الديوان

الشاعر “جمال حسن سعيد”.. (زول يفتح الروح ضلفتين)

الخرطوم : المجهر
تستحق تجربة الشاعر “جمال حسن سعيد”، الوقوف عندها والتوثيق لها، وهو صاحب إبداع في مجال كتابة الشعر بالعامية والفصيح، وكتب مجموعة من الأعمال الغنائية وجدت حظها ورددها كبار الفنانين، إلا أن تجربته الدرامية في التأليف والتمثيل والإخراج طغت على التجربة الشعرية.
بدأ “جمال حسن سعيد” كتابة الشعر مبكراً، وقد نشأ في حي العباسية جوار خور أبو عنجة، وهو يمتلك «سبع صنائع»، وبدأ محباً لكرة القدم جداً، ولعب في كوبر في الناشئين، وفي فريق الإخوة، وكان لاعب نص حريف ونحيف، واتجه عام 1976 م وهو في الثانوي العام إلى المسرح ومثل مع كبار نجوم المسرح في مسرحية «بوابة حمد النيل» للمؤلف “يحيى العوض” والمخرج “الريح عبد القادر”، وفي نفس العام عمل في التلفزيون مع “حسن عبد المجيد” في «البير والكلاب» إخراج “صلاح السيد”، وفي نفس المسلسل كان الراحل المقيم “عبد العزيز العميري” و”تحية زروق”، ثم تخرج لاحقاً في معهد الموسيقى والمسرح تمثيل وإخراج.
كتب “جمال حسن سعيد” قصيدة للفنان “الجابري” بعنوان «حواء وآدم»، ومن أجمل أشعاره التي لم تجد حظها من الانتشار.. اسمها «فاتح شبابيك في النوم»:
فاتح شبابيك في النوم
ومطل على وادي النعاس
أنا شفت لهاة الشمس
بتنقط أناناس وحراز
بصالح المطرة.
ومن أجمل أشعاره التي لم تكتشف بعد:
أهدتني عيونك كذا حلمة
فارس شايل سيف الكلمة
ورغم صفير الريح الضلمة
خليت عنوان في الرملة
الهوا لو مسح الجملة ضيع كل العنوان
اترى بتلقيهو في حلمة
في شط النيل النعسان.
وللشاعر “جمال حسن سعيد” تجربة ثنائية مع الفنان “مصطفى سيد أحمد” الذي غنى له أغنية «أظنك عرفتي» :
أظنك عرفتي عواصفك مهبي
أباري في خيالك يسوقني ويودي
ونهرك يعدي ويجهل مصبي
هواجسي البتزرع وظني البربي
بديتك خواطر بتصحى وتساور
وطيفك يزاور وروحك تحاور.
وغنه له الفنان “سيف الجامعة” أغنية «زولة تفتح الروح ضلفتين» وكانت من أجمل أغنياته:
زولة تفتح الروح ضلفتين
تخشك.. وتمرقك
عــــــادي
تخشك.. وتمرقك
ما بتقفل الباب من وراها
بل تساسق بين شفقتك.. وحرقتك
ما بتأذنك
ما روحها نفاج غربتك
هذي البنية .. الساكنة أسرار فكرتك
هي الشايلة .. حســـــك وسترتك.
وقد وثق المخرج الراحل المقيم “محمد سليمان دخيل الله” صاحب كتاب «أروع المغنين» لتجربة “جمال حسن سعيد” في مجال الشعر، وقال إنه شاعر قصائده تحدث في دواخله صراعاً وتوتراً داخلياً بتحقيقها لقيم جمالية عالية وبإيقاع رائع خاصة قصيدة «مزامير الحنين»:
مزامير الحنين ناحت
وهاجرت روحي في الهزات
قدر ما أقول أطيب أنسى
أقوم ألقاك ماليه الذات.
وقال: “جمال حسن سعيد” تحس في قصائده بأنه يبحث عن مذاق خاص وتعابير وكلمات، وكأنها لوحات يرسمها من قاموسه الخاص برومانسيته أحياناً وبعذاباته أحياناً أخرى، وأنا أجد أن جمال في تجواله الشعري مع الكلمات برؤية نافذة، تحتشد في ذاكرته الصور ويرسم الأحرف ببراعة في براعة بالحروف الأبجدية:
لأني خايف أني أبعد
لأني خايف من مسافة
إلا بس فرقة عيونك
يا هادي الحاجة البخافة
أصلو من فكرت أمشي
كنت عارف إنو بكرة
حزين وقاسي.
وقال عن قصيدة «الحيطة»، إنها مدوزنة على وتر قيثارة وكأن الشاعر يهرب من حزنه إلى حزن نبيل في عفوية مرات، ومرات في عبثية ورؤى فلسفية استمدها من عمله وقراءته في مجال المسرح، وتتجلى هذه الرؤى في «الحيطة» التي فيها حُب وانتماء للوطن بكل تفاصيله في أحيائه وأزقته، وفيها حنية للزمن الجميل:
جواي في الحيطة
مبنية من جالوص
باب السنط كورك
قام جاوب الفانوس
يا حليلة سيرة البيت
ريحة التكل والزيت
وين يا ولد فزيت.
وقد قال “جمال حسن سعيد” إنه لم يتوقف عن كتابة الشعر، لأن الشعر والمسرح والفنون جميعها تخرج من شجرة واحدة، وأحياناً فكرة المسرحية يمكن أن تكون قصيدة والعكس، وإن كثيراً من المقدمات في مسرحياته التي يقدمها يبدأها بالشعر في خدمة النص والجو العام للمسرحية:
حلة من الأحلام
والصمت والحيرة
أحلامك نامية
في شارع البال
والسيرة
عادية.. ومسالمة.. وخطيرة.
وتتميز أشعاره تتميز بالبساطة والصدق وقوة المفردة، إضافة الى حساسية نادرة وحس مرهف:
الأرضة لو تأكل السرح
ويهرج صهيل الخيل هرج
أنا تاني ما بطرى الرحيل
وطفيته نارك يا هواجس بالثلج.
وللشاعر “جمال حسن سعيد” مفردات خاصة، ويعرف كيف يطوِّع الحروف ويجمِّل بها القصيدة:
أنا مالي بقيت.. اتنين
واحد ضدي.. والتاني معاي
واحد بهناك.. واحد بي جاي
نفرين جواي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية