*معضلة الحكم في السودان..!!*
*التنافس على ورقة الحل بين دعاة الديمقراطية والعسكرية والإسلامية!!*
*تعاقبية المتنافسين لم ترسُ بمركب الوطن على الحل الجامع!!*
*العسكرية اتخذت عنوانها الأهم الأمن والتنمية!!*
*الديقراطية انتحرت بصراخ الفوضى السياسية وسلاح الإضراب وسقوط الهيبة!!*
*الإسلامية محاصرة بأشواك العلمانية وأبواق أعداء الإرادة الحرة والتآمر الملون بألف لون!!*
*أفضل توصيف لتعاقبية الحكم في السودان بين الديمقراطية والعسكرية،وصفه (بالتأريخ الدائري) الذي لا يستقر على حال ولا ينتج جديداً، بل يعيد إنتاج ما كان سابقاً، فالديمقراطية حينما تأتي على أنقاض العسكرية، تستهلك أكثر من نصف عمرها في (سلخ وتقطيع) تفاصيل الشمولية حتى لكأن كل فعل فيها يبدأ مطلعه بلعنات لها…وعندما تلتفت لحالها وأداء حكوماتها، تجد غباراً كثيفاً من الصراعات السياسية والإعلامية، وتهتك الأمن وأمراض السيادة.، فما يمضي كثير وقت حتى تسلم الروح للعسكر، وقد خلت صحائفها من أي أفعال رائدة أو حسنات في الأداء..فلا خبز أشبع جائعاً ولا حرية روت عطشان!!.
*العسكرية تبدأ بالجدية وبسط مرافعتها القوية ضد الديمقراطية ،متهمة إياها بالفساد والتسيب والمحسوبية….وعندما تهدأ عاصفة سلخ الديمقراطية ،تتحرك عجلات التنمية ،وتحدث بعض النجاحات ،لكن يغيب الرأي الآخر ويتدافع المفسدون و(المصلحجية) على أبوابها ورويداً رويداً ،يحتلون مفاصل العمل العام بالنفاق وادعاء الولاء السياسي..وعلى وقع هؤلاء تطرد الكفاءات عنوة أو تنأى بنفسها عن مناخ لا يتيح الإبداع الذاتي…ثم تدخل مراحل (تقديس) المسؤولين الكبار ويتضخم الفساد…
يبدأ التدحرج نحو السقوط مع انكماش وتيرة العمل العام وذهاب معظم الكفاءات وخلو الساحة للطفيليين والمنافقين، وهؤلاء هم من يدق أول مسمار في نعش العسكرية ،التي يكون مصرعها تحت هبة الثورة الشعبية!!
*جاءت دولة الإنقاذ بدبابة عسكرية تحمل توجها (إسلامياً) قصد منه الوصول لإجابات عن معضلة الحكم التي لم تستطع الحكومات الوطنية الرسوّ بها على شاطئ الحل (المقبول المستقر)…لكن دولة الإنقاذ هي الأخرى تواجه الكثير من التحديات والمطبات التي تفسر بوضوح (إشكاليات الحكم الآنية)…ولعل كتاب الإنقاذ من أول صفحة فيه إلى آخر صفحة، يعطي القراءات التحليلية المنطقية للكثير من هذه التحديات ومسبباتها….إذاً فإن الحل الإسلامي يحتاج للمزيد من الضمانات، ليس من أجل أن يبقى فقط، بل من أجل أن يكون سفح (جبل الجودي) الذي يستقر عليه الحل الوطني المطلوب بسلام وبركات عليه من الله جل وعلا!!.
*تقريباً هي ذات المشاهد التي تمثل العناوين العريضة. للمآلات المشتركة للحكومات العسكرية والديمقراطية، من صدر الاستقلال وانتهاء بحقبة الديمقراطية الثالثة مع بعض الاختلافات في المنهج والفعل لدى حكم الإنقاذ…لكن هل تمثل هذه العناوين البارزة كل (الحقائق الموضوعية) لفشل الأنظمة العسكرية والديمقراطية ورصيفها الإنقاذي ذي الطابع الإسلامي في الوصول للحل الناجع لمعضلة الحكم في السودان؟!…..من المؤكد ليست هي وحدها، بل هنالك عوامل أخرى خارجية ومثلها داخلية غير مرئية ولكنها تفرض سلطانها!!*
*لم تسجل ذاكرة الحكم في السودان، برنامجاً مدروساً أو خطة إستراتيجية ، سبقتا صعوده للحكم ،فالديمقراطيات،
أصلاً كانت تولد بلا (مفكرات خاصة) تحمل برامج واضحة ، بل أفكار في أذهان القيادات الأعلى تنحو كلها نحو تثبيت السلطة وإنجاز دورانها في فلك الحزبية الطائفية ، كحق تأريخي ،أما أن تكون هنالك أطروحات تنموية قابلة للتطبيق في الواقع العملي، فهذا لم يحدث وكان دوماً أقرب لحالة (العدم)، فلاشيء يعلو على السطح غير (طلاقة التعبير الحر والتنظير الأجوف والصراعات السياسية وانعقاد الإئتلافات وانفضاضها مع تفشي المحسوبية وسيطرة المصالح الخاصة!!
الحكومات العسكرية، في عهد “عبود” شهدت إنجازات تنموية لكنها وقعت في شراك (سطوة السلطة) التي تعاملت معها القوى المعارضة التقليدية، بوصفها ديكتاتورية لابد من إزالتها..
حكم مايو جاء في بداياته في لون (ماركسي شيوعي) وجعل برنامجه فكراً ماركسياً سعى لتطبيقه في الواقع العملي ، وكان ذلك أولى مؤشرات السقوط وقد كان في يوليو ١٩٧١ عندما حاول الحزب الشيوعي الاستيلاء على السلطة فانتهي به الأمر إلى الانتحار…بعدها خلا الجو لـ”نميري” الذي طوف تحول غرباً باتجاه أمريكا وحقق الكثير من المنجزات، لكنه في أواخر حكمه تنكر لأهم حلفائه الإسلاميين فخسر كل الشعب فسقط بالإجماع الشعبي!!.
*حكم الإنقاذ رغم أنه جاء على ظهر الدبابة ،إلا أنه اختار التوجه الإسلامي ،الذي جعله يواجه أخطر التحديات الداخلية والخارجية وما يزال، ولكن على أي حال فإن حكم الإنقاذ حقق من التنمية ما لم تشهده الأنظمة السابقة له..ولكن يبقى المحك استمرار التحديات ، فهل توفرت لها طرائق ومؤونة المواجهة؟!*
*البحث عن ورقة الحل*
___________________
*من خلال تعاقبية الأنظمة السياسية يتضح أنها جميعها وإلى اليوم ،عجزت عن الوصول (لوصفة الحل الجامع) الذي يؤسس للاستقرار السياسي، وهذا يعني وجود (مشكلة) لم يطالها البحث العلمي ولم توضع لها الأسئلة والفرضيات للوصول للأسباب الحقيقية لها؛ في سبيل كتابة الوصفة الناجعة أو على الأقل اكتشاف أهم إطار يمكن أن توضع داخله!!.
١/ما هي أهم أسباب التحولات السياسية ما بين الديمقراطية والعسكرية؟!.
٢/ ما هي تأثيرات النظريات المستوردة؟!
٣/ما هي تأثيرات الطائفية الدينية والسياسية؟!
٤/ما هي التحديات الخارجية؟!
٥/ما هي تأثيرات الحروب الأهلية؟!
٦/ما هو دور العامل الاقتصادي؟!
٧/تأثيرات الثقافة السودانية
*الإجابة العلمية الشافية الواقعية لكل هذه الأسئلة ،قد توصلنا لفك طلاسم المشكلة الوطنية المعقدة ومن ثم الوصول لكل أو بعض الدواء!!*
*أخفقت العسكرية الصرفة في توصيف الحالة السودانية عبر الدراسة التفصيلية لكل لواقع وتحديات وطموحات ورغبات البيئة الوطنية الداخلية، وأخفقت في تمحيص تأثيرات العوامل الخارجية على الداخل، ما يعني غياب إستراتيجية إدارة الحكم والاكتفاء بالاجتهادات العادية الآنية.
والديمقراطية حسبت لخصت الواقع الوطني في اكتساب الحرية فقط وجعلت منها خاتمة المطاف و(المائدة)التي توفر كل المطلوبات والحاجات الوطنية، فأضحى واقعها كمن يلبس هنداماً أنيقاً، وجيوبه خالية من ثمن الأكل والشرب والعلاج وبقية الاحتياجات!!.
*الآيدولوجية اليسارية حاولت سرقة الوطن لصالح أفكارها ولم تتذكر أن الجذور الدينية صعبة الاقتلاع، بل لا يمكن أن تتصالح وتجاور طفيليات الفكر المستورد..*
*التجربة الإسلامية الحالية نجحت في الانحياز لدين الأمة، لكنها عجزت عن صياغة مشروع وطني متكامل يتفق عليه الجميع ويوفر الحرية والرخاء في آن واحد ويحقق الشراكة الواسعة في الحكم، فرغم الاجتهادات في هذا المنحي من أطروحات الحوار والانفراج السياسي ، إلا أن بعض أخطاء الحكم في إدارة الدولة ومواردها واستمرار النزاعات المسلحة، وغياب الرؤية الاقتصادية الناجعة وازدياد الفقر، تظل كلها تحديات معوقة للوفاق الوطني وتلقي على عاتق الإسلاميين مضاعفة الجهد أكثر لمداواة الأخطاء وهذا ممكن، فقط لو توفرت الإرادة!!
*انتهى*