وبعد أن استبشرنا بتلكم التصريحات والوعود التي قطعتها الولايات المتحدة الأمريكية بشأن رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب حال تم التوافق بين الطرفين و على الحكومة المدنية، وقبيل تحقيق ذلك والحكومة في طريقها للتشكيل، ها هو وزير خارجيتها وعبر مؤتمر صحفي عقده أمس الأول بالخرطوم يضع شروطاً جديدة لتنزيل هذا الأمر الذي انتظره السودانيون أزماناً عدة، ومن ضمن هذه الشروط التي قال إنه سيناقشها مع الحكومة المدنية حقوق الإنسان. واعتقد أن هذه الجزئية وقفت عليها عدد من منظمات المجتمع المدني والمنظمات الأجنبية في عدد من ولايات ومدن السودان لعل آخرها تأكيدات ( اليونسيف) بعدم تجنيد الأطفال ضمن صفوف القوات النظامية كما راج مؤخراً عقب زيارة قامت بها لمعسكراتها، وهي بهذا التفنيد تبرئ ساحة هذه القوات من الاتهامات المغرضة التي أطلقتها بعض الجهات، وهذا دليل براءة من منظمة دولية مختصة في مجال الأطفال ولعل هذه الواقعة وغيرها من الشواهد فيما يلي الأطفال تثبت أن السودان ملتزم بالاتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بهم. كذلك وعلى مستوى المشاكل الاجتماعية وغيرها فاعتقد أن السودان يحترم المرأة ويقدس الأسرة بأفضل من دول كثيرة حوله.
أيضاً من اشتراطات أمريكا مكافحة الإرهاب، وأعتقد كذلك أن هذا الملف قطع فيه السودان شوطاً بعيداً وكان للدعم السريع اليد الطولى في دحره ضمن أعمال كثيرة تقوم بها خارج كونها قوات قتالية، وأن الحكومة الفائتة كذلك سعت سعياً حثيثاً فيه حتى ترفع اسم السودان من تلكم القائمة التصنيفية. كذلك اشترطت إقامة الحريات الدينية وهذه النقطة تحديداً متوفرة تماماً في مجتمع السودان الذي أكثر ما يميزه التعايش الديني وممارسة حرية الأديان المتاحة لحد تزاوج البعض من ذوي الديانات المختلفة، وتتشارك الطوائف الدينية كافة المناسبات الخاصة بأي منهم، إذن فهذا البند مطروح وممارس أساساً اللهم إلا أن كانت أمريكا تريد وفي ظل الحكومة الجديدة التي لا تضع للدين اعتباراً و تدعو للعلمانية والليبرالية وخلافه أن تفرض أجندتها بالخصوص أو تدعم العهد الجديد بالإفراط في هذه الحرية التي فشلت في فرضها بالطريقة التي ترغب في العهد القديم فأتتها الفرصة الآن على طبق القادم . وأخشى ما أخشى أن يكون الحديث الذي قاله القانوني الضليع ( نبيل أديب المحامي ) لراديو دبنقا وكيف أنه يخشى من التأثيرات الدينية على الدولة المدنية بسبب ورود بعض العبارات ذات الصبغة الدينية و أحد من هذه الحريات التي تدعو لها أمريكا. تناول ( أديب ) حد الزنا وأن المجلس التشريعي يمكن أن يعدل في هكذا جرائم حدود ونسى أن حد الزنا إنما هو تشريع سماوي وضعه القرآن وأجازته السنة وليس بقانون وضعي تعدل فيه أي جهة كما شاء لها وليعلموا أن لا تبديل لشرع الله. بيد أن أغرب ما قال به هو أن الوثيقة الدستورية ضمنت لكافة المواطنين حقوقهم التي لا يجب أن تنتقص بسبب الدين والعرق ،الأخيرة معقولة ومقبولة لكن أن ينتقص الدين الحقوق فقد بهت فيها الذي كفر، فالدين جاء وتضمن رد الحقوق والمظالم والمساواة والعدل بين الناس، مالكم بالله عليكم كيف تحكمون؟!
أخشى كذلك أن تؤلب مثل هذه الأقاويل الشارع وتثير حفيظة المتشددين من الأسر السودانية ورجال الدين لاسيما المتطرفين منهم، وكنا قد استرحنا من اللغط الذي أثاروه الفترة الماضية قبيل أن يمتص المجلس العسكري ثائرتهم، لكن أن ظلت مثل هذه الأحاديث تصدر من هنا وهناك فلا نلومهم أن هبوا غيرة على دينهم ولا اعتقد أن أي من السدود ستوقف مد احتجاجهم، وإن كان هذا دين الفترة المدنية ( من هسي ) ( لهم دينهم ولنا دين).
أما الشرط الرابع والخاص بتحقيق السلام والاستقرار السياسي وإنعاش الاقتصاد فهذا أمر معنية به قحت وحكومتها الجديدة وأعتقد أنه ما زال قيد التنفيذ أو لم يشرع فيه بعد فقط هنالك مساعي لتحقيق السلام من قبل المجلس العسكري فقط لأن قحت ( خربت) علاقتها بالجبهة الثورية حد مناصبتها العداء.
ترى ماذا تريد الولايات المتحدة الأمريكية من هذه الضغوط رغم أن هذا أنسب وقت لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، هل تعتبر أن هذه وسيلة ضغط لابتزاز السودان بمثل هذه الطريقة، ترى هل تريد معاملة خاصة مثلاً في تجارة الصمغ العربي الذي يدخل في صناعة الأدوية الأمريكية؟ أم امتيازات خاصة لشركاتها التي تعمل في السودان؟ أم بناء قاعدة عسكرية لها؟ أم تهدف يا ترى باستلام كامل الحكومة المدنية وإملاء الشروط عليها ووضعها رهن القرار السياسي من قبلها. ماذا تريد الولايات المتحدة يا ترى؟؟!