الديوان

الفنانة “نعمات حماد”.. أول ممثلة سودانية تظهر عبر شاشة التلفزيون

رائدات من الزمن الجميل

تُعد الممثلة القديرة “نعمات حماد”، صاحبة تجربة متميزة وخبرات متفردة فهي رائدة في مجال عمل المرأة في الإذاعة والتلفزيون والمسرح والسينما في السودان والعالم العربي، وهي أول امرأة تقتحم مجالاً كان حصرياً على الرجل، فكانت أول امرأة سودانية تظهر على شاشة تلفزيون السودان في عمل درامي على الهواء مباشرة، وكان لها صولات وجولات ونجاحات في آسيا وأفريقيا وأمريكا وهي مؤسسة إذاعة الجاليات العربية والإسلامية في انجلترا.
«1»
كان ميلادها على ضفاف النيل الأبيض في مدينة كوستي، وكان والدها الشيخ “حماد أحمد الفادني” المشهور بلقب «سدرين» رجلاً ميسور الحال وصاحب كرم ومروءة وشهامة، وسمى ابنته “رابعة العدوية” ولكن والدتها “فاطمة بنت الفقير الناير بن الشيخ عيد أبوقرون” أطلقت عليها اسم “نعمة” تيمناً بالشيخة “نعمة بت الشيخ البشير ود مضوي”.
نشأت “نعمات” تحلم بأن تكون من المناضلات والمبدعات فواصلت تعليمها بإصرار ومعاناة وتحدٍ وانضمت للحركة النسوية الناشطة، وعملت في مجال الصحافة في مجلة (الصباح الجديد) ثم مجلة (هنا أم درمان والناس)، ورغم صغر سنها حاورت وقتها السفير الأمريكي بالخرطوم، بحضور وزير الخارجية “أحمد خير” المحامي، وسجلت إنجازات للمرأة الإعلامية رغم أن المجتمع وقتها كان لا يسمح للمرأة حتى بالأكل أمام الرجال، وانتزعت لحواء السودان كثيراً من الحقوق.
«2»
تزوجت في العام 1967 من الفنان “الطيب عبد الله” وعاشت زواجاً سعيداً وأنجبت منه “طارق” الطبيب ببريطانيا وعازف العود الماهر، وأنجبت “الهام” المتخصصة في مجال البكتيريا ببريطانيا والناقدة السينمائية ولأسباب خاصة وعامة لم يستمر الزواج.
دخلت “نعمات حماد” الإذاعة السودانية ووجدت قبلها من النساء “نفيسة محمد محمود ومنيرة عبد الماجد وفوزية يوسف صالح وفاطمة عبد المحمود وبخيتة أمين وصفية الأمين” وشاركت في معظم التمثيليات الإذاعية وبرنامج التعاون في خدمة الشعب ومسرح المجتمع الذي يعده ويقدمه “كمال محمود” المحامي، وعبره ظهرت عبر الميكرفون وقدمت تمثيليات لـ”حسن عبد المجيد وجعفر عبد المجيد” في «الضمير الحي»، ورائعة “حمدنا الله عبد القادر” «كشك ناصية» التي تقاسمت بطولتها مع “مكي سنادة”، وهي أول مسرحية يخرجها الأستاذ “معتصم فضل” في السبعينيات.
«3»
عملت مع “الفاضل سعيد” في مسرح المولد بالخرطوم وعملت مع “عثمان حميدة تور الجر” وطافت مدن السودان وسافرت إلى هامبورغ الألمانية وشاركت مع الفنان الأمريكي دكتور “دينس”، وشاركت في المواسم المسرحية مع “الفكي عبد الرحمن” عبر مسرحيات (الزوبعة وحصان البياحة وتاجوج والشماشة، وسقوط بارليف وبامسيكا وأبو فانوس)، وكتبت وأخرجت لعنة المحلق والمفر والحصاد وزيارة لفريق تحت وعروس حسب الظروف وقدمت مسرحاً في مناطق مفتوحة دون عائد تجاري، وقدمت في أم درمان مسرحية السبت أخدر وحب على الطريقة السودانية، ومثلت بميدان أبو جنزير وقدمت مسرحية ولحبها للقراءة تخرجت في معهد الموسيقى والمسرح.
«4»
نالت لقب أول امرأة تسمع كلمة آكشن في التلفزيون في بداياته الأولى ومثلت في برنامج (أسرة الشيخ حمد) مع “حسن عبد المجيد وأحمد عاطف وعوض صديق والسر قدور”، وشاركت في مسابقات رمضان على الهواء مباشرة وقدمت تمثيلية الرقابة وقدمت مع “مكي سنادة” تمثيلية اصبع القرد وهي من الأدب العالمي، وقدمت للسينما فيلم (عرس الزين) من خلال شخصيتي (سعدية وأم نعمة) وقدمت أغنية مصورة مع الفنان “عثمان حسين” هي أغنية أوعديني.
«5»
هاجرت منذ العام 1977 وحتى العام 2004 إلى بريطانيا وحققت نجاحات لحواء السودانية عالمياً وعملت في مسرح «السوبرمان» ونالت دراسات على يد المستر “أكوارس” الذي قدم الكاتب النيجيري “شوينكا” لنيل جائزة نوبل كأول أسود أفريقي، وكتبت في انجلترا نصاً باللغة الانجليزية بعنوان «الزرافة الراقصة» وقامت بإخراجه وقدمته في مدينة كازدف، وارتدى عدد من الممثلين الانجليز ملابس سودانية وكتبت الصحف البريطانية وقتها لقد «أخضعت نعمات حماد المسرح لمعاني الحُرية والديمقراطية».
عملت “نعمات” سكرتيراً ثقافياً للجالية السودانية في لندن، وشاركت في مسابقة حول قضايا المرأة الصحية عبر فيلم «الختان دائرة الألم» وفاز على (30) محلية في لندن، ونالت تكريماً على يد وزيرة الرعاية الاجتماعية في حكومة “تاتشر”، وكانت حزينة لأنها بعيدة عن السودان وعملت مع فنانين عالميين في برنامج ديزمون الدرامي على القناة الرابعة في بريطانيا، ثم محررة في القسم العربي في BBC وأجرت لقاءات مهمة أشهرها مع السير “دوقلاس باركر” الرجل الذي حمل وثيقة استقلال السودان من ملكة بريطانيا وحاورت وزيرة التعاون الدولي “كلير شورتس”.
«6»
رشحتها بريطانيا للاشتراك مع وفد انجليزي في مهرجان السينما الأمريكية بالمكسيك، وصادفت مشاركتها ضربة مصنع الشفاء للأدوية وتفاجأ الوفد الانجليزي والوفود الأوروبية والعالمية خلال الحفل بسيدة ترتدي الثوب السوداني ضمن الوفد البريطاني، ووقتها قامت “نعمات حماد” وخاطبت الحفل وقالت لهم إن السودان ليس بلد إرهاب وإن أمريكا ضربت مصنع الشفاء الذي يقدم الدواء للمرضى، وصفق لها نجوم السينما العالمية وتحول المهرجان ليوم لنصرة السودان ضد العدوان، ووقوف الفن ضد السياسة الأمريكية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية