تقارير

السودان يغيب من القمة الأفريقية …في انتظار الحكومة المدنية

بعد (56) عاماً من الحضور

الخرطوم ـ المهدي عبدالباري
بعد إعلان عزل “البشير” ، علق الاتحاد الأفريقي عضوية السودان ، وحدد أسبوعين للمجلس العسكري الانتقالي لتسليم السلطة لحكومة مدنية ، منذ تلك اللحظة شغر مقعد السودان ، وسجل غياباً عن كافة فعاليات الاتحاد الأفريقي ، وبالأمس غاب لأول مرة عن جدول القمة الأفريقية .
مر(56)عاماً على تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية ، في أعقاب خروج دول القارة من ربق الاستعمار، شارك السودان بجانب دول أخرى ، العمل على تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية التي أسسها “كوامي نكروما”، وفي عام 2002 أسس الاتحاد الأفريقي الذي ترأسه “ثامو أمبيكي” ومقره إثيوبيا حالياً، ومنذ ذلك التاريخ لم يتغيب السودان من القمم والدورات التي يعقدها الاتحاد الأفريقي ، بعد التغيير الذي يشهده السودان من إضراب داخلي وعدم استقرار أمني جعل السودان يتغيب عن القمة الأفريقية لأول مرة في تاريخه .
قرر الاتحاد الأفريقي مؤخراً عدم الاعتراف بالانقلابات العسكرية بالقارة السمراء وبعد سقوط “البشير” ونظامه، عقد الاتحاد الأفريقي بمجلس السلم والأمن الأفريقي جلسة طارئة بحصول ما يدور في السودان قرر فيها تعطيل عضوية السودان لحين تسليم السلطة لحكومة انتقالية يقودها مدنيون، وهو الأمر الذي تسبب في حظر السودان من المشاركة في القمة المنعقدة حالياً بالنيجر برئاسة الرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي” بخصوصه إذ يقود الاتحاد الأفريقي رعاية الاتفاق الذي تم بين طرفي التفاوض والحرية والتغيير في السودان للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد.
تاريخ الاتحاد
يعود التأسيس للاتحاد الأفريقي إلى نشأة “اتحاد الدول الأفريقية”، وهي منظمة صغيرة أسسها “كوامي نكروما” في ستينات القرن الماضي، ظهرت العديد من المحاولات الأخرى لتوحيد القارة، فتأسست “منظمة الوحدة الأفريقية” في 25 مايو 1963، و”الجماعة الاقتصادية الأفريقية” في 1981.
ولدت فكرة إنشاء الاتحاد الأفريقي في منتصف التسعينات، تحت قيادة زعيم ليبيا السابق “معمر القذافي” الذي دعا رؤساء الدول الأفريقية بعد “إعلان سرت” في 9 سبتمبر 1999 إلى إنشاء الاتحاد الأفريقي. وأعقب ذلك الإعلان العديد من القمم لإنجاز ذلك المشروع، ففي عام 2000 أقيمت قمة في لومي، والتي اعتمد فيها القانون التأسيسي للاتحاد. واعتمدت الخطة لتنفيذ الاتحاد الأفريقي في قمة لوساكا في سنة 2001. وفي نفس الوقت، تم تنفيذ مبادرة إنشاء الشراكة الجديدة من أجل تنمية أفريقيا (NEPAD )
في 9 يوليو 2002 في قمة مدينة ديربان في جنوب أفريقيا كان تأسيس الاتحاد ، وأول رئيس للجمعية العامة للاتحاد الأفريقي هو الجنوب أفريقي “ثابو أمبيكي”. أما الدورة الثانية، فقد أقيمت في مابوتو في عام 2003، واستضافت أديس أبابا الدورة الثالثة في 6 يوليو 2004.
في عام 2006، قرر الاتحاد الأفريقي إنشاء لجنة (للنظر في تنفيذ نظام التناوب بين المناطق) في ما يتعلق بالرئاسة. وقد نشب خلاف في القمة التي عقدت في يناير 2006 عندما أعلن السودان ترشحه لرئاسة الاتحاد الأفريقي، بصفته ممثلاً لمنطقة شرق أفريقيا. حيث رفضت العديد من الدول الأعضاء دعم السودان بسبب التوترات بشأن دارفور. وبعد ضغطٍ كبير، سحب السودان الترشيح ولم يتول أي رئاسة للاتحاد حتى الآن .
دور مصر في غياب السودان
يقول السفير السابق للسودان الدكتور “الرشيد أبوشامة” لـ(المجهر) ، إن السودان من الدول المؤسسة للاتحاد الأفريقي منذ 25مايو 1963م ومن المشاركين في وضع الميثاق .
ويؤكد “أبوشامة” أن مصر لعبت دور سوء النية عندما ترأست الاتحاد الأفريقي هذا العام إذ عقدت القمة الأفريقية بالقاهرة برئاسة “السيسي” تناولت عدداً من الموضوعات من بينها الراهن في السودان بعد تعطيل عضويته في الاتحاد إبان سقوط “البشير” واستلام العسكريين للسلطة لفترة انتقالية وإعطاء السودان مهلة زمنية قدرها (14) يوماً بحسب قانون الاتحاد لتسليم السلطة للمدنيين، لأن الاتحاد بعد تعديل القانون يرفض الانقلابات العسكرية والاعتراف بها . ويشير السفير “أبوشامة” إلى أنه بعد عقد قمة القاهرة، مدد الرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي” (3) أشهر إضافية للسودانيين لتسليم السلطة للمدنيين وهو الأمر الذي وضع السودان في هذا الموقف وغيابه عن القمة الأفريقية لأول مرة في تاريخه .
ويؤكد أن إطالة الفترة الزمنية من (14) يوماً إلى (3) أشهر، والذي أجازه رؤساء دول الاتحاد ماعدا السودان بسبب تعطيل العضوية أمر غير متعارف عليه في تاريخ وقانون الاتحاد منذ إعادة تأسيسه 2002م ، وفي هذه المنحى اتبعت مصر دور سوء النية لإدخال السودان في مأزق وخلق عدم الاستقرار السياسي الحالي وظهور رؤوس لتحالفات امتطت حصان الثورة، منددة بما يدور بين طرفي التفاوض المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير، والمطالبة بعدم ممارسة الإقصاء، ومن المحزن أن مصر لم تأبه بمطالب الشعب السوداني في تظاهراته ذهب إلى السفارة المصرية طالباً منها عدم التدخل في شؤونهم الداخلية .
من جانبه يقول المحلل السياسي “عبداللطيف البوني” إن غياب السودان عن القمة الأفريقية هذا العام لظرف طارئ سببه التغيير الذي يشهده السودان، إضافة إلى أن الاتحاد الأفريقي في القانون السابق لم يكن يرفض الانقلابات العسكرية إلا بعد تعديل القانون وقرر عدم الاعتراف بالانقلابات العسكرية، وتفعيل دور الديمقراطية للدول الأفريقية وحماية الحريات مما أوقع السودان في الحظر وتعطيل العضوية من الاتحاد حتى تعود الأوضاع إلى طبيعتها واستلام المدنيين للسلطة.
وتوقع “البوني” عودة العضوية بعد الاتفاق الذي توصل إليه المجلس العسكري والحرية والتغيير برعاية الاتحاد الأفريقي والذي تعد هذه الاتفاقية أحد إنجازاته .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية