حوارات

القيادي بـ(المؤتمر الوطني) بروف "إبراهيم غندور" في حوار مع (المجهر السياسي):

ملف القضايا العالقة بين السودان ودولة جنوب السودان مازال مفتوحاً وعالقاً رغم الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في سبتمبر من العام المنصرم، ومازالت الجولات (الماكوكية) لوفود التفاوض مستمرة لبحث سبل إنزال الاتفاق على أرض الواقع.
القمة الأخيرة كان ينتظر منها دفع الملف إلى الأمام، لكنها أبقت عليه في مكانه وعاد وفد السودان يحمل (التزاماً من دولة الجنوب بالالتزام بالاتفاق)، وتعهداً مكتوباً من “سلفاكير” بفك الارتباط مع الحركات المسلحة، وتأكيداً لالتزام السودان بأن يوضع ملف الحدود أمام (محكمة العدل الدولية) في حال لم تتوصل لجنة الخبراء الأفارقة إلى حل يُرضي الطرفين.
ما قيمة هذا التعهد المكتوب؟ وكيف تقرأ التزام السودان الذي قدمه بوضع الملف أمام (محكمة العدل الدولية) في حال فشل لجنة الخبراء؟ إلى أين وصل حوار الحكومة مع القوى السياسية؟ وما تأثير وثيقة الفجر الجديد على مجرياتها؟ وعلى قضية المشاركة في الدستور؟ حول هذه النقاط ونقاط غيرها دار هذا الحوار..
{ بروف.. القضايا العالقة بين السودان ودولة جنوب السودان مازالت عالقة.. كان ينتظر من القمة الأخيرة أن تدفع بالملف خطوة إلى الأمام.. لكن نتائجها كانت محبطة؟
– القمة كانت للنظر في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في السابق، معلوم أنه في 27 سبتمبر 2012م، تم توقيع اتفاقية حول القضايا الأمنية بما فيها ترتيبات الحدود والانسحاب من المناطق المتنازع عليها وإنشاء منطقة عازلة، فك الارتباط مع الفرقتين التاسعة والعاشرة من الجيش الشعبي، واللتان تديران التمرد في (النيل الأزرق) و(جنوب كردفان)، وعدم دعم الحركات المسلحة في دارفور، وبالتالي عدم التزام حكومة الجنوب بهذه الأشياء هو سبب إعادة الحوار حول هذه الملفات، والحمد لله تم الاتفاق على تنفيذ ما اتفق عليه بالسابق مع تأكيدات حكومة الجنوب بتنفيذ ذلك الاتفاق، وقد بدأت الخطوات الفعلية خاصة ما يتعلق بإنشاء النقاط الحدودية والمنطقة العازلة، وبالتالي يمكن أن نقول إن القمة ناجحة في أنها أكدت ما اتفق عليه في السابق، وأكدت الالتزام بتنفيذه، لكن يبقى النجاح الفعلي في إنفاذ ذلك الاتفاق.
{ لكن الذي كان ينتظره الناس من القمة هو بدء التطبيق؟
– التطبيق لن يكون بين يوم وليلة، التطبيق سيأخذ وقتاً، حتى في قضية النفط إذا تحدثنا عن تقديره فهذا سيأخذ وقتاً، وبدأت الخطوات في إنفاذ الاتفاقية الأمنية، وقد أعلن كلا الجيشين البدء في الانسحاب وإنشاء النقاط الحدودية خاصة الجيش الشعبي الذي كان موجوداً في مناطق هي مناطق سودانية.
{ الملفت في هذه القمة كان تقديم “سلفاكير” لتعهد مكتوب بفك الارتباط مع الحركات المسلحة السودانية.. ما قيمة هذا التعهد المكتوب.. الذي أظهرتم احتفاءً به؟
– هو ليس احتفاءً، لكن خطوة في الطريق الصحيح، ومعلوم أن هناك قيادات في (الحركة الشعبية) ظلت تنكر على الدوام وخاصة في الفترة الأخيرة أية صلة لها بما يجري في (النيل الأزرق) و(جنوب كردفان)، والتأكيد على فك الارتباط هو تأكيد على ارتباط وثيق بين الجيش الشعبي في الجنوب وحركات التمرد في (النيل الأزرق) و(كردفان)، وبالتالي هذا الالتزام الرئاسي وأمام الاتحاد الإفريقي ورئيس الوزراء الأثيوبي، هو تأكيد لما ظلت الحكومة السودانية تؤكده على الدوام حول هذه العلاقة، وهو أيضاً خطوة في الاتجاه الصحيح.
{ لكنها ليست خطوة جديدة.. التزام “سلفاكير” بفك الارتباط موجود في الاتفاقية.. وهو لم يلتزم به؟
– نعم تبقى الإرادة السياسية والنوايا والرغبة في علاقة إستراتيجية مع السودان هي المحك.
{ يبدو أن حكومة الجنوب تريد فقط التلاعب بالزمن؟
– ربما، لكن لا أعتقد أن التلاعب بالزمن يمكن أن يفيد الجنوب نتيجة علاقاته مع السودان، وهذا ما فعلته أيديهم افتقار جنوب السودان ومعاناته، وبالتالي إذا أرادوا أن يبنوا دولة بعدما نالوا الانفصال بالاستفتاء، فلابد من علاقات قوية وعلاقات تعاون مع كل الجيران وعلى رأسهم السودان.
المصالح المشتركة كثيرة وكبيرة، وبالتالي الأمر متروك لهم مع التأكيد على رغبة السودان الأكيدة في علاقة إستراتيجية وطيدة مع الجنوب.
{ من الأشياء التي اتفق عليها الطرفان تكوين لجنة من خبراء أفارقة تنظر في قضية الحدود ويكون قرارها غير ملزم.. وإذا لم يتفق الطرفان يذهب الأمر إلى (محكمة العدل الدولية)؟
– هذا الاتفاق كان ضمن اتفاق سبتمبر الماضي، الخبراء هم خبراء فنيون وقرارهم غير ملزم، يبقى الأمر للطرفين.
{ إذن الحكومة لا تمانع في وضع الأمر أمام (محكمة العدل الدولية)؟
– الحكومة لا ترغب في عرض الأمر على أية محكمة، لكن الحكومة تقول إن الاتفاق ممكن خاصة وأن أكثر من (80%) من الحدود متفق عليها من اللجنة التي كلفت عندما كان السودان والجنوب دولة واحدة، وهذه تحتاج فقط إلى الترسيم على الأرض.
{ لكن يا بروف عندما نقول إنه اتُفق على تكوين لجنة من الخبراء تنظر في المسألة وإن قرارها غير ملزم.. وفي حالة أن الطرفين لم يقبلا بقرارها نذهب بالمسألة إلى (محكمة العدل الدولية).. هذا معناه أن الحكومة موافقة على الذهاب إلى (محكمة العدل الدولية)؟
– خطوات الوصول إلى المحكمة خطوات طويلة جداً، السودان لا يمانع من الاحتكام إلى أية جهة عدلية عادلة، لكن الأولوية أن تظل في الإطار الثنائي وهذا الأمر ممكن إذا صدقت النوايا.
{ أسوأ الاحتمالات التي يمكن أن ترسو عليها الملفات في تقديرك؟
– عدم تنفيذ ما اتفق وما وقع عليه الرئيسان، وفي هذه المرة استبعد هذا بعض الشيء برغم وجود عراقيل كثيرة يحاول أن يضعها البعض أمام هذا الاتفاق، لكن أعتقد أن التحدي هو إذا بدأ التنفيذ أن يستمر، وإذا تم التنفيذ أن يثبت على الأرض، هذا هو التحدي الأكبر.
{ لكن عدم التنفيذ يهدد بتحويل الملف إلى مجلس الأمن؟
– أعتقد أن هناك محاولات كثيرة يقوم بها البعض من داخل وخارج القارة، لتحويل الملف إلى مجلس الأمن، لكن تحويله لن يفيد بل على العكس تماماً سيعقد القضايا، مجلس الأمن غير ملم بهذه التفاصيل التي ألم بها الاتحاد الإفريقي ولجنته عالية المستوى برئاسة الرئيس “ثامبو أمبيك”، الذين يعرفون هذا الملف بتعقيداته جيداً، ويعلمون أن تحويله إلى أية منظمة خارج القارة سيُعقد الأمر وسيزيد تعقيداً ولن يقود إلى الحل.
{ الحكومة قدمت تنازلاً جديداً إضافة إلى سلسلة التنازلات التي قدمتها.. وافقت على أن يكون الاستفتاء في أبيي في أكتوبر من العام الجاري؟
– الحكومة لم تعلن أي شيء حول هذا الأمر، هي تؤكد على الدوام بأنها ملتزمة بتنفيذ برتوكول أبيي، وبالتالي حتى الآن الحكومة لم توافق على ذلك، الحكومة أكدت التزامها بتطبيق بروتوكول أبيي بما فيه من يحق لهم التصويت وتكوين المفوضية.
{ إذن ملف أبيي لم يحدث فيه تقدم أو اختراق؟
– مازال يحتاج إلى جلسة من الرئيسين لإكمال الاتفاق حوله.
{ حواركم مع القوى السياسية حول المشاركة في الدستور وفي السلطة يبدو أنه وصل إلى طريق مسدود؟
– ليس هناك حواراً حول مشاركة السلطة، الحكومة الحالية حكومة تحالف عريض بين عدد كبير من الأحزاب (13) حزباً، وبالتالي حوارنا الآن حول الدستور، والأسبوع الماضي لجنة الدستور التقت بالسيد “الصادق المهدي”، واللقاءات مع القوى السياسية مستمرة بتكليف من اللجنة القومية للدستور وليس حواراً للمؤتمر الوطني.
المؤتمر الوطني يجري حواراً مع كل القوى السياسية حول القضايا الوطنية المختلفة، سواء أكان على مستوى رئيس الحزب أو نوابه أو القطاع السياسي أو الأمانة السياسية، الحوار لم يتوقف في يوم من الأيام، لكنه حول قضايا وطنية وليس حول المشاركة في الحكم.
{ لكن القوى السياسية ترفض دعوتكم للمشاركة في الدستور وتقول إنها (عزومة مراكبية)؟
– (المؤتمر الوطني) لم يتقدم إلى أية جهة بالدعوة للمشاركة في الدستور، الدعوة جاءت من رئيس الجمهورية، والمؤتمر الوطني تمت دعوته مثله مثل كل الأحزاب، والسيد الرئيس بصفته رئيس الجمهورية قدم هذه الدعوة، وأعتقد أنه كان من المناسب جداً ومن الكياسة ومن الذكاء السياسي، أن تلبي هذه الأحزاب الدعوة لأن الدستور دستور السودان ودستور الشعب السوداني، وعلى كل من له رأي يقوله، وفي النهاية هذا الدستور سيعرض على الشعب السوداني وهو صاحب الرأي.
{ في اللقاء الذي أشرت إليه مع “الصادق المهدي”؟
– وقبل أن أكمل السؤال قال مقاطعاً:
– هذا كان لقاء مع لجنة الدستور وليس مع المؤتمر الوطني.
{ القوى السياسية تقول إن أجهزتكم – أجهزة ولجان الدستور – هي أجهزة ديكتاتورية.. وقالت إن “الصادق المهدي” هو شاهدها على ذلك وأنه (شاهد ملك) لأنه دخل في هذه اللجان في بدايتها واكتشف أنها أجهزة ديكتاتورية.. لذلك خرج منها؟
– بلا تعليق.. لا تعليق.
{ “الصادق المهدي” ألم يقل لكم شيئاً كهذا من اللقاء الذي أشرت إليه؟
– أنا لم أكن حاضراً، كان من المفترض أن أكون موجوداً ضمن اللجنة، وهي ليست لجنة المؤتمر الوطني، لكني كنت غائباً خارج السودان.
{ دكتور حواركم مع القوى السياسية انتهى بتوقيع هذه القوى السياسية على وثيقة (الفجر الجديد).. هل نعتبر أن الحوار فشل وانتهى؟
– غالبية القوى السياسية وآخرها (الحزب الشيوعي) أكد اليوم أن الأستاذ “صديق يوسف” لا يمثله، أكد ذلك على لسان السكرتير العام وحزب الأمة أيضاً. و(المؤتمر الشعبي) وقطعاً (الاتحادي الديمقراطي) أكد أنه ليس مشاركاً، هذا يؤكد أن ما تم التوقيع عليه في (كمبالا) يخص الجبهة الثورية وحركات التمرد التي تحمل السلاح، وبعض الحاقدين الذين يريدون أن يصلوا للسلطة بأي ثمن، ما تم التوقيع عليه يمثل برنامج حاملي السلاح وحركات التمرد، ويمثل برنامج عنصري لا يهمه ما يؤول إليه حال السودان، ما يهمهم فقط هو أن يضعوا أيديهم على هذا الوطن، ثم يقسمونه كما يريد بعض الذين يدعمونهم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية