تقارير

الإمارات تودع (250) مليون دولار في البنك المركزي

الجنيه يبدأ في استعادة عافيته وخبراء يطالبون بتدفقات نقدية تعزز الاحتياطي

الخرطوم ـ سيف جامع
فيما بدأ الاقتصاد السوداني يمضي في طريقه نحو إعادة التوازن والاستقرار عقب سقوط نظام حكم الرئيس السابق “عمر البشير” ، قدمت دول عربية دعماً سخياً للبلاد منذ انتصار ثورة الشعب السوداني المجيدة في إطار علاقتها مع السودان، الأمر الذي انعكس مباشرة على الاقتصاد وحياة المواطنين بتوفير السلع والخدمات، كما أن سعر صرف الدولار والعملات الأخرى حيث انخفض بنسبة كبيرة أمام الجنيه السوداني ، واستأنفت بعض الصرافات الآلية العمل بعد توقف استمر لأكثر من شهر بسبب شح السيولة لدى البنوك أما محطات الوقود فقد تراجعت الصفوف أمامها ، وسجلت أسعار السلع الاستهلاكية انخفاضاً ملحوظاً خاصة السكر والدقيق وزيت الطعام .
وإيفاءً بالتزامها وقعت دولة الإمارات ممثلة في صندوق أبوظبي للتنمية أمس (الأحد) اتفاقية مع بنك السودان المركزي يودع بموجبها (250) مليون دولار لدعم السياسة المالية وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي في السودان، وتأتي الوديعة جزءاً من حزمة مساعدات مشتركة أقرتها الإمارات والسعودية للسودان والبالغ قيمتها (3) مليارات دولار لدعم الاقتصاد وتلبية الاحتياجات الأساسية للشعب السوداني.
وتأتي الاتفاقية التي وقعت أمس، بتوجيهات من رئيس دولة الإمارات الشيخ “خليفة بن زايد آل نهيان”، وولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ “محمد بن زايد آل نهيان”.
ويقول مدير صندوق أبوظبي للتنمية “محمد سيف السويدي” ، إن العلاقات بين الإمارات والسودان تعتبر نموذجاً يحتذى به للعلاقات الأخوية بين الدول الشقيقة، مشيراً إلى أن صندوق أبوظبي للتنمية حريص على تعزيز تلك العلاقات ودعمها من خلال مواصلة مسيرة التنمية الشاملة في السودان والتي بدأها قبل أكثر من ثلاثة عقود.
ومنذ سقوط حكم الإنقاذ الذي شهد فيه السودان تردياً مريعاً في كافة المجالات لاسيما الاقتصادية، بدأت البلاد تتجه نحو التعافي، ويتوقع أن يحقق السودان طفرة كبيرة في جميع المجالات خلال السنوات القادمة خاصة حال تم رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وإعفاء ديونه التي تقدر بحوالي (50) مليار دولار ، ويتطلع السودانيون إلى بناء الدولة الجديدة من خلال استغلال مواردها الطبيعية المتمثلة في المعادن والأراضي الزراعية الخصبة والماشية التي تقدر بأكثر من (120) مليون رأس.
وكانت أكبر عقبة واجهت البلاد في الفترة الأخيرة شح موارد النقد الأجنبي وتراجع الصادرات وارتفاع فاتورة الواردات بالإضافة لعدم تقديم البنك وصندوق النقد الدوليين أي مساعدات للنظام السابق ، كل ذلك أدى إلى تأثير بالغ على الاقتصاد السودان وانهيار الجنيه السوداني .
ويتوقع أن يحقق السودان مكاسب كبيرة في الاقتصاد والتجارة وجذب الاستثمارات الخارجية، وقد بدأت مؤشرات الاقتصاد فعلاً في التحسن بسقوط “البشير” حيث انخفض سعر صرف العملات الأجنبية بمستوى قياسي في السوق الموازي ، حيث انخفض سعر الدولار مقابل الجنيه إلى (46) جنيهاً في الأسبوع الماضي قبل أن يعاود الارتفاع مرة أخرى بحسب متعاملين في السوق ،لكن مراقبين أكدوا أن الجنيه سيتمكن من استرداد جزء كبير من عافيته خلال الأيام القادمة بعد تشكيل الحكومة المتوقعة وأكبر تحدي يواجه المجلس العسكري الانتقالي كيفية خفض سعر الدولار والعملات الأجنبية أمام الجنيه، وكانت قد أعلنت السعودية والإمارات عن تقديم دعم للشعب السوداني بقيمة ثلاثة مليارات دولار ، منها (500) مليون دولار مقدمة من البلدين كوديعة في البنك المركزي السوداني وذلك لتقوية مركزه المالي، وتخفيف الضغوط على الجنيه السوداني، وتحقيق مزيد من الاستقرار في سعر الصرف، وفق ما أوردت وكالة (الأنباء السعودية).
وتوقع سماسرة العملات تحسن سعر صرف الجنيه بعد إعلان الوديعة ، وأشاروا إلى أنها رغم كونها لم تبلغ المليار دولار إلا أنها ستعزز من قيمة الجنيه الذي بدأ يتحسن منذ الأسبوع الماضي بسبب زوال حالة عدم اليقنية التي انتهت بسقوط النظام السابق.
ويؤكد متعاملون مع الأسواق الموازية أن أسعار صرف الجنيه السوداني تشهد تصاعداً كبيراً أمام سلة العملات الأجنبية، وأشاروا إلى أن هنالك إقبالاً كبيراً على التخلص من العملات لاسيما لأولئك الذين يملكون مبالغ صغيرة مما جعل حجم العرض أكبر من الطلب.
وأشار متعاملون إلى أن إيرادات التحويلات الخارجية للمغتربين بدأت في تزايد منذ سقوط “البشير”، مؤكدين أن الطلب تراجع كثيراً على الدولار في هذه الأيام وأن هنالك وفرة كبيرة في المعروض بسبب اتجاه السماسرة والمواطنين إلى التخلص مما بحوزتهم من الدولار تحسباً لانخفاض سعره في الأيام المقبلة خاصة بعد تشكيل الحكومة الانتقالية التي يستبشر المواطنون بها خيراً.
ويرى الخبير الاقتصادي “هيثم محمد فتحي” أن استخدام الوديعة يتطلب ضمان تدفقات نقدية خلال الفترة المقبلة تعزز أرصدة الاحتياطي الأجنبي مع التزام بنك السودان المركزي بالمحافظة على أرصدة الاحتياطي الأجنبي عند مستوى معين .
ونوه “هيثم فتحي” أن توظيف الوديعة السعودية الإماراتية بما يدعم سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية والاقتصاد السوداني للتخفيف من الأعباء التي عاشها المواطن والاقتصاد السوداني في الفترة السابقة ومساعدة الاقتصاد على إعادة ثقة المستثمرين وإنهاء عجز العملة الأجنبية ودعم سد العجز في الميزانية وإعادة التوازن إلى أسواق العملة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية