هل رفض الحركات المسلحة إجهاض لاتفاق أديس أبابا ووثيقة السلام؟
قالوا: إنها تسعى لعرقلة الاتفاق
الخرطوم – فائز عبد الله
ثمة تساؤلات لدى الخبراء والمختصين بعد توقيع الاتفاق بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية حول رفض قيادات الحركات المسلحة الانضمام إلى التوقيع على الوثيقة الدستورية التي تضمنت عدة نقاط رئيسية، سيما وأن رفضها ربطه الخبراء بسعي الحركات لتمييز قضية المنطقتين “جنوب كردفان والنيل الأزرق”، عن بقية القضايا، وضع عقبات أمام الاتفاق ووثيقة “السلام” التي وقعت عليها قوى الحرية والحركات في أديس أبابا، إلا أن الخبراء والمحللين السياسيين أشاروا إلى خطورة قرار رفض الحركات المسلحة، ووصفوه بالسعي لعرقلة الاتفاق وإجهاضه وإشعال الحرب من جديد، وقالوا إن منطقة النيل الأزرق سبق وأن طالب ممثلوها في الجبهة الثورية “قطاع الشمال”، بقيادة “عبد العزيز الحلو”، بحق تقرير المصير مثل جنوب السودان.
وقالوا إن الانتقادات التي صدرت من قيادات الحركات المسلحة لاتفاق المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية، حمل الكثير من المغالطات والتساؤلات حول مواقفها خارج وداخل مكونات قوى نداء السودان وقوى الحرية والتغيير نفسها، بشأن الاتفاق الذي قال عنه رئيس حركة العدل والمساواة السودانية “جبريل إبراهيم” إن الاتفاق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، أعطى إجازة مفتوحة للسلام وتشكيل البرلمان، ومنح أهل المركز الحكم، باعتبارهم من جلب الثورة، واصفاً الأمر بالخطير ولن يحقق الأمن والاستقرار في السودان.
واتهم “جبريل إبراهيم” قوى الحرية والتغيير بإهمال موضوع السلام، حيث ركزت على التحول المدني والديمقراطي رغم أن التجارب التاريخية أثبتت بأن السلام إن لم يمنح الأولوية، فلن تنجح الديمقراطية حسب قوله،
وأشار إلى أن الاتفاق حذف منه اسم “الجبهة الثورية” ووضع مسمى الحركات المسلحة، ما يعني خروج عدد كبير من القوى غير المسلحة داخل الجبهة الثورية، بينها تنظيمات من شرق السودان وحركة “كوش” بشمال السودان، بجانب الحزب الاتحادي المعارض،
وتابع “واضح أن الفترة الانتقالية لن تكون فيها فرصة للحركات المسلحة للمشاركة في السلطة، ويعتبرون أنفسهم من صنعوا الثورة ويجنوا ثمارها، بينما الجهد الذي قام به الآخرون قبل الثورة، وضعوا مكانه صفراً وذهبوا.
وأشار إلى أن اجتماعات أديس أبابا، حاولت أن تعطي السلام أولوية حينما اتفقت على وثيقة تعهدت قوى الحرية والتغيير بتضمينها بالكامل في الاتفاق السياسي والإعلان الدستوري حتى تفتح المجال أمام الجميع لتحقيق السلام في فترة وجيزة، يقود بدوره لتحقيق التحول الديمقراطي.
وأوضح أن أهل المركز من الناحية العملية يقدمون المصالح الحزبية والمحاصصات على عملية السلام، ويعتبر ملاك الثورة أن وصول آخرين عبر اتفاق سلام سيخرب عليهم نصيبهم في كعكة السلطة التي تحصلوا عليها، ولذلك حينما عادوا من أديس أبابا، نكصوا على أعقابهم ورفضوا تضمين وثيقة السلام بصورة كاملة وفق ما اتفقنا عليه.
وقال إن المفاوضين رفضوا أن تسود اتفاقات السلام التي يتم التوصل لها لاحقاً على المواثيق التي سبقتها، مثل “الاتفاق السياسي والإعلان الدستوري”، وتم تقييد اتفاقيات السلام بالوثيقة الدستورية،
وأضاف “إذا أردت أن تغير في مجلس الوزراء أو السيادة، لا تستطيع إلا بموافقة ثلثي أعضاء برلمان في رحم الغيب، وهذا يعني أن نعطي إجازة للسلام وإجازة للبرلمان، والذين يعتبرون أنفسهم صناع الثورة وهم من يحكم وينتهي الأمر”، وزاد “وهذا أمر خطير لن يحقق الأمن ولا الاستقرار والنماء في السودان”، وأردف “رغم أنهم يرموا الآخرين بالمحاصصة والحرص على الوظائف، تماماً كالمثل رمتني بدائها وانسلت، هم الحريصون على المحاصصة واحتكار كل شيء، وهذه عقلية يجب التعامل معها بجدية ليحدث التغيير، لأن التغيير أصلاً ينبغي أن يستهدف طريقة التفكير”.
