.. بعد أن ارتفعت تطلعات الناس بقرب انفراج أزمة السيولة التي تطاولت واستفحلت حتى صنعت تعقيداً كبيراً في حياة الجميع، يبدو أن هذه الأزمة الغريبة كحالة نادرة في الاقتصاديات الحديثة لدول العالم قد عادت الآن ومن جديد إلى نقطة الصفر، بعد الحديث عن إيقاف مد البنوك بالسيولة لضخها في صرافاتها الآلية وذلك استعداداً فيما يبدو لاعتماد تدبير جديد من السيد المبجل المدعو بنك السودان المركزي .. الفكرة الجديدة التي يتحدث عنها حتى العامة في مجالسهم الآن هي أن يتم توزيع هذه السيولة عبر نوافذ الصرف داخل البنوك مباشرة بمعنى أن يقوم كل عميل بصرف مبلغ محدد من رصيده في البنك الخاص به والذي فيه حسابه الخاص، وذلك بِما لا يتخطى سقفاً معيناً يتم إعلانه، وغالباً ما سيكون هو نفسه السقف المحدد عبر الصرافات الآلية. وللحق فهذه فكرة عملية مع تفشي ظاهرة امتهان البعض لهذا الدور الغريب بحيث يقومون إما ببيع دورهم لمن لا دور له أصلاً في صف الصراف الآلي، أو الوقوف مباشرة نيابة عنه، وقد يكون هذا هو بالفعل سبباً ضمن أسباب أخرى في استمرار ظاهرة شح السيولة رغم الضخ المتوالي للأموال في هذه الصرافات؛ وفقاً لما ظلت تعلنه السلطات المسئولة عن ذلك .. إلا أن السؤال هنا يتكرر .. هل سيفلح هذا ( التاكتيك ) الجديد في تجاوز مشكلة السيولة هذه، أم ستعود الأمور لحالتها مجدداً؟ وهذا السؤال مشروع بعد فشل المعالجة الأولى، لأن الذي وضع الأولى هو الذي يعتمد هذه الفكرة الجديدة .. والله يكون في عوننا ..