مصانع سيارات وصناديق إسكان وداخليات !
لا أدري ما الفائدة من وراء منح تصاديق وتسهيلات وإعفاءات لمصانع تجميع سيارات ، تستورد أجزاءً كاملةً من السيارة وتجمِّعها في الخرطوم ، ثم تبيعها للمواطن بأسعار أعلى من السيارات المستوردة ، بما في ذلك شركة (جياد) للسيارات و(أتوباش) وغيرهما ؟!
أفهم أن تشجع الدولة مصانع تركيب وتجميع السيارات ، ولكن في حالة دعم هذه الصناعات للاقتصاد الوطني بتمزيق فواتير استيراد الكثير من أنواع السيارات ، خاصة للقطاع الحكومي ، وتخفيض الطلب على النقد الأجنبي بتقليل استيراد السيارات ، وتقديم أسعار بالجنيه أقل بنحو (50%) من سعر ذات الطراز من السيارة المستوردة .
ولكن الحقيقة أن هذا لا يحدث في سوق السيارات المُجمَّعة محلياً ، فأسعارها عالية ، وتكلفة استيرادها مكلفة ، وبالتالي لا فرق بين المحلي والمستورد ، بل كله استنزاف لكميات النقد الأجنبي المحدودة في السوق الموازية .
ولو كنتُ مكان رئيس الوزراء السيد “محمد طاهر أيلا” لأوقفتُ – ولو مؤقتاً – استيراد أنواع عديدة من السيارات (فور ويل درايف .. مثلاً ) وجمدتُ امتيازات مصانع تجميع السيارات ، ولانتقلت بعده لقطاع المباني والإنشاءات ، فأوقفتُ كل مشروعات البناء التي ينفذها الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي ، وصندوقا الإسكان الاتحادي والولائي بالخرطوم ، وصندوق رعاية الطلاب ، فكلها أموال طائلة وهائلة ، واستهلاك للنقد بالجنيه السوداني والنقد الأجنبي ، وهي لا تمثل أولوية لحكومة المهام الحالية .
فليدرس طلاب الولايات في جامعات ولاياتهم وفيها كليات الطب والهندسة ، كما يحدث في مصر ، وأوربا وكل الدول المتقدمة ، فلا حاجة لبناء عشرات المدن الجامعية في الخرطوم والولايات بملايين الدولارات .
آلاف البيوت في المخططات والمجمعات السكنية في الخرطوم وأطرافها ، خالية من السكان ، مجمدة فيها مليارات الدولارات ، ولا عائد منها .
ضبط العمل في هذه القطاعات (الاستنزافية) أهم وأسرع مردوداً على الاقتصاد الوطني ، من إعفاء مدير راتبه مائة ألف أو مئتا ألف جنيه .
فليركز السيد رئيس الوزراء على العناوين الكبيرة ، ويترك العناوين الجانبية للمرحلة التالية.