وقال المحلل السياسي “الرشيد أبو شامة” في حديثه لـ(المجهر) إن الحركات المسلحة ليس لها الحق في تقديم قضيتها على مصلحة الوطن في هذه الفترة التاريخية من عمر البلاد، وأشار إلى أن تميز قضيتي “النيل الأزرق وجنوب كردفان” عن القضايا الوطنية، هو أمر خطير جداً لعرقلة الاتفاق بين المجلس العسكرية والحرية والتغيير، وأضاف أن الحركات ميزت قضيتها دون مراعاة للديمقراطية والقضايا الوطنية التي تمهد لتحقيق الاستقرار في الدولة، وقد يؤدي لإجهاض جهود عملية السلام واتفاق أديس أبابا، الموقع بين قوى الحرية والتغيير والحركات المسلحة، وقال إن الـ(6) أشهر الأولى تم تخصيصها إلى قضية السلام، إلا أن قيادات الحركات المسلحة لم ينتظروا تكوين الحكومة وتسرعوا لأجل اكتساب مناصب سيادية في الاتفاق، وأوضح أن القضية الآن هي قضية وطن وليس تميزاً أو حجراً لرأي أحد، وأضاف أن هناك قضايا لها أولويات مثل قضية الحريات ومحاربة الفساد في البلاد، ووصف “أبو شامة” قرار الحركات بأنه متسرع للحصول على مناصب، وزاد أن قيادات الحركات “عايزين مناصب فقط دون النظر إلى قضية الوطن”.
وانتقد المحامي “ياسر عبد المنعم” في حديثه لـ(المجهر)، السياسيين المدنيين بالاستجابة إلى مطالب الحركات المسلحة وترضيتها، وقال إن قرار رفض الحركات المسلحة لاتفاق المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير بعد الوثيقة، يعد عرقلة للاتفاق، وأردف أن هذا الوقت غير مناسب لأي رفض للاتفاق الذي يحقق الاستقرار والعدالة في المؤسسات والقانون في الحكومة المدنية، وقال إن المرحلة الحالية الانتقالية هي خالصة لقوى الحرية والتغيير، ولا يحق لأحد من الأحزاب السياسية والحركات المشاركة فيها بحجة أن قوى الحرية تمتلك الشارع، وإنها فوضت من قبل الثوار، وأضاف “أن الحركات التي تتحدث عن الاتفاق بأنه ليس مكتملاً أو ناقصاً، يؤكد مدى سعيها إلى الحصول على مناصب في المجالس الثلاثة”.
وقال المحلل السياسي “صلاح الدومة” في حديثه لـ(المجهر) إن الفترة الانتقالية الراهنة هي حق لقوى إعلان الحرية والتغيير وليس للحركات والأحزاب مجالاً فيها، وأضاف أن قوى الحرية أتت بتفويض من الشعب والشارع لاستحقاقها التحكم في اختيار من يقود البلاد للمرحلة المقبلة، وأوضح يحق لقوى التغيير تكوين حكومة كفاءات للنظر في الخلافات السياسية، وقال “الدومة” إن الـ(6) أشهر الأولى خصصت إلى السلام والاتفاق مع الحركات المسلحة، وأشار إلى أن الاتفاق بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية يجب أن يكون ثنائياً فقط بين الطرفين، باعتبار أن المجلس العسكري شريك في الحكم، وطالب “الدومة” بتشكيل حكومة لمعالجة التطورات في الساحة السياسية، وأضاف لا بد أن يكون هناك إقصاء لأحد في اتفاق المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية.
وقال إن الوضع لا يحتمل تكوين حكومة ظل، بل يجب تكوين حكومة حقيقية تباشر العمل في محاربة الفساد والمفسدين وإدارة شؤون البلاد.
وأوضح أن الحركات لا يحق لها أن تكون جزءاً من هذا الاتفاق، لأنه ملك قوى إعلان الحرية.
وقال” الدومة” إن الحركات المسلحة ليس لها الحق في تقديم قضيتها على مصلحة الوطن، وأضاف أن الحركات ميزت قضيتها دون مراعاة للديمقراطية والقضايا الوطنية التي تمهد لتحقيق الاستقرار في الدولة، وقال إن الـ(6) أشهر الأولى تم تخصيصها إلى قضية السلام إلا أن قيادات الحركات المسلحة لم ينتظروا تكوين الحكومة وتسرعوا لأجل اكتساب مناصب سيادية في الاتفاق.
وقال إن السودان هي القضية الراهنة، وأشار إلى أن السودان طيلة الفترة الماضية، كان يحكم بالعسكرية والأمن، والآن اختلفت الرؤية والتوافق على حكومة مدنية تخدم المصالح الوطنية.