. الذين يصرون على بقاء التقويم الدراسي للمدارس السودانية على وضعه الحالي والموروث من سنوات طويلة يقفون بالتأكيد أمام اجتهادات الآخرين، كما ويمارسون وكما تقول المفردة السياسية الآن (إقصاءً) متعمداً ضد الأفكار التي تحاول إعادة تقييم هذا التقويم السنوي ومن ثم تعديله إذا ما اقتضى الأمر لتحقيق غايات وأهداف موضوعية .. وليس التمسك بـ(شرعية) القديم الموروث أمر محمود ومقبول في كل الأحوال، فكم من الجديد في الأفكار نجح نجاحاً باهراً وبالتالي نسخ وبما أتى به من جديد ما كان قبله من وضعية أثبتت التجربة عدم جدواها بل ومضارها أيضاً .. وإن أبقانا البعض في بعض المحطات القديمة بحجة أصالتها وارتكازها على مفاهيم راسخة أوجدها واجتهد فيها الكبار من السابقين فإنما يمارس فينا أمثال هؤلاء (دروشة) وعملاً (إرهابياً فكرياً) وإلا كيف يهب هؤلاء المتسلطين الإقصائيين أمام كل صوت شجاع وكل عقل مجتهد لا لشئ موضوعي في دائرة الصواب، ولكن فقط ليبقوا على ما ألفوه وما عاشوه تاريخاً شكل لبعضهم مساحة غالبة في وجدانهم .. أقول هذا عطفاً على ما نراه سنوياً من معاناة بالغة لطلابنا وتلاميذنا مع عام دراسي غير مناسب من ناحية التقويم والتوزيع الزمني إذ يقع جله في فترتين عصيبتين تضع فلذات أكبادنا في مواجهة موسمي الخريف وجزء كبير من الصيف، بينما من الأوفق ولتجاوز هذه الوضعية أن يتم تجنب هاتين الفترتين عن طريق تعديل التقويم الدراسي الحالي ليبدأ العام مع نهاية موسم الخريف في الأول من سبتمبر وينتهي في الثلاثين من أبريل أي قبل بداية موسم الصيف .. وفي الأول من سبتمبر كبداية مقترحة للعام الدراسي يكون موسم الخريف قد مضى وهو الموسم الذي أصبحت تصاحبه صعوبات بالغة في الحركة تعيق العام الدراسي خاصة في الولايات والمناطق الطرفية من العاصمة القومية الخرطوم، بجانب تعرض فصول المدارس الحكومية والخاصة (وعلى ما فيها من نقص وعدم مطابقة للمعايير المطلوبة) للغرق والهدم لفصول الدراسة والمكاتب الإدارية مما يدخل الجميع وفي كل عام في حرج بالغ نسبة لاضطرار التلاميذ والطلاب للجلوس في العراء ولفترة طويلة قد تصل إلى ربع الفترة الزمنية للعام الدراسي وفي بعض الحالات لنصفها وربما للعام كله في بعض المناطق خاصة تلك المتاخمة لمجاري السيول وفيضانات الأنهار .. هذه الحالة من العناد لدى من يمسكون بملف التعليم ويتخندقون وراء التقويم القديم (البليد) للعام الدراسي هو الذي يجعلنا دوماً في حالة من القلق على مستقبل هذه البلاد التي تتحكم فيها بعض العقول التي تدعي امتلاكها لسنوات خبرة طويلة قد تصل لأربعين عاماً دون أن تدري أن تلك السنوات الأربعين ما هي إلا عام واحد فقط كرره هؤلاء (النبغاء) أربعون عاماً مثلما ظللنا جميعاً نكرر أنفسنا لأكثر من أربعة وستين عاماً هي سنوات استقلالنا المجيد الذي ما خطونا بعده خطوة واحدة ذات معنى تغيرنا كبشر وتدفعنا نحو التقدم والتطور الذي يرضينا كبلد ووطن صاحب ريادة وتاريخ تليد وعظيم بإنسانه وأرضه.. أيها (النبغاء) دعوا الأفكار تنمو..