كثيرة هي الأشياء والطقوس والعادات وغيرها من الممارسات التي تداولها الناس ردحاً من الزمان، من بينها الصور (الفوتوغرافية) التذكارية التي وثقت لحياة الناس حينها على امتداد مراحل عمرهم، وأصبحت كأرشيف يستدل به لتلمس تلك الفترات ، وبعد قراءتي لموضوع عن الصور (الفوتوغرافية) التذكارية ارتسمت ابتسامة واسعة على وجهي ، و مر بمخيلتي شريط طويل استدعته ذاكرتي (الخربة) اللهم إلا من رحم طفولتي (لا أدري السبب العلمي أو النفسي لتذكر الأشياء البعيدة مسافة عشرات السنين ومحو أحداث الأمس القريب) (غايتو أنا برجح أن للضغوط الاقتصادية يد في ذلك فهي أس كل البلاوي) . المهم في الموضوع قلت إنني تذكرت أيام الصبا وكيف كنا نجمع (القروش)في محصلة، وعندما يكتمل نصاب ما يعيننا على الصورة (نقشر) بأعزّ ما لدينا ، و(نتكشكش بهتش مما تسربلت به طبالي زمان) ثم نذهب مجموعات وأحياناً فرادى ، ونتصور في عدد من الأوضاع ، على أن أكثر ما كان يضحكنا هو عند مرورنا أيام الثانوي والجامعة أمام الأستوديوهات ، والتأمل في صور العباد من عرسان وغيرهم ممن خطر لهم يتصورون بمناسبة ودونها. وكانت على هيئة أن أحدهم من زمن (الخنفس) جلس وهو يلبس نظارة سوداء تغطي نصف وجهه يرتدي (بنطلون شارلستون) وقميص (كاروهات) ضاق به صدره، وجزمة من النوع الذي يشبه حذاء (بندق) (راجع مجلة ميكي جيب) ، كل هذا عادي بحكم تلك الفترة. لكن ما حير “شاويشي” على حد تعبير الكاتبة الأستاذة “منى سلمان” هو الجريدة التي فردها بين كفيه وهو يدعي قراءتها. على فكرة الصورة (مكبرة) وفي ناحية أخرى شاب بذات المواصفات الفائتة لكنه يحمل بدل الجريدة باقة ورد، والورود يا جماعة كانت سُنّة الصور في تلك الفترة .
على أن الأجمل من كل ذلك صور زواج أمهاتنا أو حتى تلك التي من غير زواج، وقد توجت رؤوسهن بالباروكة التي كانت سمة العصر، وقد تزيأن بفساتين أعلى من الركبة قليلاً وكمان (كط) يعني (من غير كُم) يبدو لي أنهن كن يجارين ممثلات جيلهن مثل “ميمي شكيب” و”أماني مراد” و”شادية” . ولكن ثمة ما كان يثير غرابتي وهو أن الأزواج منهن وبدل أن يشبكوا أياديهم يضع كل منهم يديه على ركبتيه (كل يد في ركبة) (ما عارفة سر الوضع ده شنو لأنهم كلهم كانوا كده).
الآن وبمرور الوقت وبعد تغول التكنولوجيا وتحكمها على مجريات حياتنا اندثرت أو قلت الصور (الفوتوغرافية) الورقية إلا من تلك التي تؤخذ للضرورة للمعاملات الرسمية ، وبضع منها للأطفال في سنيهم الأولى، وكذا العرسان، وفيما عدا ذلك أضحى نسخاً من مسخ على ذاكرة الهواتف الجوالة والأسطوانات وإفراغها أحياناً في جوف أجهزة الحاسوب، وفقدت قيمتها شأنها شأن الرسائل الورقية .