بعيداً عن الدواعي الأمنية التي ظل يرددها المجلس العسكري ضمن أسباب تنصله أو فضه للاتفاق مع قوى إعلان الحرية والتغيير بشأن نسب الحكومة والسلطة، فإن تذرّعه بوجود وظهور قوى شبابية وسياسية في الساحة الآن لا يعتقد بأنها ستقبل بالاتفاق القديم غير الموقع عليه بحيث يضفي عليه صفة الشرعية وأنها لن (تسكت)، يتعارض ويتقاطع مع تصريحات ذات الجهات المعنية.
ذلك لأن قوى الحرية والتغيير وعلى لسان القيادي رئيس حزب المؤتمر السوداني “الدقير” مثلاً وقوله لوكالة الأنباء الألمانية إنهم كانوا قد اتفقوا مع المجلس العسكري أن تشكل (قحت) الحكومة الانتقالية واقترحوا أن تشغل نسبة (67%) من المجلس التشريعي الانتقالي والباقي للقوى السياسية الأخرى. والمعروف أن هذا المقترح قد رفض أو انقسم المجلس حوله، وآخرون منهم يرون أن يكون مناصفة (50%) لهم والأخرى لبقية القوى.
وأكد “الدقير” رفضهم لهذا المقترح خشية أن تذهب الـ(50%) لموالين له. وفي الوقت الذي شدّد فيه على إقصاء تيار الإسلاميين (حزب المؤتمر الوطني) وأي أحزاب أو قوى أخرى شاركت معه حتى سقوط النظام في الحادي عشر من أبريل، وأن لا مكان لها في السلطة الانتقالية كان لهذه القوى رأي متصلب لا يقل عن تصلبهم، ما يدفع لتأزم الموقف على كافة الأصعدة.
وأعني قوى (التنسيقية الوطنية) حيث أنه وفي مؤتمر صحفي له أمس الأول أكد أحد قيادييه الذي شغل وزير العمل والإصلاح الإداري في آخر حكومة للنظام السابق رفضهم المبادرة الإثيوبية ووصفها بالإقصائية، بل ذهب أبعد من ذلك بأنهم سيقاومون أي حل خارجي لا يشمل كل الأطراف السودانية ويلغون الاتفاق بأي من السبل حال قبل المجلس العسكري بالمقترح، ثم شرع “أبو قردة” بطرح رؤيتهم لتكوين الحكومة الانتقالية وتوزيع النسب، ومن عجب أن اقتسم لتكوينهم نفس نسبة قوى الحرية والتغيير للمجلس السيادي، وكذا تمثيل البرلمان.
كنت أظن أن هذه القوى والأجسام التي تشكلت مؤخراً تهدف من ذلك تنظيم نفسها استعداداً لخوض الانتخابات القادمة وليس المشاركة الفورية في الحكومة الانتقالية القادمة، واللحاق بأخذ حصة من كيكة السلطة، ولم يقتصر طموحهم على المشاركة في الحكومة، بل طمعوا وتطلعوا لنسبة في السلطة نفسها بالتساوي مع (قحت) التي اقترحت أن تكون السيادة مدنية خالصة ونسبة أكبر من النصف في الحكومة لتجد نفسها بعد تعنت تتقاسم النسبة الكلية مع عدد من القوى.
وإن كان المجلس العسكري الانتقالي يرمي لإفساح المجال لبقية القوى التي (منعت بخشم الباب فتلّبت بالشباك) بمن فيهم الذين شاركوا في الحكومة السابقة. إذن فلتتريّث قليلاً ربما هنالك تكوينات قادمة في الطريق وربما يكون بينها الوطني متزيئاً بلباس آخر، فقد وضح أن ليس في الأمر عجب. أما ما يلي القوى التي وزعت لها النسب حسب طرح “أبو قردة” فأين قوى (نهضة السودان) التي يقف على رأسها دكتور “التيجاني السيسي” و”موسى محمد أحمد” من هذا المولد؟ أليسوا بكيان لا يقل عن التنسيقية من حيث الثقل والتكوين والأهداف؟.