شهادتي لله

المجلس العسكري .. لا يغرنك الهدوء النسبي

ظللنا نهاجم قوى الحرية والتغيير بقوة ومبدئية راسخة ، طيلة الأشهر الماضية ، ليس لضربها وطردها من الساحة السياسية ، فإذا كان بعضهم إقصائيين وتصفويين ومنتقمين ، فإننا ديمقراطيون وعقلانيون .. مؤمنون بأن السودان الكبير يسع الجميع في دولة الحرية والعدالة.
ولهذا ، بعد أن ساهمنا بكثافة في إعادة التوازن للشارع السياسي ، وانتهت موجة الاستئساد التي ركبها كل مدّعٍ ومزايد باسم الثورة ، حتى الذين انضموا لركبها ما بعد (11) أبريل تاريخ البيان الأول للقوات المسلحة الذي تلاه الفريق أول “عوض ابن عوف” وأعلن فيه انحياز الجيش للشعب ، فإننا نؤكد على أهمية وجود قوى الحرية في مؤسسات الحكم الانتقالي .
الآن .. عاد التوازن للساحة السياسية ، ولم يعد هناك من مبرر ومنطق يدفع المجلس العسكري لتجاهل قوى إعلان الحرية والتغيير ، باعتبار أن الوضع الأمني مستقر ، وأن السلطة قد دانت للمجلس بالكامل ، وأنه قد تحرر من الكثير من الضغوط بما فيها ضغط الاعتصام الذي تم فضه بالقوة المفرطة في 29 رمضان الموافق الثالث من يونيو.
على المجلس العسكري ألا يغرنه هذا الهدوء النسبي ، نحن أهل سياسة ونفهم ما يمكن أن يحدث في حالة تجاهل كل هذه القوى السياسية المنضوية تحت لواء الحرية والتغيير ، ونزعم بأننا نجيد قراءة الشارع باحترافية تدربنا عليها لنحو ربع قرن من العمل الصحفي المقترن بالعمل السياسي ، وقد نبهنا الرئيس السابق “عمر البشير” إلى إمكانية اندلاع ثورة الجياع في أي لحظة من العام 2018 ، ثم دعوناه في يناير من هذا العام ، عبر هذه المساحة ، إلى تشكيل حكومة قومية انتقالية رئيسها من خارج عضوية المؤتمر الوطني ، ففاجأنا وباغتنا وأحبطنا بحكومة رئيسها “محمد طاهر أيلا” وأعضائها من قيادات الصف الثاني في المؤتمر الوطني مع أسماء ضعيفة وباهتة من الأحزاب الحليفة ، فكان لا بد من تزايد الضغط الشعبي ونجاح الثورة بانحياز الجيش لها.
واليوم .. ندق جرس الإنذار للمجلس العسكري الذي ساندناه وقاتلنا أمامه ، دون طلب من جهة ، ودون تنسيق مع حزب أو جماعة ، هكذا كنا نرى مصلحة الوطن العليا ، في دعم المجلس العسكري ليتحقق الاستقرار والتوازن السياسي ، وقد تحقق إلى حد ما.
ولأننا سياسيون وعقلاء ، فإننا نحذر المجلس العسكري من تجاهل قوى الحرية والتغيير ، و ألا تغره حالة الهدوء النسبي التي تنتظم شوارع الخرطوم هذه الأيام.
لا بد من مشاركة قوى الحرية والتغيير في مؤسسات الحكم الانتقالي ، ولا مجال لتجاوزها .
لا ترتكبوا نفس الخطأ الفادح الذي ارتكبته قوى الحرية عندما طغت وتجبرت وأخذت ترفض كل مقترح دون الحصول على غالبية كل مجالس الحكم الانتقالية.
نحن مع التوازن السياسي ، وضد إقصاء الحرية والتغيير ، ونكرر أن الحشود القبلية والجهوية ليست بديلاً لقوى الثورة ، بأي صورة من الصور.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية