رأي

فنجان الصباح

أحمد عبد الوهاب

من ينقذ (الأمازون ) السوداني؟؟

رئة تحترق ..حياة تختنق ..كلمات تمثل قلق حماة البيئة، في كل الدنيا، ما خلا السودان ،منذ أن اندلعت حرائق الأمازون(رئة الأرض)، فقد كان نشامى (قحت) يحرقون إطارات السيارات، لتحترق رئة كل طفل غرير، أو شيخ كبير. إن كل الدنيا المهمومة بسلامة البيئة، تقف على رجل واحدة، وتحبس أنفاسها خوفاً على غابات الأمازون.. ونحن نقف على (كراع) واحدة، قلقاً من كل تأخير للحكومة المدنية..
تتعهد غابات الأمازون الآستوائية للبشرية، بتوفير الأوكسجين(إكسير الحياة)، وهذه الغابات للأسف، تحت وطأة حرائق خارجة عن السيطرة ..إلى إشعار آخر.. حرائق لا تقتصر آثارها على حوض الأمازون ، وإنما يتعداه إلى العالم كله.
تمتد غابات نهر الأمازون ،عبر آلاف الكيلومترات ، وملايين الأفدنة الخضراء.. عبر البرازيل وعدة دول لاتينية. وتحتوي على محمية طبيعية للحياة البرية، والحشرية، والغابية، بما لا مثيل له في العالم..
لقد كان السودان وإلى زمن قريب عبارة عن غابة، تتنوع ما بين سافنا فقيرة وغنية، مع غطاء شجري دائم وتنوع نباتي رائع.. ويحكي المؤرخون أن مدافع جيش الإنجليز بقيادة الجنرال “كتشنر” لما قصفت مع الفجر تجمعات جيش “محمود ود أحمد” في (النخيلة) على شاطئ نهر عطبرة ..اندلعت حرائق ضخمة أضاءت لعدة ليال ظلام المنطقة، وسهل البطانة، وقضت الحرائق على عدد كبير من أشجار الدوم والنخيل الممتد على شكل حزام، على طول النهر حتى الهضبة الإثيوبية.. وكان من شأن هذه الغابات أن تأوي السباع والضباع وبنات أوى.. فضلاً عن مجاميع ضخمة للغزلان، والبقر الوحشي.. ولما كان (الحاردلو) الشاعر المعروف ..يتغزل في عيون المها، والغزلان لم يكن يتكبد مشقة السفر إلى(الوادي المتصدع) الكيني، وهو الذي يقول عن نفسه(سيد الأتبراوي وماشي فيهو كلامي).. وكانت الطيور المهاجرة من أوربا لأفريقيا، تقطع رحلتها، لتحط على ضفتي الأتبراوي، ظناً منها أنها لا زالت منطقة غابات وأحراش.. فتفاجأ بالأرض البور البلقع.. حيث لم يترك الإنسان السوداني فيها –للأسف- شجرة واحدة كاستراحة لطائر مهاجر.. أو كظل مؤقت لغزال بري راحل. ومن خلال (الفنجان ) دعوت خلال عقود طويلة، لاستغلال مواسم الخريف السخية لزراعة الأشجار بكثافة حتى تعود الغابات والحياة الوحشية لبلادنا..إن كثيراً من قادتنا لم يقرؤوا ما كتبه “بول ديفدسون” في كتابه (أفريقيا تحت أضواء جديدة) عن الغابات التي كانت تزدهر حوالي إهرامات البجراوية ،والنقعة والمصورات، في عهد حضارتها الذهبي.. إن أي موسم خريف مطير يمر على بلادنا، بدون زراعة مليارات الأشجار السودانية كـ(الطندب ،والطلح، الهشاب، والدوم، والهجليج) جريمة في حق السودان ..وحق الإنسانية جمعاء.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية