حقا فإن (كل إناء بما فيه ينضح) وقد انطبق ذلك فعلياً على الناشط “البوشي” الذي كان قاب قوسين أو أدنى من الشنق أو السجن لأعوام طويلة لولا عناية الله ثم بركة الثورة التي أتت بالانقلاب على الحكم السابق فنجا بأعجوبة. هذا “البوشي” الذي يوصف بالناشط والمناضل لا أعرف له نشاطاً إلا في العلاقات العاطفية الحميمة التي ومن سوء حظه يفتضح أمرها بين فينة وأخرى ولا أدري هل هو من يتعمد ذلك أم أن هنالك من يتربص به ويتصيد غرامياته، ومن ثم يبثها على أثير الأسافير.. ومن أسف فالمتضرر الأول هم ضحاياه من الجنس الآخر أما هو فقد أضحى تصرفه في حكم العادي من كثر تكراره. كل هذا يمكن أن نعده سلوكاً خاصاً وليس من حقنا محاكمته أو مجادلته حوله، لكن أن يتعدى بسلوكه هذا على الآخرين ويحوله لدعوة مبطنة يجر به العامة بدعوى الحرية فقد كفر الذي بهت.. كيف لك يا هذا دعوة الشباب الامتناع عن مساءلة شقيقاتهم أين كن وإلى أين سيذهبن؟. أ لأنك لم تتذوق نعمة الإخوة وأن لم يكتب الله لك شقيقة هي من لدن الرجال وشقائهم، ولأنك تعودت على استباحة عرض الفتيات دون أن يرف لك جفن في ذلك هداك تفكيرك العقيم المتيبس عند العاطفة والعلاقات المحرمة التي كرست لها حياتك، أ لكل ذلك وغيره اعتقدت أن الأمر بهذه البساطة؟. لاحظت أن هنالك من صفق لك بين الحضور بمسرح ساحة القيادة الذي اعتليته لتهترف بهذا الهراء رغم أن المقام مقام ثورة وهموم وطن لكن أبت نفسك المريضة بهوس البنات إلا أن تقحم ما فطرت عليه بما لا يتسق مع الموقف العام.
قلت إن هنالك من صفق له ولا أدري ما الذي أعجبهم في حديثه السمج فلم نستخلص عبارة واحدة مفيدة تليق بالموقف سوى تأكيده على دور الفتيات في هذه الثورة. وبالمقابل فإن الكثيرين استهجنوا حديثه هذا الذي يمس أعراض الأسر وكأنه يدعو بقوله للتحرر الكامل للفتيات، بعيداً عن إحكام وسيطرة الأسر. نعم فمثل هذا التصرف يحدث في الدول العظمى عندما يبلغ الأبناء سناً بعينها ولكن في الدول العربية وفي السودان تحديداً من المستحيل جعل الفتيات في حل عن ذويهم وأسرهم، وليس معنى ذلك مصادرة حريتهن البتة فالعلاقات بين الأسر وأبنائها وإن اختلفت، تمشي باتفاق وبوتيرة مألوفة وسُنّة متعارف عليها. ثم ماذا يضيرك أنت طالما أنك صائد جيد للفتيات دون الالتفات بما سيؤول إليه حالهن بسبب الانجراف نحوك. فعلاً ربما لو كانت لديك شقيقة، لعرفت معنى صون العرض وحمايته. ليتك تركز في مضمون الثورة والبلد في كف عفريت وتترك سفاسف الأمور.
(2)
ثمة دعوات لفاعلي الخير وغيرهم من المقتدرين، بل وتبرعات فعلية من أناس لنصب خيام مكيفة أمام القيادة العامة ما يشيء بإطالة أمد الإقامة أمام مقر القيادة العامة، ولو مشت الأمور على هذا النسق أي الاعتكاف أمام القيادة وتمهل وتسكع المجلس العسكري في حسم أمر تشكيل الحكومة، فقد يفضي الأمر إلى مزيد من الفوضى والربكة المرورية سيما عند ساعات الذروة في رمضان من جهة، ومن جهة أخرى -وهو الأهم- فقد يضع الجيش بذا نفسه في موضع حرج ومهين أمام أنظار العالم وكذا المراقبين من المواطنين السودانيين الذين عقدوا الآمال عليه في إخراجهم من هذا المأزق والوضع الذي استبشرنا به خيراً أول الأمر كونه قاد إلى التغيير بعد عناء وتأملنا في الخطوات القادمات والتداعيات، لكنها ومن أسف أصبحت شائهة وغامضة وعادت الأرواح لتبلغ الحناجر مجدداً.