رأي

فنجان الصباح

أحمد عبد الوهاب

في بريد سعادة سفير بريطانيا بالخرطوم .

لولا اسمه الإسلامي الرنان لظنّ كثيرون مثلي أن سعادة “عرفان” سفير المملكة المتحدة بالخرطوم هو النسخة المعاصرة للورد “كرومر” المندوب السامي البريطاني على عهد دولتي الحكم الثنائي.
تشكو دوائر دبلوماسية سودانية مر الشكوى منذ أيام ميدان الاعتصام، من تدخلات سافرة لسفراء أجانب كثيرين في الشأن السوداني، سفراء جعلوا من ذلك الميدان الكائن في محيط القيادة العامة للقوات المسلحة مسرحاً ومقيلاً..
وفي مقدمة هذا الزحف الدبلوماسي الأجنبي غير المقدس يأتي سفير صاحبة الجلالة ملكة بريطانيا العظمى بالسودان.. فقد كان دائم الحضور بطلعة بهية وابتسام غزير ..يقابل من يشاء.. ويجتمع بمن يريد، من دون إذن من الحكومة ولا حاجة لتصريح من الوزارة المعنية.. في خروج على معهود الدبلوماسية وتقاليدها المرعية .. ثم وفي خواتيم رمضان خرج سعادة السفير “عرفان” مشكوراً مأجوراً بإفطاره على عادة أهل السودان إلى شارع الجمهورية، ودعا المعتصمين على الجوار إلى مائدته.. ثم أمّهم في صلاة المغرب. . نسأل الله تعالى أن يتقبل منه صيامه وقيامه واعتصامه.
لكن ذلك لن يمنعنا من أن ننبه سيادته إلى ضرورة التقيّد مستقبلاً بمعهود الأعراف الدبلوماسية وهو سيد العارفين بها واثقين من حسن نواياه .. إننا نريده سفيراً للملكة التي لم تكن تغرب عنها الشمس وقد كنا قبل أكثر من سبعة عقود من ضمن مستعمرات التاج البريطاني قبل أن يحمل المستعمر عصاه ويرحل .. ومما يحمده أهل السودان للإدارة البريطانية أيام الحكم الإنجليزي للسودان، أنهم أوفدوا لبلادنا مشكورين خيرة كوادرهم من رجال الإدارة والحكم والدبلوماسية والقانون التعليم والخدمة المدنية، وكانوا خير مبعوثين . وخير سفراء للإمبراطورية إلى جنوب الصحراء..
إن بلادنا تتطلع في عهد كم وفي العهد الديمقراطي الوليد، يا سعادة السفير أن تتطور العلاقات بين بلدينا، وتكون في عهدها الذهبي، وأن تكون بريطانيا العظمى بثقلها الدولي المعروف ومكانتها المعلومة عوناً للسودان على إطفاء الحرائق والنزاعات، وتسوية المشكلات وصولاً لاستقرار مديد وسلام مستدام ..
عكس ما تسعى له دوائر معادية للخرطوم عبر حقب مختلفة، في مجلس اللوردات البريطاني لا يعجبها العجب ، ولا الصيام في رجب.. وفي ذاكرة أهل السودان حملات ظالمة ظلت تقودها “البارونة كوكس” على سبيل المثال لا الحصر..
إن التقاء السفراء بمعارضين سودانيبن، خصوصاً من حملة السلاح، من شأنه أن يرسل إشارات خاطئة ، تفسر دوماً على أنها علامة من علامات الرضا الدولي . وضوء أخضر لحملة البندقية للمضي إلى آخر الشوط .وثمة سؤال صغير لسعادة السفير ..وهو هل يسمح العرف الدبلوماسي في عاصمة الضباب لسفير الخرطوم هناك بالالتقاء بزعيم الجناح السياسي للجيش الآيرلندي المحظور.. أم انه سيقع -لا محالة- في المحذور..؟؟.. أم أن في الدبلوماسية يصبح الحلال عند عواصم عظمى .. لأخريات جريمة عظمى..

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية