المدير العام لمستشفى العيون التعليمي بالخرطوم لـ(المجهر)
الحمد لله لم نفقد أرواحاً ولكن هناك إصابات بالغة متفاوتة بين العاملين
تم تفليس أقفال المستشفى بإطلاق النار، وما حدث ليس سرقة عادية بل تدمير وتخريب وانتقام ونأمل أن تصل الجهات العدلية للحقائق
فقدنا من المعدات والأجهزة الطبية باهظة الثمن والأدوية ومراتب وأسرَّة المرضى وإتلاف المواد الغذائية وبعثرتها على الأرض
الخسائر تفوق الملايين ولا يزال حصرها مستمراً بالتعاون مع وزارة المالية، وهناك جهاز واحد سعره يتجاوز الـ(80) ألف يورو
حوار: انتصار فضل الله
قال المدير العام لمستشفى العيون التعليمي بالخرطوم، دكتور “إيهاب محمد الفاتح” استشاري طب وجراحة العيون والجلكوما، إن الهجوم الذي شن على المستشفى قبالة شارع النيل في الاتجاه الغربي من وزارة الصحة الاتحادية، تم بواسطة قوات نظامية دمرت وخربت معدات وأثاثات المستشفى بصورة وحشية وتسببت في خسائر بالغة، واعتدت بالضرب على العاملين، ودعا في حوار لـ(المجهر) الجهات العدلية التوصل للحقائق بسرعة وإنزال أقصى العقوبات على الجناة.
* نريد حديثاً مفصلاً عن حجم الأضرار التي لحقت بالمستشفى ؟
ـ صراحة الأضرار كبيرة وغير متوقعة وتفاجأنا بالطريقة الوحشية التي تم بها الهجوم، فبعد الحصر اتضح سرقة وإتلاف كل ممتلكات المستشفى حيث سُرقت أربع خزائن بما فيها، الخزنة الكبيرة وهي تحتوي على المرتبات وأمانات لأشخاص وحوافز العاملين وشيكات، بجانب سرقة جهاز الـ(أو سي تي) لكشف الجلكوما الشبكية وجهاز ميدان النظر، وجهاز الليزر الكبير وبعض الأجهزة الصغيرة الخاصة بالموجات الصوتية التي أصابها تلف بالغ وبحاجة إلى اسبيرات، علماً أنها أجهزة دقيقة وغالية الثمن، فسعر جهاز الليزر وحده ثلاثة ملايين جنيه وتكلف صيانته (700) ألف جنيه، وفقدنا كافة المراوح والثلاجات وموزع المياه (البارد ـ ساخن) وكاميرات المراقبة ودمرت الشاشات بآلات حادة، وشملت السرقات حتى (أسرة وفراش “مراتب”) المرضى في العنابر واستراحة الأطباء والطبيبات، وفقدت من داخل مكتبي أجهزة كمبيوتر ومراوح السقف والأختام والطابعات، وحاول الجناة قلع المكيف لكنهم عجزوا، وعموماً سرقت أجهزة تصوير مستندات وأخذوا من بعض أجهزة الكمبيوتر الأخرى (الرام والهارديسك والشاشا) فقط، هذا بخلاف سرقة مناظير قاع العين وعدسات تشخيصية غالية سعر الواحدة (500) دولار، وحوالي (200) مصل التهاب الكبد الوبائي أحضرناها لتحصين العاملين، وسرقة أدوية تخدير، وتم كسر كافتيريا العاملين وسرقة كل ممتلكاتهم، وكذلك مطبخ تغذية المرضى والعاملين، حيث فصلوا الكهرباء عن الثلاجات وبها كمية من اللحوم كلها تلفت وشتتوا العدس والأرز والفول وفتحوا جرادل الجبن حتى فسدت ودخلوا استراحات الأطباء مزقوا الكتب والمستهلكات الشخصية من ملابس وغيرها، ودمر مكتب خاص بأحد اختصاصي العيون كان يوفر المعدات الجراحية والكتب العلمية والعدسات التي تزرع في العين، وأقول ما حدث ليست سرقة عادية وإنما تخريب وانتقام وعلى الجهات العدلية الوصول للحقائق بسرعة ومحاسبة الجناة.
*هل تم فتح أقفال الأبواب والخزن بآلات حادة ؟
ـ أبداً .. فقد فتحت بطلق نارية بالكلاش، وأشير إلى تأثر المستندات المالية ومستندات العاملين بالمستشفى للتلف.
*هل كان بالمستشفى عاملين أثناء العملية؟
ـ طبعاً وقد تعرضوا جميعهم للضرب والأذى وأخذت أموالهم وموبايلاتهم، والحمد لله لم نفقد أرواحاً ولكن هناك إصابات بالغة متفاوتة بين كسر في الأيادي وشق في الرأس والأرجل.
*لاحظت وجود حطام أكشاك خارج سور المستشفى هل شملها الاعتداء ؟
ـ نعم فقد لحق الخراب هذه “الأكشاك ” التي كسرت وسرقت وتعرض أصحابها فمثلاً الكشك بجوار مكتبي يملكه شخص أمين، يرسل عبره أغلب المواطنين بالولايات قروش للأهل والأبناء ويحتفظ بأمانات كثيرة، بجانب أمواله الخاصة وصلت خسارته (860) ألف جنيه، والبقية تضاعف عملهم عشرة أضعاف منذ ستة أبريل أيضاً فقدوا مبالغ ضخمة كانوا يحتفظون بها داخل الأكشاك تراوحت بين الـ(80 ـ 100) ألف جنيه.
*هل اتهمتم جهة معينة ؟
ـ لا نتهم أحداً ولكن العمال الذين كانوا مداومين كنبطشية في ذلك اليوم الكئيب بالنسبة للشعب السوداني، قالوا إن قوات نظامية هاجمت المبنى بعد فض الاعتصام بساعة، والتحقيقات جارية لمعرفة الذين استباحوا المستشفى وانتشروا في كل الغرف والعيادات والعمليات والعنابر ومكاتب الحسابات وشؤون العاملين.
*كم حجم الخسائر في الأجهزة الطبية حتى الآن ؟
ـ تفوق الملايين، فهناك جهاز واحد تم تحطيمه سعره (80) ألف يورو، وما زالت عملية الحصر مستمرة بالتعاون مع وزارة المالية، وكل يوم يتم اكتشاف مفقودات جديدة.
*أكثر أنواع الأدوية التي سرقت ؟
ـ طبعاً سرقت كميات وأتلفت أخرى وأكثرها أدوية الجلكوما والفيتامينات المقوية للأعصاب والحديد، وكلها مرتفعة الأسعار في السودان تصل إلى ألف جنيه، بجانب القطرات والمضادات الحيوية وقطرات ما بعد العمليات، وتعرضت صيدلية الدواء الدائري لسرقة مبلغ (225) ألف جنيه وشيكات وبعض المستندات الخاصة بالحسابات.
*متى بدأتم العمل ؟
ـ الحمد لله تجاوزنا مرحلة الدمار وبدأ العمل بالطوارئ قبل أيام وقمنا بتجهيز العيادات وتكملة النواقص بها.
*إذن ما خطتكم لتغطية بقية الاحتياجات ؟
ـ بدأنا الاتصال بأفرع الشركات العالمية الموجودة بالسودان لمد المستشفى بأحدث أنواع الأجهزة، وسوف نبحث الاحتياجات التي يمكن أن تغطيها الوزارة وستكتمل البقية بمجهودات الإدارة واستقطاب الدعم من الخيرين ومنظمات وأفراد المجتمع، ونوعد بأن تكون المستشفى بحال أفضل من الأول واعتبر ما حدث فرصة للتطوير، ودعيني أشير إلى دور الكادر الطبي الذي قدم فوق طاقته للرجوع بشكل أفضل في هذا الزمن القياسي.
*وماذا عن الجانب التأميني للمستشفى لتفادي مثل هذه الحوادث ؟
ـ حالياً سنعمل على تعلية السور الخارجي وقمنا بزيادة عدد أفراد الحراسة الداخلية، وسوف نزيد كمية الكشافات المضيئة وكاميرات المراقبة لتغطية كل أركان المستشفى، ونرجو أن تكون المصيبة الحدثت في السودان حاجة عابرة.
*هل توقف تشخيص مرض الجلكوما جراء سرقة الجهاز الخاص به ؟
ـ لم يتوقف فالعملية تتم عبر الأدوات العادية، وحال احتجنا لفحص يتم إجراؤه في المستشفيات الأخرى سواء بالكاش أو ببطاقة التأمين الصحي.
*إذن ما نوع الخدمات التي تقدمها المستشفى للمرضى ؟
ـ تقدم خدمة متكاملة وكل الفحوصات تتم بالداخل وتعمل طوارئ أربع وعشرين ساعة على مدار العام بما فيها العطلات والأعياد.
*ما هي الجهة التي تحدد أسعار الخدمات الجراحية والطبية المقدمة من المستشفى ؟
ـ يحددها المجلس التشريعي ولاية الخرطوم بداية كل عام، وهذا ينعكس على ميزانية المستشفى بسبب تضاعف أسعار المستهلكات ثلاث مرات خلال العام، بالتالي تقل تكلفة سعر العمليات، وكلما أجرينا عمليات كثيرة ندخل في ديون أكثر مع الشركات الموردة للمستهلكات، وإلى أن نرفع الخطابات التي توضح عدم مواكبة الأسعار للعمليات للتأمين الصحي والمجلس التشريعي، تكون الأسعار قد زادت بشكل جنوني.
*ماذا عن حجم الميزانية المرصودة لكم ؟
ـ ليست لدينا أي ميزانية، فالمستشفى تدور نفسها بالخدمات المقدمة ومساهمات المرضى والعمليات المدفوعة القيمة ومساعدات التأمين الصحي، وللتغلب على مسألة الديون وتطوير المستشفى فكرنا في عمل جزء خاص اقتصادي بسعر علاج رمزي، نظراً أن نوعية الخدمة والأجهزة التي سوف نمتلكها لا تقل عن المستوصفات الخاصة، ومن هنا أدعو للاهتمام بالصحة والتعليم في العهد الجديد وتقليل الصرف الأمني الكثير الذي كان موجوداً سابقاً، ومعالجة الأولويات المغلوطة وتقليل التكلفة على المرضى.
*هل تجري المستشفى كل عمليات العيون وكم المتوسط في الأسبوع ؟
ـ عادة نستقبل من العيادات الخارجية حوالي (500) مريض ومن العيادات التخصصية مثل عيادات الجلكوما والشبكية والحول والقرنية بين (100 ـ 200) في اليوم، هذا غير العيادة المفتوحة العامة لطب وجراحة العيون، ويتم إجراء عشر عمليات صغيرة يومياً مثل إزالة أجسام غريبة أو خياطة قرنية وجفون والأورام وإزالة العين وتركيب عين تجميلية وغيرها، أما العملية الكبيرة مثل الموية البيضاء والسوداء بين (25 إلى 30) عملية في اليوم.
*ماذا عن تشغيل قسم الشبكية المتوقف منذ زمن ؟
ـ بدأنا إحياء هذا القسم الذي توقف لقلة جراحي الشبكية بالبلاد، وكنا قد أحضرنا أجهزة حديثة ومتطورة وطلبنا مستهلكاتها من الشركات والوكلاء، وبالفعل تم إحضارها قبل فترة، ولكن للأسف تعرضت الدواليب المخزنة فيها الأجهزة للكسر والسرقة، ولكن عموماً سوف نعيد الطلب، ولقد أبدى عدد من الجراحين بالمستشفيات المحلية التي لدينا معها اتفاقيات رغبتهم للمساهمة في تدريب طاقم المستشفى الذي يعتبر الأم.