يطرح الشارع السوداني هذه الأيام سؤالاً مشروعاً ومهماً عن الآلية أو الكيفية التي يتم بها تكوين الحكومة واختيار وزرائها ،والتشكيلات السابقة شهدت تجاوزات تدخل في خانة الفضيحة والتاريخ يذكر كيف أنه تم اختيار وزير لوزارة مهمة وسيادية اكتشف لاحقاً أنه لا يحمل مؤهلات علمية كالتي ادعاها، وتم الاعتذار له وإبعاده عن المنصب، والتاريخ يذكر أنه تم إعلان اسم وزير آخر لوزارة مهمة جداً سرعان ما اعتذر الرجل عنها، وقال إنه لم يشاوره أحد وواضح أنه حتى لو تمت مشاورته ما كان له أن يوافق بحكم ولائه وانتمائه لمعسكر هو على اختلاف كامل مع معسكر الإنقاذ. والآن تتكرر ذات المسرحية الهزلية بذات السيناريو المضحك حتى بعد أن ظننا أن الأحداث والتحولات التي شهدتها الساحة السودانية الأيام الماضية والتي أكدت أن هناك وعياً كبيراً خاصة في أوساط الشباب والمواطنين. على وجه العموم يمكنها أن تغير من طريقة اللامبالاة التي تتعامل بها السلطة مع الشارع، وهي لا مبالاة تجسدت في هذه الاختيارات العشوائية التي تشبه خبط عشواء، لكن واضح أنه لا حياة لمن تنادي. والتشكيل الحكومي الأخير لم يخلُ من (مسخرة) جديدة ووزير الحكم الاتحادي الدكتور “بركات الحواتي” يرفض المشاركة في الحكومة ويتخلف عن أداء القسم بدون أسباب معلنة، تاركاً الباب موارباً للتكهنات والإشاعات. لكن الأكيد في الأمر أن الرجل خذل الحزب الذي ينتمي إليه بعدم الموافقة، وأوضح المرة الثالثة أن هذه الاختيارات تتم بطريقة (دفن الليل أب كراعاً بره) وهو ما يشيء بهشاشة وضعف الآلية التي يتم على أساسها تكوين الحكومات وهي هشاشة وضعف كفيل بأن يجعلها مترنحة وغير متوازنة، بل إنها غير قادرة على صناعة أي إنجاز يحسب لها أو يضع لها رقماً مميزاً في رصيدها.
وهاهو الآن اعتذار بركات يكشف عورة هذه التشكيلات المفخخة ويضع صناع القرار جميعهم في هذا الموقف الذي لا يحسدون عليه لكن المضحك أكثر أن بعض المؤيدين لحزب المؤتمر الوطني أو المعروفين بانحيازهم له من باب انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً برروا لاعتذار البروف “بركات” بطريقة (بركة الجات منك يا جامع) وقالوا إن الحواتي رجل متقدم في السن وإنه ليس مناسباً للمنصب وإنه مثل النشاز الوحيد في (هاومونية) الحكومة الجديدة وهو ما يجعلنا نسألهم أين كانت هذه المحاذير عندما تم اختياره أوعندما تمت الموافقة على اسمه ؟ ولنفترض أنه لم يعتذر وأدى القسم، هل كانت حتموت هذه الإفادات والشهادات التي اختلطت علينا ولا ندري إن كانت كلمة حق أو أنها كلمة باطل، والرجل سيمارس عمله ولن يجرؤ أحد على قول هذا الحديث طيب (النسألكم سؤال تاني كم واحد وجد نفسه مستوزراً من غير أي مقدمات، ولبد ومارس مهامه وكان الفشل حليفه وحتى لحظة تركه الوزارة ظل مهجوماً ومستغرباً كيف أنه تم اختياره لكن أهو رزق ساقه الله إليه؟).
للأسف هكذا تدار الأمور في بلادنا بمنتهي العشوائية والتخبط لا أحد يستفيد من دروس الماضي ولا محاضرات الحاضر. ونظل نكرر ذات الأخطاء، ونمارس ذات الفشل، لا أحد يتعلم، ولا أحد يفهم، لا أحد يخجل أو يختشى والله غالب.
كلمة عزيزة
أمس تم تشكيل حكومة ولاية الخرطوم بتغيير محدود جداً جداً، لكن لفت نظري تعيين أحد لواءات الشرطة معتمداً لـ(بحري) وهو اللواء “عثمان الكباشي” ولعل (بحري) هذه ظلت لسنوات مظلومة ظلم الحسن والحسين ولم يستطع أيّ من الذين تعاقبوا عليها أن يقدم لأهلها مشروعاً تنموياً أو خدمياً يلتفون حوله
والآن كل أشواق أهل (بحري) تتجه للقادم الجديد الذي أخشى عليه من مقصلة الاستقطاب السياسي وشخوص بعينهم كانوا يتباهون بنفوذهم في حزب المؤتمر الوطني، ويحجمون حراكهم ويضبحون لهم القطة بعد أدائهم القسم مباشرة فهل ينهي رجل البوليس هذه السطوة؟
كلمة أعز
ما يحدث من تنمر بين السودانيين في الخارج سلوك جديد لا يشبهنا وإشارة لتحول كبير في الشخصية السودانية، نتائجه ستكون وخيمة على المشهد الاجتماعي والإنساني والسياسي