الديوان

حسابات إلكترونية ساهمت في الثورة السودانية

أبرزها (تجمع المهنيين).. (الحوش) و(منبر شات)

الخرطوم _ المجهر
مزجت الثورة السودانية بين العالمين الواقعي والافتراضي، إذ ناقش المواطنون القضايا السياسية والاجتماعية بشكلٍ مفتوح، فتحولت منصات التواصل الاجتماعي في السودان لأحد أهم عوامل نجاح احتجاجات 19 ديسمبر/كانون الأول، ولعبت مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي دوراً مهماً في عمليات الحشد والتعبئة على أرض الواقع، كما استُخدمت لفضح انتهاكات العناصر الأمنية، الأمر الذي أسهم في تراجع شعبية الحزب الحاكم وفاقم من السخط الشعبي بحق رموزه، بمن فيهم “عمر البشير”.
رصد موقع (العربي الجديد) أبرز الصفحات والمجموعات والحسابات الشخصية التي كانت واجهات مضيئة في الاحتجاجات، وساهمت في تشكيل رأي عام، والحشد للاحتجاجات الشعبية.

1. تجمع المهنيين السودانيين
إن كان تجمع المهنيين السودانيين قد قاد الاحتجاجات في البلاد طيلة (5) أشهر، فإن هذا النجاح يعود بالكامل إلى منصاته على مختلف منصات التواصل الاجتماعي وعلى رأسها (فيسبوك).
وتجمع المهنيين السودانيين هو كيان نقابي معارض، تحت مظلته عدد من الكيانات النقابية على رأسها (لجنة الأطباء المركزية)، و(شبكة الصحافيين السودانيين).

واستطاع التجمع عبر عملٍ دءوب، من تصعيد العمل المعارض بأشكالٍ متعددة وإبداعية تشمل تسيير المواكب، والتظاهرات الليلية والاعتصامات والإضرابات، مروراً بحملات ارتداء الأزياء القومية ورفع أعلام البلاد وإطلاق حملات النظافة، وصولاً إلى تتويج ذلك باعتصام القيادة العامة الذي أطاح بـ”البشير” بعد (30) سنة قضاها متحكماً في مصائر الشعب.
وينشط التجمع اليوم في الحفاظ على مكتسبات الثورة من خلال العمل الجماهيري، ونشر الوعي لتفويت الفرصة أمام الطامعين المحليين والإقليميين الساعين إلى سرقة الثورة.
واستخدم التجمع صفحة خاصة على (فيسبوك) حازت على إعجاب نحو (653915) ‏‏شخصاً، بالإضافة إلى صفحة على (تويتر) يتابعها أكثر من (178) ألف مغرّد، في هذه الصفحة بدأ التجمع في ديسمبر/ كانون الأول الماضي نشر أول دعوة له لموكب احتجاجي في الخرطوم في الخامس والعشرين من الشهر ذاته، وظل عبرها يعلن الدعوات تلو الأخرى للمواكب والإضرابات والتظاهرات، مقدّماً أيضاً تقارير عن أعداد القتلى والمصابين، كما ينشر فيها صوراً ومقاطع فيديو وبوسترات حول الأحداث. وتحظى الصفحة بمصداقية عالية من قبل الثوار الذين يعتبرون أنّ ما لا يرد فيها لا يمكن تصديقه.

ولا تزال الصفحة تواصل دورها في تحريك الأحداث وتوضيحها للسودانيين، خاصة ما يلي ما يدور خلف الكواليس المغلقة من تفاوض بين المجلس العسكري والقوى المعارضة.
2. حوش
(الحوش) تعني فناء المنزل الذي يكون عادةً مكاناً للقاء العائلات، وبهذا نهضت صفحة (حوش) لتقوم بنشر مبادئ الإعلام الحُر، عبر الإعلام الشعبي (صحافة المواطن)، مع التشديد على اهتمام المنصة بالديمقراطية والحقوق والسلام.
وكان أبرز ملمح للصفحة هو نقلها تظاهرات السودان مباشرة من قلب الحدث، علاوة على استخدام خاصية (اللايف) في إسماع صوت قادة العمل المعارض خارج البلاد، ولا تزال الصفحة نشطة.
3. (منبر شات)
بدأت صفحة (منبر شات) النسوية كمجموعةٍ لفحص تاريخ الرجال المُقدمين على الارتباط أو لإعطاء سيرة ذاتية متكاملة لحبيبٍ محتمل، وهو أمر أثار جدلاً كبيراً حولها، ولا يزال، لكنّ هذا الجدال تحول إبان الثورة إلى استحسان كبير، حيث أسهمت المجموعة في إعطاء تفاصيل كاملة لمشاركين ظهروا في صورٍ وفيديوهات أثناء قمعهم للتظاهرات.
ولمعرفة دور المجموعة في فضح الأمنيين أمام المجتمع، بات التلثم صفة ملازمة للمليشيات التي تقمع المتظاهرين مخافة وصول صورهم إلى (منبر شات)، وإمعاناً في الحرب على المجموعة خرجت قيادات في حزب “البشير” لتقول إن (منبر شات) يُسيء إلى أخلاق الأمة السودانية.
4. بُرّي أهل وأحباب
تعتبر ضاحية (بُرّي) شرقيّ العاصمة الخرطوم، أحد أهم معاقل الثورة الرئيسة في السودان وحاضنة اجتماعية رئيسة لها، وكما قدمت عدداً من الشهداء في (هبَّة سبتمبر) التي جرى إجهاضها عام 2013، واصلت بُرّي تاريخها النضالي، بتحولها إلى معقل للتظاهرات طيلة زمان الانتفاضة ضد “البشير”.

ورغم حالة القمع الشديد التي يجابه بها الأمنيون أهالي المنطقة العُزّل، وصلت إلى حد القتل والحصار والاستهداف الكثيف بالغاز المسيل للدموع علاوةً على الاعتقالات، فإن بُرّي لم تتخلف يوماً من الموعد، وظلّت حاضرةً كملاذ للثوار الذين يصلون إليها من جميع أنحاء الخرطوم.
وأدى القمع العسكري لأهالي المنطقة إلى تكوينهم خبرات ومعارف نضالية ساهمت بشكلٍ كبير في قدرتهم على التصدي لكافة أشكال الترهيب، كما أسهم تحوّل التظاهرات إلى طقس بالمنطقة إلى عامل في إثارة تحفيز لعدد كبير من الأحياء، للاحتذاء بصمود أهالي (بُرّي) الذين يطلق عليهم تحبباً (أسود البراري).

وعبر صفحة (بُرّي أهل وأحباب) تمَّ تجنب الكثير من الكمائن المنصوبة للشباب، كما تم التنسيق لكثير من المواكب والوقفات الاحتجاجية، تتويجاً بموكب البراري الذي وصل في يوم 6 أبريل/نيسان إلى قيادة الجيش الرئيسية رغم القمع الشديد، ليتحول لاحقاً مع بقية المواكب لنواة لـ(اعتصام القيادة العامة) الذي لا يزال معتصماَ إلى اليوم.
5. الصحافي “منعم سليمان”
تحول حساب الصحافي “منعم سليمان” في (فيسبوك) إلى مزار للسودانيين، بسبب نشره معلومات بشأن مخططات الأجهزة الأمنية لقمع التظاهرات إبان الثورة، وبدأت الثقة تزداد أكثر بالصفحة بعد حادث مقتل معلم سوداني اسمه “أحمد الخير” داخل معتقلات جهاز الأمن في مدينة خشم القربة (شرق السودان) نتيجة للتعذيب، فقد نشر “سليمان” التفاصيل الكاملة لما حدث ونشر أسماء المشتبه بتورطهم في الحادثة ودور كل واحد منهم وتفاصيل حياتهم.
واليوم، يتحول الحساب إلى “ويكيليكس” سوداني لأخبار وخفايا وكواليس السياسة السودانية، لا سيما في ما يلي المجلس العسكري، ويتابع الحساب أكثر من (177) ألف حساب في (فيسبوك)، كما تعتبر منشورات “منعم” الشهير بـ(بيجو) من ضمن الأكثر تداولاً في صفحات (السكرين شوت) (لقطات الشاشة).

6. الناشط “عثمان ذو النون”
لا يمكن الحديث عن حسابات صنعت الحدث خلال ثورة السودان، من دون المرور على صفحة الناشط “عثمان ذو النون”، لكن “ذا النون” محل انقسام كبير في البلاد، فهناك من يراه أحد رواد التغيير، ومن يعدّه جزءاً من النظام السابق، بينما تذهب فئة إلى أن الشاب مولع بالأضواء ليس إلا.
ومع بدايات الثورة، غادر “ذو النون” إلى ماليزيا، هرباً من ملاحقة الأجهزة الأمنية، على حد قوله، ثم عاد قبل أيام. واشتهر الشاب بنشر الفيديوهات المباشرة (لايف) التي يتابعها عشرات الآلاف من ضمن أكثر من (321) ألف متابع له.
7. (مونتي كاروو)
على غرار إذاعة (مونت كارلو الدولية)، أطلق الصحافي “ناصف صلاح الدين” صفحة إخبارية على (فيسبوك) باسم (مونتي كاروو).
كما أنّ (الكارو) هي العربة التي تجرها الأحصنة والحمير للتنقل وحمل الأمتعة والبضائع، فإن صفحة (مونتي كارو) حملت أخباراً غير ذات وزن ثقيل، وجرَّت الكثير من التساؤلات ضد رموز نظام “البشير” الذين قادوا البلاد إلى المجهول.
وكشفت الصفحة العديد من تجاوزات النظام السابق ورجالاته، وأظهرت التباينات في صفوف القوات النظامية في السودان (جيش، أمن، شرطة).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية