.. تصريح مثير لـ”الصادق المهدي” تناقلته خلال الأمس وسائل الإعلام المختلفة، خاصة القنوات العربية التي وجدت في حالتنا السياسية الراهنة مادة دسمة، استخدمت فيها كل ما لديها من ما هو مشروع وما هو غير مشروع وما هو صادق وما هو غير صادق وما هو تحت الركب وما هو فوق الركب و ما هو في الأنكل وبين الساقين أيضاً.. ماذا قال حفيد “المهدي” عن الفريق “محمد حمدان دقلو” نائب رئيس المجلس العسكري وقائد قوات الدعم السريع؟.. قال “المهدي”: (لو أراد “حميدتي” أن يصبح رئيساً عليه أن ينشئ حزباً سياسياً ثم يدخل به الانتخابات القادمة . . ).. هذا ما قاله الإمام “الصادق”..!!.. ماذا يعني هذا؟.. هل لدى الرجل شك يتجاوز به إلى يقين آخر في ما يتصل بحديث الفريق (حميدتي) الذي ظل يكرره كثيراً بأنه وقيادات المجلس العسكري لا يريدون السُلطة، وبالتالي لا يريدون أن يتحملوا مزيداً من تبعاتها عقب انتهاء الفترة الانتقالية؟.. قد يبدو هذا السؤال ساذجاً ولكن تصريح “المهدي” يبدو في شكله أكثر سذاجة بما لا يتفق مع بعض ما تميز به الإمام من حكمة سياسية تراكمية لفترة طويلة، مُذ أن وجد نفسه رئيساً للوزراء في أول تجربة وظيفية له..!! .. المثير في الأمر هو أنه لو كان ما دفع “المهدي” لإسداء هذه النصيحة (التوجيهية) للفريق (حميدتي) خوفه من أن تكون للرجل بالفعل طموحات تطيح بآخر فرصة للأمام الحفيد في أن يعود للسُلطة المنتخبة القادمة كرئيس للوزراء في خاتمة سعيدة لمشواره السياسي الطويل.. أن كان الأمر كذلك فإن نصيحة “المهدي” هذه لرجل ميداني مثل (حميدتي) لن تعني له سوى أمر واحد وهو: (أن لا سبيل لك مطلقاً لأن تصبح رئيساً عبر نظام انتخابي برلماني في وجود أحزاب كبيرة مثل حزب الأمة كمثال..!! ..).. إذاً ما هو السبيل الآخر الذي سيكون البديل لاستيعاب وتحقيق طموحات (حميدتي) في الوصول لموقع الرجل الأول في الدولة إذا كان بالفعل يطمع في ذلك؟.. لماذا لا يجيبنا الإمام بحكمته التراكمية التي دعته خلال الفترة الماضية لتوزيع نصائحه بكل كرم على الجميع؟.. ما أريد قوله هنا أن الحكمة قد جانبت الإمام “الصادق المهدي” في هذا التصريح الذي فتح الآن الباب واسعاً للحديث حوله بمثل ما يمكن أن يكون قد فتح للفريق (حميدتي) وآخرين باباً آخراً على مصراعيه بعد أن كان موارباً وقابلاً ربما للإغلاق وأيضاً بمثل ما يمكن أن يكون قد جعل بعض الهمس جهراً مباحاً لآذان تسمع وعقول تعي وتدرك..