآثار وقد تمت إزالتها في فترة الوزير (الهادي برمة) كما أوضح الأستاذ ( ذو اليد سليمان مصطفى) الباحث في حوار الحضارات عبر منشور كتبه حديثاً يشهد به على الجرائم التي ارتكبت في حق الوطن ومنها تخريب الآثار وهدمها.
هذا نموذج والأمثلة على ذلك كثر. المهم في الأمر ضرورة الاختيار الموفق والموضوعي لهاتين الوزارتين، والسياحة تحديداً فهي مورد غني ولا ينضب معينه أبداً. ونتمنى أن توفق في وضع الأشخاص المناسبين في الأمكنة المناسبة بالحد الذي تثمر من خلاله مقاعدهم طبعاً بعد غرس فسائل صالحة.