عصيان (المهنيين) .. بلا أدوات ! وسحب فئة الـ(50) .. ومكالمة المحافظ
1
دخول (تجمع المهنيين) المعارض والقوى السياسية الموقعة على ميثاقه في مغامرة جديدة للعصيان المدني ، يهز كثيراً ما تحقق لهذا الكيان ذي القيادة المتخفية ، ويضرب كل ما تحقق للساحة السياسية من مكاسب انفتاح نحو ديمقراطية رابعة كاملة الدسم .
لو استمر الإمام “الصادق المهدي” زعيم قوى (نداء السودان) ورئيس حزب الأمة القومي ، والأستاذ “فاروق أبوعيسى” رئيس تحالف (قوى الإجماع الوطني) يسيران خلف هذا (التجمع) الشبابي فاقد القيادة السياسية ، فإنهما بالتأكيد يهدران على الشعب السوداني فرصة تاريخية عظيمة لقطف ثمار حراك الشهور الثلاثة الماضية ، وصولاً لآمال وتطلعات الأغلبية الصامتة في التحول السياسي مع ضمان استدامة الأمن والاستقرار .
تجمع المهنيين لا يملك أدوات للعصيان المدني ، وبالتالي فإن فشل العصيان المعلن اليوم (الأربعاء) مؤكد بنسبة كبيرة ، وهذا في حد ذاته يكشف أن (التجمع) لا يمثل الغالبية العظمى في قطاعات (المهنيين السودانيين) ، ولو كان يمثلهم لتوقف نبض الحياة تماماً في إضراب الأسبوع الماضي ، وفي عصيان نوفمبر 2016 .
هذا (التجمع) وقوى التغيير المتحالفة معه ، حالهم حال لاعب كرة قدم توغل داخل (خط ستة) ثم وضع الكرة خارج المرمى !
حراك الأسابيع الأربعة الأولى كان استعراضاً كافياً للقدرات ، ومقنعاً للحكومة لتقديم التنازلات المطلوبة ، وقد كان .
الإصرار على السير في ذات الطريق بالتظاهر والعصيان ، في ظل تراجع الشعب عن التفاعل مع هذه الاحتجاجات ، حماقة سياسية تنم عن ضعف الخبرة وقلة التجربة .
2
يوم (29) يناير الماضي ، أي قبل شهر ونصف الشهر ، كتبتُ مقالاً هنا تحت عنوان (استبدال فئة الـ(50) جنيهاً ضرورة) ، طالبتُ فيه بنك السودان المركزي بسحب فئة الخمسين جنيهاً (القديمة)، وهي تمثل حسب أحد خبراء الاقتصاد نسبة (80%) من حجم السيولة المتداولة بين المواطنين والمخزنة خارج النظام المصرفي .
هاتفني يومها محافظ البنك المركزي السابق الرجل المهذب السيد “محمد خير الزبير” ، وأكد لي أنهم مقتنعون تماماً بهذه الفكرة (سحب الفئة القديمة من الخمسين) ، ولكنها (الخطة ب) .. قالها لي بالانجليزية ( Plan B) . قلت له : فلتكن (الخطة أ) يا سيادة المحافظ ، لأنكم تهدرون أموالاً طائلة ، وأهدرتم بالفعل ، وبالنقد الأجنبي ، ملايين الدولارات على طباعة العملة الجديدة من فئتي الـ(100) و الـ(200) جنيه . قال لي : سنمضي في خطة طرح فئتي الـ(100) و(200) ، فإذا لم تنجح في توفير السيولة ، سنسحب فئة الـ(50)جنيهاً .
تكتمتُ على المحادثة في حينها ، لم أسارع بها إلى الصفحة الأولى كخبر وتصريح خاص من المحافظ ، لم أشر إلى المعلومة هنا في العمود ، مع أن السيد المحافظ لم يطلب مني عدم النشر ، ولكنها تقديرات مني للطريقة التي أخدم بها قضايا الوطن دون إثارة و(بروباغندا) .
الآن .. وبعد أن أعلن المحافظ الجديد (نائب المحافظ السابق) السيد “حسين جنقول” اعتماد البنك المركزي لفكرة سحب الخمسين القديمة ، وتنفيذها قريباً ، فإنني أرجو أن يتم تطبيقها ، وفق رؤية محددة تخدم الغرض الأساسي ، لا أن يمضي البنك في السحب والطباعة بطريقة تقليدية .
في ظني .. لو نفذ “محمد خير الزبير” بموافقة رئيس الوزراء السابق “معتز موسى” مقترح سحب الخمسين ، قبل شهرين ، لما تم حل الحكومة ، ولما ذهب “معتز” و”الزبير” ، فأزمة السيولة في رأيي هي السبب الأساسي لاندلاع الاحتجاجات بعد أزمة الخبز ، وهي التي أطالت أمد المظاهرات ، فتحولت إلى أزمة سياسية مُستفحِلة .